لا يختلف أى منا عن دور وبسالة شهداء الثورة المصرية، وأكاد أجزم أن كلاً منا يتعاطف معهم ومع أهليهم تعاطفاً لم يسبق له فى حياته كلها! فنحن أمام شهيد قد أهدى إلينا روحه من أجل أبنائنا وأرضنا وأهلنا، وكان آخر ما فكر فيه هو نفسه شخصيا! معطياً معناً عظيماً من الإيثار والتضحية والفداء. ولقد تابعت على مدى الأيام الماضية كل الأفكار المضيئة لتخليد ذكرى هؤلاء الشرفاء فى نصب تذكارى أو اسم لشارع وغيره الكثير من الأفكار الجديرة بالاحترام والتنفيذ. ولكنى أرى القصة من منظور مختلف تماما، فهؤلاء الأبطال يجب أن نعيش معهم لحظة بلحظة وساعة بساعة، بل وندخل غرف نومهم ونتصفح كتبهم وتلمس أيدينا أو أيدى أبنائنا أقلامهم، والتى كتبوا بها يوماً! ليس بالضرورة أن يكونوا شخصيات ألمعية أو قادة كبار أو حتى علماء فى مجال نادر! فيكفيهم ويكفينا فخراً ما صنعوه بأيديهم لهذه البلد. بتلك الطريقة تصبح تضحيتهم رمزاً وقدوة.. نراها بأعيننا ونسمعها بآذاننا ونلمسها بأيدينا، حينها تقع فى قلوبنا وتقر، ولا نساهم أو ننسى تضحيتهم ما عشنا نحن وأولادنا على هذه الأرض. ما أقترحه هو أن ننشئ مجموعة ولن أقول –لجنة- لما نالته تلك الكلمة من سمعة سيئة، هذه المجموعة تتولى مشروعاً عملاقاً وممولاً من أهل مصر لتشييد قصر عظيم بجميع تفاصيله، وليطلق عليه قصر شهداء 25 يناير، تحتوى غرفه وأروقته بطريقة منظمة على صور ومتعلقات هؤلاء الأبطال. فهناك غرفة الشهيد مصطفى بصوره وبعض من كتاباته وأقلامه.. ولربما استطعنا بالتنسيق مع أهله الحصول على شىء من متعلقاته الحقيقة.. وتدون قصته المشرقة بشكل إلكترونى يعرض باستمرار!.. وهذا مكتب الشهيدة سالى وآخر كلمة خطتها قبل رحيلها.. وملابس الفخر التى استشهدت بها.. وطاولة حسين.. ورواق الشهيد على. وفى طرف البهو نستطيع أن نشاهد أين كان يتناول الشهيد حسين إفطاره.. وكيف كانت الشهيدة غادة تعد كوباً من الشاى فى الصباح لتتناوله قبل الذهاب إلى عملها.. وهكذا حتى نحصل على قصر مهيب متكامل يحوى كل شهدائنا الأبرار يخلد ذكراهم ما دامت السموات والأرض، ويكون نواة لقدوة يا حبذا لو استطعنا أن نزرعها فى أبنائنا، خصوصاً عندما يستشعر كل منهم أن هؤلاء الشهداء كانوا أطفالاً أو شباباً مثلهم، وأنهم قادرون على أن يغيروا الدنيا متى أرادوا. مكان تزوره لتزداد عزاً وفخراً، ويشرق قلبك أملاً وحياة، ونتعلم فيه جميعاً معنى التضحية ومعنى الوطن. لا أدعى أنى مؤهل للحديث فى هذا الموضوع من الناحية الاقتصادية، ولكنى متأكد أنه سيكون إنتاجاً مبهراً يدر الكثير من الدخل، والذى أقترح أن يخصص لدعم الشباب فى مصر ولأسر الشهداء، وبعدها وقبلها لحبيبتى مصر. وقبل أن أنتهى أود أن أقول إنى ومنذ 25 يناير، لا أجد الكلمات التى أستطيع كتابتها! وكأنها هربت منى إلى غير عودة! وأجد نفسى اليوم أكتب أولى كلماتى منذ أحداث ثورتنا العظيمة، وإذا بهم، شهداء الشرف، هم الدافع والمحرك والروح التى دبت فى جسدى من جديد لتعيدنى إلى الحياة! بل لتكتب لى شهادة ميلاد جديدة! وكأنهم استشهدوا وأهدوا أرواحهم ليعيش بها كل مصرى! فلتحيا مصر.. وليحيا شهداء مصر.