مطران إبروشية شمال إفريقيا الأسقفية السابق يشارك باجتماع القساوسة بمصر    أسامة السعيد: السادات كان واقعيًا في عامي 1973 و1977    محمود بسيوني: الرئيس السادات كان سابق عصره ب 50 سنة    بعد احتمالية تطبيق اقتصاد الحرب.. التموين تكشف عن حجم مخزون السلع    التوعية أهمها.. أحد أسلحة التحالف الوطنى لمكافحة التمييز ضد المرأة    نائب محافظ أسوان يشهد ختام برنامج تأهيل 200 خريج للطاقة الشمسية    استعلم عن فاتورة التليفون الأرضي «قبل سحب الخط» .. اعرف رسوم الخدمة بعد الزيادة    السيسى و أفورقى يبحثان تطوير العلاقات لخدمة تطلعات الشعبين    قوات الاحتلال الإسرائيلى تقتحم مدينة طولكرم بالضفة الغربية    الكرملين: الغرب يضغط على بعض الدول كى لا تشارك فى قمة "بريكس" المقبلة    بعد عودته من اليونان| الخطيب يظهر في مران الأهلي استعداد للسوبر المصري    التشكيل - ريتيجي يقود هجوم إيطاليا.. وأوبيندا في مقدمة بلجيكا    الاتحاد السكندري يتأهل لنهائي البطولة العربية لكرة السلة بالفوز على سبورتنج    المشدد 10 سنوات لشقيقين لشروعهما في قتل مدرس بالقناطر الخيرية    أبطال مدرسة رمسيس ويصا واصف ضيوف «معكم منى الشاذلي»    محمد أمين: مراكز القوى كان تريد القضاء على السادات    رحاب الجمل عن «محمد القس»: عبقري في «برغم القانون» وأصبح نجم صف أول| خاص    خالد الجندي عبر برنامج "لعلهم يفقهون": القرآن تحدث عن الرجولة بفخر.. والشذوذ مهانة وخروج عن طاعة الله    وزير الصحة يستطلع آراء المواطنين عن مستوى خدمات التأمين الصحي الشامل بالاقصر    عام من الحرب والمقاومة والإبادة.. قراءة فى أهم الكتب التى تناولت الحرب على غزة    الجمارك: قرارات الحكومة الأخيرة بشأن سيارات المعاقين تقضي على السوق السوداء    مها أحمد لمتابعة لها: "مجدي كامل عند مراته التانية وسايباه يجرب"    الكشف على 1272 مواطن بقافلة بقرية سيدي عقبة بالمحمودية    بالفيديو.. شهاب الأزهري: الاعتقاد فى الصالحين يجعلك من الأولياء    ارتفاع حصيلة قتلى الهجوم الروسي على أوديسا الأوكرانية إلى 8    الطقس غدًا .. معتدل على القاهرة والدلتا وبارد فترات الليل وعظمى القاهرة تسجل 32°    في عيد ميلاده ال 70....هل يستحق محمد منير لقب «صوت مصر الحقيقي»؟ (تقرير)    تحقيقات قتيلة الإسكندرية: المتهم سدد لزوجته 4 طعنات أثناء عودتهما من زيارته أسرته    "قومي حقوق الإنسان" يعقد الملتقى ال 17 لمنظمات المجتمع المدني الأحد المقبل    الاتحاد المصرى للدارتس ينظم مؤتمرا صحفيا للكشف عن بطولاته بشرم الشيخ.. السبت    الزمالك يفترس كريكوس الإثيوبي في مستهل مشواره ببطولة إفريقيا لليد    استشاري حالات حرجة: القلب ينكسر فى هذه الحالات    إيهاب أمين يتقدم بأوراق ترشحه على رئاسة اتحاد الجمباز    البركة في يوم الجمعة: مكانة الدعاء وأثره في حياة المسلم    ربيع ياسين: الأهلي يمرض ولا يموت.. ورمضان سيعيد الاتزان مرة أخرى داخل الفريق    مع تصاعد نذر الحرب.. الكوليرا تفتك بصحة السودانيين في عدد من الولايات    ألمانيا والتشيك والنمسا يؤكدون التزامهم بالشراكة الاستراتيجية مع المغرب    جامعة قناة السويس تعقد لقاء حواريا حول الصحة النفسية للطلاب    «الإفتاء» تحذر من التحايل للاستيلاء على السيارات المخصصة لذوي الهمم: خيانة أمانة    موعد شهر رمضان 2025.. والعطلات الرسمية خلاله    «زواج وعلاقات».. لمن ينجذب رجل برج الحمل؟    