الأحداث التى يشاهدها المصريون الآن، ذكرتنى بآخر لافتة ظهرت فى المشهد الأخير من فيلم "أرض النفاق" لفؤاد المهندس، والتى كان مكتوبا عليها "مغلق لعدم وجود أخلاق " ، لأن هذه اللافتة يجب أن ترفع أمام الساسة المصريين الآن "فالوطن الآن مغلق فى وجوههم"، فهم الذين اجتمعوا على إزالة النظام المستبد واتفقوا على إحلال الفوضى مكانه، وكأنهم كانوا يقصدون بعبارة "الشعب يريد إسقاط النظام" وهى العبارة المشهورة أثناء الثورة، بإزاحة النظام وإحلال الفوضى، عن قصد أو غير قصد، فالواقع الآن يقول إنهم ضد النظام الذى طالبوا به وهو تداول السلطة عبر صندوق الانتخابات، هذا من جانب من يستخدمون العنف للوصول إلى أهدافهم، وهى جبهة الإغراق أو كما تسمى نفسها جبهة الإنقاذ، أما على جانب الرئاسة، فأقول إن أرسطو له كلمة مشهورة "علينا أن نحرر أنفسنا من الأمل بأن البحر يوما سيهدأ، بل علينا أن نتعلم الإبحار وسط الرياح العاتية". جميع الأطراف خسروا تعاطف الأغلبية العظمى من الشعب، فى تقديرى، لأنهم أصابوا الشعب بالإحباط فى الإصلاح وإقامة دولة ديمقراطية لتحقق مطالب الثورة التى أكدوا أنها كانت شعارات تم رفعها ليكسبوا بها تعاطف البسطاء، إن السياسة الميكافيلية العفنة التى ثاروا عليها، ها هم الآن يطبقونها، فها هو شعار السياسة الميكافيلية يعود من جديد عاليا خفاقا يرفرف برايته السوداء الكئيبة "الغاية تبرر الوسيلة" فمن أجل الوصول للمنصب وتحقيق المكاسب السياسية، يجب أن تنحى الأخلاق جانبا، بل ينحى القانون جانبا ونسلك سبيلا آخر. والآن ليس أمام البسطاء إلا خيار آخر وهو أن يلفظ كل السياسيين ويطلب خيارا آخر وهو أن يطلب أن يعود كما كان، لأن الوضع الحالى يمثل كابوسا مميتا لهم، زاد من معاناتهم بينما السياسيون يتاجرون بآلامهم وآمالهم.