بكل براءة كانت تدخر مشاعرها لعالم أكثر تحرراً من "الزى الرسمى" لطالبات المرحلة الثانوية. كانت ترسم ملامح فارس الأحلام ببساطة "قلبها البكر":(أبيض، وسيم، عيناه واسعتان بنيتان، وشعره بنى وناعم)! لم يكن خيال الأنثى قد أتم نضجه، كانت تبحث بعفوية عن قلب يشاركها "الانطلاق والحلم". أى فتاة على أعتاب الجامعة لا تحمل "كتالوج" يحدد مواصفات الحبيب المرتقب، بل إن الفتاة تبحث عن الحب لتملأ "الكتالوج" بأبيات الشعر، واسم الطفل المحتمل، وطقوس الرومانسية.. هكذا كتبت "دينا عبدالعليم" الاسم الأول فى سجلها العاطفى: "رامز"، إنه الآن مشروع "ارتباط رسمى" لأسر تحدد موعداً للزيارة. وهى الآن تنتظر الخروج بصحبته، لكنه تأخر فى مكان لاتعلمه رامز: ( أنا مع ماما فى الكنيسة)!!. (يااااااه) ما أبعد المسافة التى تفصلهما، إنها مسافة ملغمة بلعنات الفتنة الطائفية، وإشارة "تمييز" تجعل "الصليب" حائط صد للمشاعر.. والحجاب "كارتاً أحمر» لمغادرة ساحة الغرام! لكن "دينا" قفزت على تلك المسافة بوعى مشوش يصور "المسيحى" على أنه يختلف عنا فى (اللون، الملامح، الرائحة، نظرة العين)، و"رامز" ليس كذلك، إنه مثلها تماما، "المحنة" أكبر من طاقتها، لابد أن تهرب سريعا من شرك تغيير عقيدتها أو تغيير عقيدته. البلد لا يحتمل مزيدا من "الاحتقان الطائفى"، أما "القلب" فقد يحتمل قليلاً من "القهر". "دينا" مقتنعة تماما، بنقاء سريرتها، أنها أحبت وضحت بالحب انتصاراً لدينها.. ودين من تحب. حين دخلت "دينا" عالم الصحافة، لم تجد موضوعا أكثر صدقا من قصتها الحقيقية، وفى لحظة "جنون جميل"، نعرفها جيدا، قررت أن تبوح بتجربتها، أن تتعلم شجاعة الاعتراف فى مجتمع نصفه سرى (علاقات محرمة، ثروات مشبوهة، صفقات ملوثة بدماء البشر، تدين شكلى). روت "دينا" قصة "سمير"، الذى التقته فى الساحل الشمالى، وبعد أن تحركت مشاعرها، تلقت تحذيرا من شقيقتها: (سمير مسيحى)! إلى هنا، وقررت ارتداء "الحجاب" لتعلن للجميع أنها "مسلمة"، لكن الحجاب لم يصد مشاعر "بيتر"، ولا اسمه (القبطى) اعتقل مشاعرها. ثلاث تجارب عاطفية، تحرض على إسلام "الشاب" أو اللجوء للزواج "المدنى" فى أى عاصمة أوروبية، لكن "دينا" – مع كل تجربة - كانت تزداد صلابة داخلية. تعلمت أن الحب عاطفة سامية، لا يصح أن تتحول ل "حرب أهلية"، وأدركت أن قسوة المجتمع، التى تخنق كل الحريات، ستجعلها "منبوذة"، وتخطف محبوبها إلى حيث يعود إلى دينه ولو قسرا! ربما لهذا قررت أن تثبت لنا أننا جميعاً، مسلمين ومسيحيين، متشابهون فى اللون والشكل والثقافة والتفكير والطموح والطيبة وطلب السلامة والستر حتى لو ضحينا بقلوبنا. لم تتوقع "دينا" حين نشرت تجربتها فى جريدة اليوم السابع، أنها ستفجر براكين "التعصب"، أو أنها ستصبح هدفاً سهلاً للمرضى النفسيين والمتاجرين بالأديان!! وبدأ الجدل: المفكر الإسلامى "جمال البنا" يؤكد عدم وجود نص قرآنى يحرم زواج المسلمة من قبطى أو يهودى.. والدكتورة "آمنة نصير" تؤكد أن زواج المسلمة من القبطى "ممنوع"، رغم عدم وجود نص قرآنى واضح يمنع زواج المسلمة من المسيحى!! إنه الجدل الذى يأخذنا بعيداً عن جوهر الأديان: أى "التسامح"! "دينا" لم تكن تبحث عن "مخرج شرعى" للزواج بمسيحى، ولا كانت ترد على نعرات "الرجولة"، التى تهلل كلما أسلمت "مسيحية" بهدف الزواج. لكنها كشفت حالة النفاق الجماعى لمجتمع يرجم الفتاة إذا باحت بحبها "المحرم"، ويستر عليها فى عيادات (الإجهاض وترقيع غشاء البكارة)!