تمر مؤسستنا العريقة "الأهرام" بأزمة تعد هى الأخطر فى تاريخيها الطويل، وليست هذه الأزمة كما يحاول البعض أن يختزلها عن عمد أو غفلة هى القرار الأخير المتعلق بالعمل خارج الأهرام فهذا فقط هو الجزء الصغير الطافى من جبل المشكلات الهائل الكامن من أعماق المؤسسة إن هذا القرار يجمع ويلخص الأبعاد المتعددة لأزمة الأهرام الحقيقية كما يدركها ويعيشها يومياً كل أبنائه وبخاصة الصحفيون منهم وأهمها: وانتقد صحفيون من أجل الأهرام غياب العدالة فى توزيع الحوافز والأرباح وتدنى مرتبات ودخول الصحفيين فيه، مما وضعهم فى قاع سلم الدخول المهنية فى مصر، واضطر الكثيرين منهم إلى السعى بحثاً عن الرزق خارج الأهرام لاستكمال المتطلبات الأساسية لهم ولأسرهم إن حل مشكلة التفاوت الهائل فى الدخول فى الأهرام بصورة جذرية بما يتفق مع معايير العادلة الحقيقية ويحفظ كرامة أبنائه وبخاصة الصحفيين هو المدخل الرئيسى لأى إصلاح جاد وحقيقى لأزمة الأهرام الخطيرة الحالية. وحتى يكون هذا الحل حقيقياً فلابد أن يتسم بالشفافية وأن تلتزم إدارة الأهرام بإعلان المعلومات الدقيقة حول دخول كافة المسئولين الكبار فى المؤسسة بدءاً من رئيس مجلس الإدارة ومساعديه ومديرى الإدارات ورؤساء التحرير، حتى تظهر الحقيقة وتبدو الفجوات الهائلة بينها وبين دخول الغالبية العظمى من أبناء الأهرام. إن الإصلاح الحقيقى للأوضاع المالية فى المؤسسة ليس مجرد تصريحات مكررة حول تسديد ديونها أو تقليل نفقاتها بل هو إصلاح أوضاع العاملين بها وخصوصاً الصحفيين إصلاحاً ملموساً يعيشونه وأسرهم بأنفسهم وليس عبر البيانات الدعائية على لوحات الإعلانات أو عبر الصحف. ثانياً: البعد الثانى للأزمة يمس جوهر وجود مؤسسة الأهرام كدار صحفية هى الأقدم والأعرق فى الشرق كله فكلنا يعرف النتائج المزرية المؤسفة التى أوصلتنا أليها السياسات الإدارية الاستبدادية والتحريرية الخاطئة سواء على صعيد تراجع توزيع إصدارات الأهرام أو على صعيد تدنى مستواها المهنى وقدرتها على المنافسة أو على صعيد هيمنة الإعلان على التحرير بما جعله هذه الإصدارات وخصوصاً الأهرام اليومى تعسفية مفاجئة وإنما بإعادة النظر جذرياً فى السياسات التحريرية الحالية بما يعيد الاعتبار للأهرام كمؤسسة صحفية وليست كشركة للإعلانات التى يجب ان تكن فى خدمة التحرير، وليس العكس ولا شك ان لدى الأهرام مخزوناً هائلاً من الطاقات الصحفية التى يجب أن تشارك فى وضع السياسات التحريرية الجديدة سواء من أبنائه الحاليين أو من استاتذته الكبار الذين تتفنن الادارة الحالية فى تفريغ المؤسسة منهم، علماً بأن قيمة الأهرام استمدها من تنوعه الثقافى والسياسى والذى كان يعكس كل أطياف المجتمع المصرى والعربى وليس اختزاله فى حزب أو شخص أو جماعة. ثالثاً: يتمثل البعد الرابع للأزمة فى انفراد رئيس مجلس الإدارة بإصدار كافة القرارات الكبيرة والصغيرة بصورة لا تليق بمنصبه والمهام المنوط به القيام بها بنفسه، وتتعارض مع وجود إدارات متخصصة فى الأهرام ومن أمثلة هذا الانفراد الفجة انه على خلاف ما يقرره قانون الصحافة نصاً بالمد للزملاء الصحفيين البالغين سن الستين عاماً فعام حتى بلوغهم الخامسة والتين يتعمد رئيس مجلس الإدارة ان تتراوح فترات المد بين ثلاثة إلى ستة شهور على الأكثر كوسيلة منه لإذلال زملاء كرام افنوا عمرهم فى خدمة المؤسسة . كذلك فإن رئيس مجلس الإدارة يستحوذ بمفرده على سلطة إصدار قرارات العلاج للعاملين بمعزل عن التقارير الطبية المتعمدة والتى من المفترض ان تكون المعيار الوحيد لصدورها بما يجعل صحة الزملاء وحياتهم رهناً