علقت صحيفة "الإندبندنت البريطانية" فى افتتاحيتها اليوم الاثنين، على الحكم الصادر بحق الرئيس السابق حسنى مبارك بالسجن المؤبد، وقالت تحت عنوان "الظلام بدأ يحل على الربيع المصرى" إن هذا الحكم لم يكن ليأتى فى توقيت أسوأ من هذا. فحالة السخط كانت موجودة فى مصر بالفعل قبل الانتهاء من محاكمة الديكاتور السابق، وعلى الرغم من أن الهدف كان وضع خط تحت الماضى وتنظيف الهواء لأول انتخابات رئاسية منذ سقوط النظام قبل 16 شهرا، إلا أن الحكم بدلا من ذلك لم يؤد إلا إلى إضفاء شعور بأن الثورة التى جاءت بشق الأنفس تنزلق بعيدا. وتابع الصحيفة: ربما كان القاضى أحمد رفعت محقا فيما قاله فى الاحتفال بانتهاء 30 عاما من الظلام وممتدحا أبناء الأمة الذين ثاروا بسلام من أجل الحرية والعدالة، لكن الحكم الذى أصدره لم ينجح فى وقف العنف الذى أودى بحياة أكثر من 800 شخص، فقد تم تبرئة الرئيس السابق ونجليه من تهم الفساد والأسوأ كان تبرئة ستة من قيادات الداخلية من مسئولياتهم عن قتل المتظاهرين وإطلاق سراحهم. وتمضى الصحيفة فى القول إنه بالرغم من كل المظاهرات المفهوم أسبابها التى تلت الحكم، فإن القيمة الرمزية للمحاكمة لا يمكن إغفالها تماما. فمحاكمة زعيم عربى أمام محكمة فى بلاده يعد لحظة مؤثرة بشدة فى الأحداث اللاحقة، ليس فقط فى مصر ولكن للمنطقة بأسرها. ورأت "الإندبندنت" أن الحكم بالسجن مدى الحياة أفضل من حكم غير لائق وغير إنسانى بالإعدام بالنظر إلى تقدم مبارك فى العمر ومرضه، لكن برغم من أن قضية الادعاء كانت ضعيفة حقا، والمحاكمة من الناحية القانونية عادلة، إلا أن النتيجة لن تؤدى إلا إلى تعزيز الشكوك فى أن النظام القديم لم يفكك بل قطع رأسه فقط. وهذه الشكوك، كما تقول الصحيفة، ليست جديدة، فالاحتجاجات المتفرقة التى اندلعت منذ سقوط مبارك تم إخمادها بالقوة. وفشل المجلس العسكرى فى القيام بالإصلاحات الضرورية فى الشرطة أو القضاء، ولم تبذل جهود كثيرة لإيجاد المسئولين عن عنف العام الماضى. وحتى اللحظة التى يفترض أن تكون نقطة التحول، بانتهاء العمل بقانون الطوارئ، لم تكن كذلك تماما. فلا يوجد مؤشرات على أن من احتجزوا فى ظل هذا القانون سيتم إطلاق سراحهم، كما أن المحاكم لا تزال تحاكم المحتجين. وبالتالى، ووفقا لكل الحسابات، فإن الجيش يعرقل الآمال الكبيرة للثورة، وألمح إلى أنه سيلعب دورا فى تحديد صلاحيات الرئيس المنتخب، وهو ما يعد مدعاة للقلق. واعتبرت الصحيفة أن الأثر الأكبر للحكم على مبارك سيكون على الانتخابات الرئاسية، حيث إن النتيجة المحبطة للجولة الأولى وضعت المصريين أمام خيارا ليس مرحا على الإطلاق بين محمد مرسى وأحمد شفيق. وختمت الصحيفة افتتاحيتها قائلة إن احتمال وجود رئيس إسلامى لا يزال قلقا، بالرغم من تعهد مرسى بالالتزام بحرية التعبير وحقوق المرأة، لكن ما تحتاجه مصر الآن هو حكومة تتمتع بمصداقية كافية للتعامل مع المشكلات الاقتصادية المتزايدة فى البلاد والعمل على التئام الكسور الاجتماعية الناجمة عن 30 عاما من الحكم الاستبدادى، ومع عودة المحتجين إلى ميدان التحرير من جديد، فإن هذه الحاجة أصبحت أعظم من أى وقت سابق.