عقر دار حزب الله وبنك أهداف ثمين للاحتلال، معلومات عن "حارة حريك" موقع اغتيال نصر الله    مواعيد امتحانات وإجازة نصف العام الدراسي بالمعاهد الأزهرية 2025    "كفر الشيخ" تحصد المركز الأول بين الجامعات الحكومية في تصنيف التايمز البريطاني 2025    رئيس الوزراء: مصر قطعت شوطًا طويلًا في مواجهة الهجرة غير الشرعية    لقاءات للتوعية بالحفاظ علي النيل لقصور الثقافة ب دوري المكتبات في دورته الثانية    تفاصيل إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره الطريق في الحوامدية    تسليم 2218 شهادة استبيان تراخيص إقامة مباني داخل الحيز العمراني بالشرقية    حملة مرورية مكبرة تضبط 11 ألف مخالفة تجاوز سرعة مقررة    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة غدآ.. تعرف عليها    إجراء 1274 جراحة مجانية ضمن مبادرة "القضاء على قوائم الانتظار" بالمنيا    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبى جرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى    جيش الاحتلال يعلن اعتراض مسيرة مفخخة أطلقت من غزة نحو إسرائيل    رئيس هيئة الرعاية الصحية: الانتهاء من إعداد أكثر من 450 بروتوكولًا    بشير التابعي: الزمالك أكبر قلعة رياضية في مصر.. والسوبر المصري أهم من المنتخب    تراجع كبير في أسعار مواد البناء: انفراجة جديدة في سوق الحديد والأسمنت    نائب وزير التعليم: المتعاقد بالحصة في المدارس الحكومية وملتزم له فرصة للتعيين    إصابة 11 شخص إثر حادث تصادم بالطريق الإقليمي في الشرقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تشريح السلفيين.. أقوالهم وأفعالهم وتنظيماتهم «3 - 9»
نشر في اليوم السابع يوم 20 - 08 - 2014

تشعبت الفرق والجماعات والمذاهب والحركات الإسلامية إلى المئات عبر التاريخ، بعضها شق طريقاً وسيعاً فى تاريخ المجتمع المسلم، واكتسب قوة بتحوله إلى مذهب أو طائفة أو تنظيم أو تصور فكرى قوى، وأكثرها اختفى بمرور الأيام بعد أن أثار ضجيجاً وعجيجاً لا تزال آثاره مذكورة فى كتب التاريخ الراكدة فوق أرفف المكتبات، من دون أن يكون لها وجود وتفاعل فى حياة المسلمين المعاصرين.
وتنظر السلفية التى تطلق على نفسها «أهل السنة والجماعة» إلى كل هذه الفرق باعتبارها خارجة على «الطريق الإسلامى الصحيح» أو «نهج النبوة»، وأنها لا تمثله ولا تجسده، إنما هى «بدعة»، أى استحداث أمر فى الدين ليس منه. وقد أصبحت هذه الكلمة بمنزلة مصطلح يوظفه السلفيون، وكثير من أتباع الفرق والجماعات الأصولية، ويطلقونه على كل جديد لا يقف عند حد الاجتهاد وتطوير القديم إنما يتجاوز هذا، ويتعاملون معه على أنه «تطوير غير إسلامى للمذاهب والمفاهيم».
واحتفظ الخط «السلفى» بامتداد عبر التاريخ من خلال رموز، أو محدثين وعلماء وفقهاء، لا يزالون يمثلون المرجعية الأساسية له؛ أولهم أحمد بن حنبل، وهو يعد «الناطق الأول بلسان السلف»، والذى خاض معركة شرسة ضد القائلين ب«خلق القرآن»، مما أدى إلى انجذاب جمهرة من التلاميذ والمعجبين إليه، بعد رفضه إقرار الدولة رؤية المعتزلة فى عهد الخلفاء المأمون والمعتصم والواثق. وقد حددت أقوال أهل الحديث القدامى وجهة تفكير ابن حنبل فى العقائد والفقه على نحو ثابت لم يتغير، لكن جل اهتمامه انصب على تتبع أسانيد الحديث، وليس العناية بأصول الفقه، ولم يلجأ إلى الأخذ بالرأى إلا عند الضرورة القصوى أو الحاجة الماسة، واستغنى عن هذا بالأحاديث حتى لو كانت ضعيفة. وقد أخذ عنه المتسلفة شدته وتمسكه بما يراها الأصول، وتروق لهم دوماً حروبه هو وتلاميذه ضد مخالفيهم فى الرأى ممن أطلقوا عليهم «الواقفية» و«اللفظية»، ويستعيدونها باعتبارها طريق جهاد لا يجب أن ينقطع عنه السائرون.
