كشفت دراسة حكومية حديثة أن الدولة انتهجت مجموعة من السياسات لجذب المستثمرين المصريين والخليجيين فى الفترة الماضية، مما دعا شركات تطوير عقارية معروفة إلى ضخ عشرات المليارات فى مشروعات مختلفة لأول مرة فى مصر مثل "الحبتور" و"الفطيم" و"إعمار". وأضافت الدراسة التى أعدتها الدكتوره منال البطران، أستاذ التخطيط العمرانى بالمركز القومى لبحوث البناء والإسكان، أنه من الملاحظ أن الدولة تقدم تسهيلات للأجانب عند شراء وبيع الأراضى بشكل أكبر مما يحصل عليه المصريون، مما يستوجب تدخل الجهات السيادية لوقف عمليات بيع الأراضى للأجانب، نظرا لخطورة هذا الأمر على الأمن القومى المصرى، وطالبت الدراسة بضرورة تدخل الدولة لضبط أسعار الأراضى والتى ارتفعت بمعدلات غير متوقعة. وأشارت الدراسة إلى أن هيئة المجتمعات العمرانية تهدف حاليا لإنشاء 60 مدينة جديدة حتى عام 2022، إضافة إلى إنشاء وحدات سكنية لمحدودى الدخل وتوزيع الأراضى لاستغلالها عقاريا وسياحيا وصناعيا، وفى هذا الإطار بلغت مساحة الأراضى المجهزة بالمرافق فى المدن الجديدة والتى خصصتها الهيئة 164 ألف فدان، منها حوالى 92 ألف فدان للإسكان، و33 ألف فدان للصناعة و39 ألف فدان للتجارة والخدمات والمشروعات السياحية، وبلغ إجمالى استثمارات الهيئة 27 مليار جنيه فى جميع القطاعات. أوضحت الدراسة أن حركة الركود فى سوق المال أدت إلى تحويل الاستثمارات الداخلية إلى السوق العقارى لما يحويه من مكاسب مضمونة خاصة بعد توقيع مصر على اتفاقية "الجات"، وجعل الاستثمار العقارى بعيدا عن المنافسة العالمية وفى المقابل أصبحت الاستثمارات الصناعية محفوفة بمخاطر السوق الجديدة، وهو ما يعكسه توجه أقطاب الصناعة فى مصر إلى الاستثمار فى مشروعات التنمية العمرانية العقارية بهذه المدن، مثل محمد فريد خميس رئيس مجموعة النساجون الشرقيون للسجاد، وأحمد بهجت رئيس مجموعة بهجت للإلكترونيات، وصفوان ثابت رئيس شركة جهينة للصناعات الغذائية، وعبد المنعم سعودى للسيارات، وجنيدى للأجهزة المنزلية. وأكدت الدراسة أن إنشاء المدن الجديدة الغرض منها امتصاص الزيادة السكانية ونقل الأنشطة الحرفية التى تشغل العاصمة إليها، وتوفير مواقع بأسعار مخفضة لإسكان محدودى الدخل للحد من انتشار السكن العشوائى على الأراضى الزراعية، ولكن وزارة الإسكان أتاحتها فى السنوات الأخيرة للفيلات والإسكان الفاخر، وباعت أراضى مدينة العبور والشروق بالكامل لإقامة هذا النوع من الإسكان. وانتهاج سياسة البيع بالمزاد حاليا فى توزيع الأراضى أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل جنونى، فعلى سبيل المثال بلغ سعر الأرض فى مدينة الجولف بالقاهرة الجديدة 6 آلاف جنيه للمتر الواحد مقابل 2000 جنيه فى السنوات السابقة، ووصل سعر الفيلا إلى 16 مليون جنيه بعد أن كان لا يتجاوز 750 ألف جنيه وأصبح السكن وسيلة للتربح. وحددت الدراسة عدة عوامل رئيسية تلعب دورا كبيرا فى ارتفاع أسعار الأراضى بالمدن الجديدة وحدوث عمليات المضاربة فى بيع الأراضى بتلك المدن، منها توافر أقطاب التنمية وهى المشروعات الكبرى التى تساهم فى إحداث التنمية المستدامة، مثل مجمع الجامعات بالقاهرة الجديدة، والمشروعات السياحية المتميزة، حيث ينعكس وجود هذه المشروعات على ارتفاع أسعار الأراضى حولها لزيادة الطلب عليها، وتعاظم الجدوى الاستثمارية للمشروعات القريبة من هذه المشروعات سواء للأغراض السكنية أو للاستثمار التجارى.