إعلام إسرائيلي: تم استخدام قنابل خارقة للتحصينات في محاولة اغتيال هاشم صفي الدين    مفاجأة.. «القندوسي» يكشف سبب فشل صفقتا «بن رمضان» و«بلعيد» في الأهلى    تحسن طفيف في درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    هل يجوز الدعاء للزواج بشخص معين؟ أمين الفتوى يجيب    مدير الأكاديمية العسكرية: بناء القوة والحفاظ على الهيبة يحتم بيئة تعليمية حديثة    توتنهام يواصل عروضه القوية.. والكعبي يتألق    بسبب فشل صفقة «بن رمضان».. القندوسي يكشف كواليس مثيرة بشأن محادثته مع مدرب الأهلي    الاحتلال يعلن اغتيال زاهي عوفي قائد حماس في طولكرم    التعليم تكشف آخر موعد للتقديم في المدارس المصرية اليابانية    «أنا قدامك خد اللي إنت عايزه».. حكاية صعيدي أراد التبرع ب«كليته» ل أحمد زكي (فيديو)    هالة صدقي تصور مسلسل إش إش مع مي عمر في رمضان 2025    ليتوانيا تصدق على اتفاق لنشر 5 آلاف جندي ألماني    مايكروسوفت تضيف مزايا ذكية ل Windows 11    مصررع طفلة رضيعة في الدقهلية.. اعرف السبب    ملف يلا كورة.. برونزية مونديالية للأهلي.. وانتهاء أزمة ملعب قمة السيدات    قيادي بحركة فتح: نتنياهو يُحضر لحرب دينية كبرى في المنطقة    برج الأسد حظك اليوم الجمعة 4 أكتوبر 2024: تلتقى بشخص مٌميز ومكالمة مٌهمة    بايدن: أعتقد أننا سوف نتجنب اندلاع حرب شاملة    دعاء أول فجر في ربيع الثاني.. «اللهم بارك لنا في أعمارنا»    رسمياً.. فتح باب تسجيل تقليل الاغتراب جامعة الأزهر 2024 "الرابط الرسمي والخطوات"    نائب مدير الأكاديمية العسكرية: الخريجون ذو فكر متطور وقادرون على الدفاع عن الأمن القومي    مدير الكلية العسكرية التكنولوجية: الخريجون على دراية كاملة بأحدث الوسائل التكنولوجية    محافظ الدقهلية يستقبل وفد اتحاد القبائل لتنفيذ مبادرة تشجير    عيار 21 يرتفع لأعلى مستوياته.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة (بداية التعاملات)    صندوق النقد الدولي يكشف موعد المراجعة الرابعة لقرض مصر    "قمة سيدات الأهلي والزمالك".. مواعيد مباريات اليوم الجمعة والقنوات الناقلة    لاتسيو يسحق نيس ويتصدر الدوري الأوروبي    المقاولون العرب يضم لاعب الزمالك السابق    «والده قعد واتفق».. مصطفى يونس يكشف مفاجآت بشأن تاريخ مفاوضات الأهلي مع زيزو    بعد قليل، قطع المياه عن 10 مناطق حيوية بالقاهرة لمدة 5 ساعات    سعر كيلو اللحمة.. أسعار اللحوم اليوم الجمعة 4 أكتوبر 2024 في الأسواق    قرار عاجل من "التنمية المحلية" بشأن عمال التراحيل    خبير اقتصادي يكشف تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية على البورصة    حريق يلتهم سيارة ملاكي أعلى كوبري المحلة بالغربية    خروج عربة