بالهوى والانحيازات الشخصية ايضاً. فإن رئيس مجلس الإدارة يمارس انتقائية غير محدودة فى أصدار قرارات بدل السفر الخارجية للزملاء المسافرين فى مهام صحفية ويخضعها لمعايير لا يعلمها احد سواه بالمخالفة للائحة الخاصة بالسفر المعمول بها فى الأهرام ووصل الانفراد إلى درجة تدخل رئيس مجلس الإدارة شخصياً فى توزيع المكاتب الشاغرة بالمؤسسة واصراره على ان يظل محتفظاً بأكثر من عشرين مكتباً مغلقًاً فى انتظار من يرضى عنه حتى يمنحه واحداً منها. رابعاً: فى الوقت الذى يتوجب فيه على المؤسسة الاستعانة بالعقول الشابة الموهوبة التى تليق باسم الأهرام نجد أن التعيينات وعلى الأخص فى إدارة التحرير اقتصرت فقط على المجاملات الفجة ومعايير القرابة لكبار المسئولين دون غيرها، بما يعنى عملياً استفحال الأزمة وليس حلها. وفى الوقت الذى افنى فيه زملاء صحفيون أعمارهم فى خدمة الأهرام نجد ان الإدارة ترفض بإصرار تعيين أبنائهم المؤهلين الموهوبين فى الوقت الذى تعين فيه أقارب لكبار مسئوليها ليس لديهم لا التأهيل ولا الموهبة بل وتجاوز بعضهم سن الشباب بسنين عديدة. إلى جانب ذلك فلدينا فى المؤسسة طابور طويل من الشباب الموهوب قضى بعضهم فيها سنوات تقارب العشر دون ان يحظوا بما حظى به أقارب كبار مسئولى الإدارة المتعسفة. إن الحل الوحيد لهذه الأزمة هو التطبيق العادل للائحة الأهرام فيما يخص ابناء العاملين، وتحديد معايير مهنية شفافة فيما يخص كافة التعيينات الجديدة. خامساً: وفى النهاية يأتى بالعد الخامس لأزمة الأهرام الكبيرة والذى لخص وجمع ابعادها المختلفة وهو قرار رئيس مجلس الإدارة بمنع الصحفيين من اداء اى عمل اعلامى خارج الأهرام والغريب ان يصدر هذا القرار عمن سبق أن رأس تحرير احدى الصحف الرياضية لسنوات طويلة كان خلالها يحرر صفحة رياضية بالأهرام ويجلس بجانبه اليوم فى مجلس الإدارة بعض كبار مسئولى الإعلانات والإدارة الذين يملكون ويديرون شركات خاصة بهم تتنافس بل وتضر بمصالح الأهرام المالية ولم يشعر حينها ولا اليوم بخطر الازدواج الذى يرفعه اليوم كحجة لقراره و الحل الوحيد لهذه القضية هو اصدار قرار فورى ممن اصدر القرار السابق بإيقافه مؤقتاً وإلغاء كافة الإجراءات الإدارية والمالية والمهنية التى ترتب عليه فى حق الزملاء وإحالته إلى مجلس الدولة للتحقق من دستوريته وقانونيته. والمفارقة الأكبر ان كل ما سبق ذكره من قرارات وتصرفات فاقمت من ازمة الأهرام الأخطر فى تاريخه الطويل، قد صدرت عن قيادة ادارية انتهت ولايتها القانونية منذ 6 فبراير 2008، وليس لها من صلاحيات حسب القانون سوى ما للموظف الفعلى من مهام تسيير العمل العادى دون اتخاذ قرارات جوهرية أو توقع اضراراً بأى من العاملين فى المؤسسة. تطبيق القانون الذى يقام بتشريعه بما يحفظ له هيبته ولمؤسسات الصحافة القومية استقرارها. وفى النهاية نعاود التأكيد على ان الانتماء للأهرام ليس مجرد تصريحات وشعارات تطلق للحفاظ على المناصب والمصالح، بل هو عمل جاد دءوب ومخلص لإنقاذه من ازمته الخطيرة وإصلاحه بصورة حقيقية وليست مفتعلة وصورية. وهذا الطرح يمثل مشروعاً مهنياً تفتقده المؤسسة فى الظروف الراهنة وكل الزملاء المشاركون هدفهم الأساسى هدف مهنى بدون اية انتماءات أو تحيزات سياسية وهذا المشروع المهنى يستلزم من ابناء الأهرام وفى مقدمتهم الصحفيون ان يقفوا وقفة واحدة مصممة على الاصلاح الحقيقى وهو ما نبدأه (معاً من اجل الأهرام) فى وقفة الصحفيين الاحتجاجية بمدخل مبنى الأهرام الرئيسى يوم الاحد 8 مارس 2009 الساعة الواحدة ظهراً. التوقيع (صحفيون من اجل الأهرام)