تعرضنا في مقال الأسبوع الماضي لفكرة اختبار اليورو كعملة موحدة وأثر ذلك علي دول منطقة هذه العملة, ومما لا شك فيه أن العطب الذي يصيب أي نظام إقتصادي في منطقة ما لابد وأن ينتقل بدرجات مختلفة لباقي دول العالم طبقا لنظرية الأواني المستطرقة. وهو في حد ذاته ما يتطلب فحصا دقيقا من خبراء الإقتصاد علي مستوي العالم لإعادة النظر في فكرة الإقتصاد العالمي الموحد, وبحيث يمكن بناء أنظمة وقائية تمنع إنتقال أثر الكوارث المالية من منطقة لأخري. وفي الوقت الذي أكد فيه خبراء دوليون إمكانية تأثير أزمة الديون الأوربية علي منطقة الشرق الأوسط عبر تأثيرها علي حجم الطلب الأوروبي علي النفط العربي جائت تصريحات أخيرة لخالد الفالح الرئيس التنفيذي لواحدة من كبريات شركات النفط السعودية أكد فيها أن التباطؤ المحتمل في الاقتصاد العالمي لن يحد من الطلب علي النفط. في ذات الوقت قلل مصرفيون مصريون من أن يكون لتراجع قيمة اليورو عالميا أثر كبير علي الإحتياطي المصري من النقد الأجنبي حيث يتكون هذا الإحتياطي من سلة عملات تتغير أوزانها وتدار بحكمة من البنك المركزي المصري. ولكن في ذات الوقت قد يؤثر تحرك اليورو علي القيمة التنافسية للصادرات المصرية لأوروبا بسبب تراجع محتمل لقيمة اليورو وفي المقابل قد يزيد من حجم الواردات المصرية من أوروبا. المشكلة تكمن في أن كتلة الإتحاد الأوروبي تستأثر بنسبة كبيرة من حجم التجارة مع العالم والمنطقة العربية علي وجه الخصوص, إضافة لذلك يعد أي تدخل من البنك المركزي الأوروبي بطبع نقود من عملة اليورو وضخها لحل أزمة الديون الأوروبية بمثابة مسكن قصير الأمد لن يحل الأزمة ولكنه سيغرق أوروبا والعالم في موجة جديدة من التضخم. أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية التي تقود عملية إصلاح واسعة للخروج من الأزمة عبر إعادة النظر في بعض قواعد معاهدة برشلونة التي تضع قواعد المؤسسات الأوروبية قد تتعارض خططها مع مصالح دول أوخري مثل بريطانيا التي تسعي للحصول علي ضمانات لحماية سوق المال بلندن من تشريع أوروبي محتمل يفرض ضريبة علي التعاملات المالية بأسواق المال الأوروبية. وهذا التوجه البريطاني لب حوار ميركل وديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني في محاولة لتقريب وجهات النظر. الحوار الأوروبي الداخلي, وقدرة الدول الكبري في الإتحاد علي عبور المصالح الوطنية الضيقة سيكون له دور كبير في تقرير مستقبل كتلة إقتصادية مهمة وهي أوروبا تضررت إقتصاداتها كثيرا من طموحاتها للتحول لكتلة سياسية, والمشكلة أن العالم سيدفع ثمن فاتورة هذا الطموح. المزيد من أعمدة نجلاء ذكري