كل التحليلات والتقارير الاقتصادية تؤكد ارتباط الاقتصاديات العالمية بعضها ببعض وفقاً لنظرية »الأواني المستطرقة« التي تجلعها تتأثر بأي تطورات تمس أيا منها . ووفقاً لهذه النظرية فقد كان متوقعاً ان تمتد آثار المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد الامريكي فيما يتعلق بديون الموازنة الامريكية الي منطقة اليورو الاوروبية علي ضوء الأزمات المتتالية التي يتعرض لها العديد من دول هذا التجمع. يعود ذلك الي غياب الانضباط في الانفاق وحالة الانكماش التي يعاني منها الاقتصاد العالمي بالاضافة الي سوء الادارة في عمليات الاقراض بالبنوك وتحملها مصاريف باهظة تتمثل في المكافآت الهائلة. وفي الآونة الأخيرة تصاعدت أزمة »اليورو« الذي كان يعاني من التخمة كعملة قوية انتكاساً لأزمة الديون وهو ما ادي الي حالة من التذبذب بالنسبة لسعره تجاه الدولار والفرنك السويسري وتحت تأثير هبوط أسعار الأسهم في البورصات نتيجة انخفاض معدلات الأداء الاقتصادي والصناعي وازدياد أخطار أزمة ديون دولة مثل اليونان وارتفاع روشتة مواجهتها الي اكثر من 003 مليار »يورو« اخذت العملة الأوروبية تميل في الأيام الأخيرة الي الانخفاض الحاد وزاد من تفاقم المشكلة تردد الأنباء عن وجود مؤشرات إعلان افلاس اليونان وبالتالي انسحابها من منطقة »اليورو«. هذا الأمر دعا الي عقد اجتماعات عاجلة لاحتواء الموقف تجنباً للانتكاسات السلبية علي مستقبل هذا التجمع الاقتصادي التاريخي الذي كان من انجازاته الاقتراب من الوحدة السياسية الأوروبية المأمولة. إن الدول الأوروبية الكبري مثل ألمانياوفرنسا هي الأكثر استفادة سياسياً من هذه الوحدة الاقتصادية التي قد تكون لا تحقق لهم اي استفادة اقتصادية وانما تحملها أعباء مالية أكثر. في هذا الاطار كان من الطبيعي ان تكون هاتان الدولتان أكثر قلقاً من تأثير هذه التطورات علي استمرار منطقة »اليورو« . تمثل ذلك في التصريحات الصادرة عن المستشارة الألمانية ميركل والتي طالبت فيها بضرورة العمل بكل الوسائل من اجل تفادي افلاس دولة اليونان محذرة من ان هذا الخطر سوف يطول بعد ذلك جميع اعضاء منطقة »اليورو«. في نفس الوقت ذكرت التقارير الصادرة عن باريس ان مستقبل الاتحاد الأوروبي معلق حالياً علي مصير »اليورو«. واشار وزير خارجيتها جوبيه الي ان فرنساوألمانيا ملتزمتان بالحيلولة دون انهيار »اليورو« يعني انهيار هذا الاتحاد وبالتالي سوف تفقد اوروبا قدرتها علي التأثير الايجابي علي الساحة السياسية العالمية. وقد ادت ازمة الديون وتأثيراتها السلبية علي اقتصاديات الاتحاد الاوروبي الي خلافات في الرأي بين وزراء مالية الاتحاد الأوروبي اثناء الاجتماع الذي عقد مؤخرا في بولندا لبحث الازمة . أدي ذلك الي فشل الوصول الي قرار موحد لمعالجة الموقف . كان بعض الوزراء قد طالبوا بسرعة تطبيق الخطة الثانية لمساعدة اليونان في مواجهة الاقتصاد وقدرها 061 مليار يورو ولكن توقفت الاجراءات بسبب عدم التوصل الي حل لمشكلة الضمانات المطلوبة وقد اظهرت الازمات التي تواجه اتحاد »اليورو« تبايناً في الاداء الاقتصادي بين دوله حيث وصل الدين الاسباني علي سبيل المثال الي اعلي مستوياته بينما حقق الاقتصاد الألماني القومي ادني معدلات العجز. وسط هذا الشعور بالتشاؤم الذي يسود الأوساط الاقتصادية في أوروبا والذي امتدت آثاره الي كل العالم ظهر اتجاه قوي بالاتجاه الي طرح سندات أوروبية لتوفير السيولة اللازمة لانقاذ اليونان من الافلاس نتيجة الديون ويري الخبراء ان طريق التعافي الأوروبي من الازمات الاقتصادية طويل وشاق ويحتاج الي جهود كبيرة وتضحيات ثقيلة. وكما هو معروف فقد تسلمت اليونان 35 مليار يورو في الفترة من مايو 0102 حتي مارس 1102 وتبقي 75 مليار يورو لاستكمال المرحلة الأولي من عملية الانقاذ . صعوبة المواجهة تجسدت في تعقيدات المشكلة بعد أن أصبحت سياسية واجتماعية داخل هذه الدولة . حدث هذا نتيجة سياسة التقشف والانكماش التي فرضت عليها من اجل مساعدتها علي الخروج من الازمة وكشرط لتقديم حزم المساعدات الأوروبية. الشيء المؤكد حالياً هو ان تصاعد أزمة ديون اليونان بالاضافة الي المعاناة الاقتصادية لكل من اسبانيا وايطاليا أصبحت تمثل خطراً كبيراً يحمل تهديداً حقيقياً بانفصام عقد الاتحاد الأوروبي.