على عتبة داره العتيق، وقف الريس سيف شارد بجلبابه الفضفاض وابتسامة مضيئة ارتسمت على وجهه شديد الطيبة، نحت عليه عمره الذى يقارب السبعين، مرحباً كعادته بضيوفه، ورفض أن يجيب عن أسئلتنا، التى كانت تتسرب لندفعه بالبوح بأسراره كأحد أهم رؤساء العمال فى البعثات العاملة فى مجال التنقيب عن الآثار فى الصعيد، قبل أن يمارس كرم الصعايدة المعهود مع ضيوفهم ، الريس سيف شارد يكشف لليوم السابع أسرار الاكتشافات الأثرية التى شارك فيها وحقيقة لعنة الفراعنة والرصد. كيف كانت بداية عملك فى مجال التنقيب؟ عملت مع والدى الريس شارد من سن 13 عاماً بمنطقة آثار الكاب بإدفو حتى سن ال20 وكان معى أخوتى، الريس كمال شارد والريس أنور شارد، بعد سن العشرين، عملت بهيئة الآثار بطريق الكباش كفنى حفائر لمدة 10 سنوات، بعدها صدر لى قرار من هيئة الآثار للعمل كرئيس حفائر ثم انتقلت للعمل بالهرم عام 1965، وفى هذه الفترة كنت أنتقل للعمل إلى عين شمس بعرب الحصن بالمطريه لمدة 10 سنوات، وبعد خروجى على المعاش، التحقت بالعمل مع البعثات الأجنبية وأعمل معها حتى الآن، وكانت أول بعثة عملت معها هي البعثة الأمريكية بالفواخير بالقصير، ثم عملت مع البعثة البلجيكية لمدة 3 سنوات، وعملت مع البعثة الإيطالية والبولندية والفرنسية. ما أهم المواقف الصعبة والمفارقات التى تعرضت لها أثناء العمل؟ فى منطقة أبو روّاش كان هناك حوالي 7 آبار أثرية تم الكشف عنها، طلبوا منى تنظيف إحدى هذه الآبار، فتدليت بالحبل لعمل المهمة، وقبل الوصول إلى آخر البئر، فوجئت بثعبان ضخم لم أرَ مثيله فى حياتى فقمت بالخروج مسرعاً ومفزوعاً، وتم التوقف عن العمل فى هذه البئر، وأيضاً أثناء العمل فى كوم أمبو قمنا بعمل مجسات هناك لعمل شارع فوجدنا غرفاً كثيرة بداخلها مومياوات وآثار رومانية وليلاً فوجئنا بأهل البلد بالهجوم علينا، والاستيلاء عل إحدى المومياوات، فتشابكنا معهم، وبعد الانتهاء من المعركه تبين لنا أن أحد أهل البلد يريد إحدى المومياوات، لأن زوجته لا تنجب ويريدها أن تتخطى هذه المومياء، وصارت بعد ذلك بيننا وبين أهل البلد صداقة عميقة. هل أنت متأكد أن الذى رأيته كان ثعباناً أم أنها لعنة الفراعنة التى تشغل الجميع؟ لا، إنه ثعبان ضخم وحقيق، أما عن لعنة الفراعنة، فحكايتها ترجع إلى اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون والمفارقات الكثيرة التى حدثت مع هذا الاكتشاف، أما نحن فنعمل فى أماكن كثيرة ،ولم نتعرض لأى أذى. ما أهم الاكتشافات الأثرية التى شاركت بها؟ فى منطقة تسمى كفور الرمل وجدنا أكثر من 10 غرف تحت الرمال، عرض الغرفة 2 متر وطولها 3 أمتار، بداخلها عملات رومانية وخواتم ونجوم ذهبية والعديد من المومياوات والفخار وميناء لتصنيع المراكب الكبيرة قديماً، وفي منطقة وادي جواسيس بسفاجا، وجدنا الهلب المصنوع من الجرانيت والحبال التى تزن أكثر من 2 طن، والتى كانت تستخدم فى المراكب، وما زال العمل جارياً حتى الآن بالموقع، كذلك فى الفواخير وجدنا أفراناً والعديد من الفخار، وفى الإسكندرية وجدنا تيجان الأعمدة الخاصة بإحدى الكنائس القديمة. هل هناك وجود لما يسمى بالرصد " الجن " الذى يحرس مقابر الفراعنة؟ كلام كاذب وليس له أى أساس من الصحة، وليس هناك أى طريقة أخرى غير الطرق العلمية المعروفة لاستخراج الآثار. المعتقد الشعبى يقول إن هناك أشخاصاً لديهم القدرة على استخراج الكنوز .. ما رأيك؟ إن هؤلاء لصوص آثار، ويريدون الثراء الفاحش، ويعملون فى الخفاء ،ويخشون أى شىء، ويقومون بهذا العمل دون تصريح من هيئة الآثار أو تحت إشرافها، ويعملون دون أى خبرة علمية، وينقبون فى الأماكن التى تم العمل فيها من قبل، ولا أعتقد أن هناك مشايخ يقومون باستخراج الآثار من باطن الأرض، فى إحدى المرات ذهب شخص من بلدنا لشراء بخور من طنطا بقيمة 35 ألف جنيه بناء على طلب أحد المشايخ الذى أوهمه بقدرته على استخراج الآثار وأخذ هذا الشيخ الوهمى الأموال وهرب.