ترام عن القضبان في الإسكندرية.. وشهود عيان يكشفون مفاجأة (فيديو وصور)    قتلوا صديقهم وقطعوا جثته لمساومة أهله لدفع فدية بالقاهرة    مصرع شخص نتيجة حادث مروري مروع في أكتوبر    تعرف على موعد فتح حجز شقق الإسكان الاجتماعي 2024.. تفاصيل    رئيس هيئة المعارض يفتتح «كايرو فاشون آند تكس» بمشاركة 550 شركة مصرية وأجنبية    تعرف على نصوص صلاة القديس فرنسيس الأسيزي في ذكراه    وليد فواز عن حبسه في مسلسل «برغم القانون»: إن شاء الله أخرج الحلقة الجاية    خالد داغر يكشف كواليس إدارة مهرجان الموسيقى العربية في دورته الثانية والثلاثين    المخرج محمد عبد العزيز: ل "الفجر "تراجعنا في مناخنا الفني وانفصلنا عن الاستعانة بالأدب.. وتفاجئت بدور أبني كريم في الحشاشين    تعرف على تفاصيل أغنية الموقف ل ساندي ودياب    نائب مدير الأكاديمية العسكرية: نجحنا في إعداد مقاتل بحري على أعلى مستوى    أهالي قرية السلطان حسن بالمنيا يعانون من عدم وجود صرف صحي    دعاء يوم الجمعة.. تضرعوا إلى الله بالدعاء والصلاة على النبي    صحة دمياط: إجراء 284 عملية جراحية متنوعة منذ انطلاق المبادرة الرئاسية بداية    صحة دمياط: الكشف على 943 مواطنًا ضمن مبادرة «حياة كريمة»    تعزز الصحة الجنسية .. لن تتوقعها فوائد مذهلة للرجال بعد تناول البرتقال    أبرزها «الملعقة» و«الزيت».. حيل ذكية لتقطيع البصل بدون دموع    طريقة عمل الكريب، أكلة المطاعم اصنعيها بنفسك في البيت    حزب الله يعلن مقتل 17 ضابطا وجنديا إسرائيليا بمعارك الخميس    حرب غزة في يومها ال363 | الاحتلال يزعم اغتيال 3 قادة في حماس للمرة الرابعة !!    متحدثة "يونيسيف": 300 ألف طفل لبناني دون مأوى بسبب الحرب    فتح المتاحف والمسارح القومية مجانا احتفالا بنصر أكتوبر    أمين الفتوى: الاعتداء على حريات الآخرين ومجاوزة الحدود من المحرمات    حكم صلة الرحم إذا كانت أخلاقهم سيئة.. «الإفتاء» توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى انتظار الحل الإلهى!
نشر في اليوم السابع يوم 04 - 03 - 2010

لن يحاسبنا الله على ذنوبنا فقط، فتلك آثام قادرة رحمته على أن تمحوها كما أخبرنا فى كتبه السماوية.. لن يحاسبنا الله على تقصيرنا ونفسنا الأمارة بالسوء، فتلك أشياء قد تبدو هينة إذا قارناها بذنبنا الأكبر، صغيرة أمام جريمتنا الأخطر، تلك التى حولت الدين إلى عدة نصب، أداة تلوى كل طائفة وكل تيار وكل فرد عنق أحكامها وفروضها وتفاصيلها لكى تحقق فى النهاية مكسبا دنيويا. الناس فى الشوارع يفعلون ذلك، وأهل الحكم فى قصور الرئاسة وخارجها ومعهم رجال المعارضة يجيدون اللعب بذلك، والمشايخ فوق المنابر والقساوسة داخل الكنائس لا يفلحون فى شىء إلا إذا لعبوا على ذلك الوتر.
