بينما نزداد انهماكاً فى فنون المعارضة – إذ أصبح الكل يعارض الكل للمعارضة ليس إلا، ولا تلوح فى الأفق بادرة أمل واحدة، فى توافق - خرج علينا تقرير الأممالمتحدة للتنمية البشرية هذا الشهر ليصفعنا على قفانا – لعلنا نفيق وندرك ما ينتظرنا فى المستقبل، إن ظل أداؤنا على نفس الوتيرة التى نتبعها، واللغط والجدل الذى ننام ونصحو عليه ملازما لنا، تلك السلوكيات الخاطئة والبرامج الفاشلة التى اتبعناها لتنمية شعوبنا وأدت إلى تأخرنا وانعدام الأمن والأمان للفئات الضعيفة من المجتمع وعلى كافة الأصعدة الاقتصادية والبيئية والسياسية والأمنية لنصبح رقم 112 من 160 دولة شملها التقرير وترتفع معدلات البطالة لنتصدر قائمة العاطلين بعد فلسطين، وإن كان للأخيرة عذرها. وإن لم نتدارك ونصلح أحوالنا بنفس حماسنا فيما يخص المليونيات والمعارضات، والكرة فسوف تتوالى علينا الأصفار عاما بعد عام، حتى نسقط من حسبان العالم المتمدين ويطوينا النسيان، وأن لم نع أن هناك فرقا ونخباً ومجموعات أخرى تستحق أن نشجعها ونقف وراءها ونفرد لها صفحات فى جرائدنا ونخصص لها ساعات كثيرة فى برامجنا المسموعة والمرئية ونبحث لها عن راع يرعى المشاركين فى تدريبها، وتهيئتها للفوز والعودة إلى ساحة الدول العاملة المتقدمة بعد أن خرجنا من مونديال المنافسة على الاكتفاء وعدم الحوجة وألا نصبح أسرى الإنعام من الغير إن شاء أعطى وإن شاء منع، فنحن يا سادة – ولا يخفى على أحد فى وقتنا هذا الذى أصبح العالم كله قرية صغيرة إذا اشتكى منها بيت فى أحد الأطراف سمع الشكاية آخر بيت على الطرف الآخر - قد هزمنا فى شئون كثيرة لا فى الأمن والمرأة والعمل وحقوق الإنسان فقط، ففى القمح – مثلا - الذى تغنى موسيقارنا الكبير عبد الوهاب بليلة حصاده وقال : القمح الليلة ليلة عيده... يا رب تبارك وتزيده.. أصبحنا نستورده وتقدمت علينا دول شقيقة فاكتفت منه ذاتيا بالرغم من أن أراضيها صحراوية ولا يوجد بها نيل أو فرات والقطن وما أدراك ما القطن أيام ما لم يكن هناك على الحجر فى العالم كله، إلا المصرى، فها هى دولة أخرى شقيقة أصبحت ثانى أكبر دولة فى العالم مصدرة للقطن، بعد أستراليا ومن أوائل الدول فى إنتاج النوع الملون منه، وبخبرة أبنائها بالرغم من اعتمادها على المطر فى رى أراضيها ولا تملك مناخا مستقرا كذلك الذى نتمتع به فى مصر ثم إن الجنيه المصرى الذى كان فى يوم من الأيام يساوى الجنيه الذهب، ويتبقى منه ثلاثة قروش وما أدراكم ما قيمة هذه القروش فى زمن كان آباؤنا يضربون فيه المثل بالقرش الأبيض الذى كان ينفع فى اليوم الأسود فأصبح هو الآخر فى أيامنا هذه لا يساوى شيئا وصرنا نشترى بالورقة (أم ميتين) يدوب كيلو ونصف لحمة؟؟ ومن سنوات قليلة تعد على أصابع اليد الواحدة كنا نسخر من جنيه دولة شقيقه ملاصقة لنا وتشرب من نفس الماء الذى نشربه بعد أن كان لا يشترى حبة سودانى واحدة فأصبح الآن يساوى كيلو بالتمام والكمال أفلا نعتبر هذه هزيمة أخرى خارج نطاق تقارير الأممالمتحدة، تستحق حشد الحشود، وتشجيع الجهود، وتجميع الفهود والأسود للخروج منها بسلام، إن لم يكن لرفاهتنا نحن الذين تعذبنا وشقينا فى طفولتنا وشبابنا ومازلنا نتعذب فى كهولتنا فعلى الأقل لضمان غد مشرق وحياة كريمة لأولادنا عندما يصيرون فى مثل أعمارنا؟؟