إنه الدين يا سيدى.. لم يكتفوا بتحويله إلى مخدر يمررون من خلفه فظائع أعمالهم، بل جعلوه سببا يبرئهم من كوارث صنعوها بأيديهم، أصبحت السماء ملعبا مفتوحا لكل صاحب مصلحة، شماعة يعلق عليها الفاشلون فشلهم، والفاسدون فسادهم، وساحة تبرير يستخدمها الخبثاء لتمرير أغراضهم، كلما وقعت كارثة يخرج علينا الوزير الهمام ليؤكد فى خشوع وورع وتقوى أنه قضاء الله وقدره، رغم أنه بالأمس كان يتهم من يتكلم باسم الرب بالإرهاب، وكلما سقطت الكنيسة فى فخ المشاكل أظهرت العذراء فوق صلبان إحدى الكنائس لينشغل الشعب القبطى بالنور الإلهى والحمائم البيضاء ويترك الكنيسة تعوم فى مشاكلها بصمت، وكلما أرادت الحكومة أن تضحك على الناس وتمتص غضبهم تخرج عليهم بعمة أزهرية تحدثهم عن الأجر والثواب الذى يحصل عليه من يتبع ولى الأمر، حتى لاعب الكرة الذى يخسر المباراة لا يعترف بسوء مستواه، ولم يعد يعلق خسارته على شماعة التحكيم لأنها موضة قديمة ومفقوسة، وبالتالى لا يوجد بالنسبة له أفضل من السماء كشماعة ليقول لك إن التوفيق قد غاب عنه وأن الله لم يرد لفريقه المكسب اليوم.. ما علاقة الله الذى قال سبحانه وتعالى «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون»، والذى دعانا للأخذ بالأسباب وطرق النصر وقضاء الحاجة بكل ذلك الفشل..
هل هانت السماء علينا إلى هذه الدرجة لكى نستغلها ونستخدمها للتغطية على فظائع أعمالنا؟ ..هل هانت السماء علينا إلى هذه الدرجة التى تدفعنا لاستخدامها كسلاح ترهيب أو ترغيب يغطى على فسادنا وذنوبنا؟
الأحداث وحدها تؤكد ذلك، فقد اشتركنا كلنا شعبا وحكومة ورئيسا ومعارضة ورجال دين مسلمين ومسيحين فى تحويل الدين إلى أداة، إذا حدثت كارثة نقول إن الله أراد ذلك دون أن نبحث فى أسبابها، وإن أردنا أن نمرر شيئا بلا شرعية نبحث له عن مخرج دينى حتى ولو اضطررنا إلى إظهار العذراء فوق صلبان كنيسة الوراق أو الادعاء بأنهم اكتشفوا شجرة فى غابة كثيفة على هيئة محمد رسول الله، أو طفل صغير تكلم بعد أن نزل من بطن أمه مباشرة قائلا: لا إله إلا الله.. إنها نظريات الحل الإلهى ياسيدى تلك التى تستخدمها الحكومة لتبرير فشلها وإخضاع الناس لها ويستخدمها الناس لتبرير كسلهم وصمتهم على الباطل، ويستخدمها رجال الدين فى المساجد والكنائس للسيطرة على الشارع، ويضعف أصحاب العقول أمامها ويعجزون عن مواجهتها خوفا من تهم التكفير رغم أنها السلاح الأخطر على الدولة المدنية التى يسعى خلفها كل عاقل.
إنهم ينتظرون المخلص السماوى، وماحدث مع العذراء يؤكد ذلك، لا يريد أحد على أرض مصر أن يتحرك لحل مشكلته، هم فقط يبحثون عن الحلول السماوية.. قديس ينقذهم من نار الأسعار، أو مخلص ترسله لهم السماء لينقذهم من براثن حكم لا يريدونه، فنحن فى قضية الإصلاح السياسى نريد للسماء أن تأتى هى لنا بالحل بينما نحن جالسون، تسأل أحدهم عن دوره فى مسيرة الإصلاح يقول لما ربنا يسهل، تسأله متى ينتفض هذا الشعب يؤكد لك أن الحل لدى السماء.. هى التى تملك حق راحتنا، ويدعوها بأن تأخذ كل مسئول غير مرغوب فيه، وكأن رحيل ظالم يعنى اختفاء الظالمين من بعده.
فى الأزمة الاقتصادية التى ضربت العالم مؤخرا سيطرت نظريات الحل الإلهى على الموقف تماما، ليظهر معها الوجه القبيح للتخلف الذى نعيش فيه، ففى الوقت الذى كانت فيه بلدان العالم تسارع لتجاوز آثار الأزمة الاقتصادية بخطط جديدة ودراسات متطورة تسعى لتجنب مخاطر الأزمة الآن وفى المستقبل، كنا هنا فى مصر وفى الوطن العربى نرفع راية الشماتة، ونعتبر أن الانهيار الاقتصادى الذى حدث هو دليل على صحة موقف الإسلام، وكأن الإسلام كان يحتاج إلى شهادة اعتراف، بل سارع الجميع لاستخدام نظرية الحل الإلهى حينما فسروا الأزمة بشكل دينى وأكدوا أن حلها يكمن فى الاقتصاد الإسلامى، فيخرج علينا الدكتور زغلول النجار ليؤكد وبثقة أن ما يشهده العالم من أزمة مالية طاحنة هو بداية انهيار النظام الغربى بأكمله ويدعو إلى إقامة المؤسسات الاقتصادية على أسس إسلامية صحيحة.. قائلا:«هذا الذى نراه هو حرب من الله ورسوله ولا يمكن لعاقل أن يتخيل إمكانية الصمود فى حرب من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم».
وأعاد تفسير آية «ويمحق الله الربا» قائلا: "المحق يعنى الإبادة ونرى هذه الإبادة أمرا واقعا الآن.. فالكثير من الناس ينتحرون أو يصابون بأمراض مستعصية نتيجة للخسائر الفادحة التى يواجهونها فى البورصات العالمية فى كل ساعة... ".
الدكتور زغلول النجار لم يكن وحده، فقد أكد كلامه شيخ الأزهر الدكتور طنطاوى حينما استخدم هو الآخر نظرية الحل الإلهى وأجزم على أن حل هذه الكارثة لن يتم سوى بالعودة إلى الاقتصاد الإسلامى.
هل تتذكر كارثة الدويقة وكيف علقت الحكومة فشلها وفسادها على شماعة السماء، فى تلك الأزمة ظهرت نظريات الحل الإلهى فى أقبح صورها، حينما حاول السادة الوزراء والمسئولون أن يحملوا السماء وقضاءها وقدرها ذنب الضحايا الذين سحقتهم صخور الجبل، فتجاوز محافظ القاهرة عن مسئوليته عن أحوال الدويقة وتجاهله لشكاوى مواطنيها وقال فى حوار لجريدة الأهرام بتاريخ 12 سبتمبر2008 وكأنه الذئب البرىء من دم ابن يعقوب: (القدر.. سبقنا بخطوة)، ثم جاء السيد وزير الإسكان أحمد المغربى وتهرب من مسئولية وزارته وفشلها فى تجهيز أماكن بديلة لهؤلاء الغلابة وقال إن ماحدث قضاء وقدر ولا مسئولية للحكومة فى ذلك، بل حاول أن يرهب نواب مجلس الشعب الذين ثاروا واتهموا الحكومة بإهمال سكان العشوائيات حينما رد عليهم قائلا: "حسبى الله ونعم الوكيل فى من لا يؤمن بالقضاء والقدر"، هل رأيت وزيرا مؤمنا بهذا الشكل من قبل؟!
هل رأيت كيف تحول الدين بين أيدينا إلى لعبة؟ هل رأيت كيف نضحك على أنفسنا ونعتبر استخدامنا للدين على هذا الشكل بأننا شعب متدين ومحترم؟ إن الخطورة الكامنة فى التعامل مع الدين بهذا الشكل لا تتوقف فقط عند عملية التزوير ولا تتوقف فقط عند فكرة ضياع الدين من القلوب وانتقاله لخدمة الجيوب أو كراسى السلطة.. الفكرة الأخطر توجد هناك فى تلك المنطقة التى تكرس لدين آخر غير الدين الذى جاءت به السماء، دين على هوى كل تيار ومزاج كل طائفة ودماغ كل صاحب مصلحة، دين يعود بنا إلى عصور الفقيه وسيطرة العمة والكنيسة، دين يتحدى كل تقدم ويغذى كل خرافة، ويقف أمام أى محاولة لخلق دولة مدنية قوية، قادرة على الصمود والتقدم. فهل يدرك هؤلاء أنهم يدفنوننا نحن وتعاليم ديننا الصحيحة أحياء؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.