وقد غالى أتباع ابن حنبل فى التعامل مع غيرهم، وتشددوا أكثر مما كان هو عليه، فكانوا «يسفّهون أهل العلم من مخالفيهم، ويؤذون ويكذّبون، وينادون العامة: اهجروهم ولا تقاعدوهم... وكانوا يكبسون على المحال فإن وجدوا نبيذاً أراقوه، وإن وجدوا مُغنية ضربوها وكسروا آلة الغناء، واعترضوا فى البيع والشراء، واعترضوا الناس فى الشوارع، فمن رأوه يسير مع صبى أو امرأة سألوه عمن معه، وإلا أوسعوه ضرباً، وحملوه إلى صاحب الشرطة، وشهدوا عليه بالفحشاء».
لكن هناك من يعتبر أن الممثل الحقيقى للنزعة السلفية هو أبو جعفر الطحاوى «239 - 321 ه» الذى حدد الأسس التى يقوم عليها نهج السلف، وضمَّنها فى كتابه العقيدة الطحاوية، الذى يوافق فى أغلب مباحثه ما يعتقده أهل الأثر، ولذا فهو من أوسع الكتب تأثيراً، ما يعكسه تصدى كثيرين لشرح متنه باستفاضة وامتنان، ومن بينهم دعاة سلفيون تحدثوا عنه فى المساجد أمام أتباعهم، وسجلوا ما قالوه مكتوباً ومسموعاً ومرئياً، بل إن قادة بعض التنظيمات والجماعات المسيسة ذات الإسناد الإسلامى، جعلوا من هذا الكتاب مرجعاً أساسياً وفارقاً فى تحديد وجهتهم العقدية.
وتنطلق «العقيدة الطحاوية» من أن الله واحد أزلى أبدى ومطلق الإرادة والقدرة ولا يشبه خلقه، وأن كل ما ورد بشأن الغيب فى القرآن والسُّنة حق وأمر مفروغ منه ولا جدال فيه، وأن أفعال البشر مُقدَّرة بمشيئة الله وعلمه وقضائه وقدره، وأنه لا يجب تكفير أحد من أهل القبلة ما دام مصدقاً لرسالة الإسلام مهما ارتكب من ذنب، وأن طاعة ولى الأمر فريضة واجبة وإن جار، وأن الصلاة تصح خلف كل بر وفاجر وعلى من مات منهم، وأن من حُسن الدين والإيمان والإحسان حب صحابة الرسول، وحب من يحبهم، وبُغض من يبغضهم.
ووفق هذا التصور العقدى حدد الطحاوى معالم الطريق السلفى: وأولها التسليم التام لنصوص الكتاب والسنة وتفسيرها على إرادة الله وعلمه، بعيداً عن أغراض المؤوِّلين وأهوائهم، وبعيداً عن الجدل والمماراة؛ وثانيها اعتبار أهل القبلة مسلمين مؤمنين ما داموا معترفين بما جاء به الرسول «صلى الله عليه وسلم»؛ وثالثها أن الأصول تتحدد فى القرآن والسنة النبوية وإجماع الأمة؛ ورابعها واحدية الدين فى الأرض وهو الإسلام؛ وخامسها البراءة من أصحاب الأهواء وتابعى المذاهب المخالفة لأهل السنة والجماعة، واعتبارهم قد ضلوا السبيل.
وعلى طريق ابن حنبل والطحاوى، جاء ابن تيمية «661 - 728ه» ليدافع عما تسمى «سنن السلف» بأدلة لم يسبقه أحد إليها، وخاض هو الآخر معارك دينية ضارية ضد الكسروانيين، بمن فيهم الإسماعيلية والنصيرية والحاكمية، ورفض ما ذهب إليه الخوارج والمرجئة والرافضة والقدرية والمعتزلة والجهمية والكرامية والأشعرية، وهاجم موقف أمراء الطوائف المتخاذل من التتار، وسُجن بجُب فى القلعة بالقاهرة ثلاث مرات لاتهامه بأنه من القائلين بالتجسيم ثم لأسباب سياسية، وسجن أيضاً فى قلعة دمشق لأسباب تتعلق بأحكامه الفقهية، ولهذه المواقف أجَلَّه أهل دمشق، وخرج فى جنازته نحو مئتى ألف رجل وخمسة عشر ألف امرأة.
ويتبع ابن تيمية القرآن والحديث بظاهر لفظهما فى أغلب مؤلفاته، وإن كان قد رأى أنه ليس من الخطأ الاستعانة بالقياس فى بعض الأمور. وهاجم الصوفية، وقَبَّح التضرع للأولياء وزيارة القبور، وكان مسرفاً فى القول بالتجسيد، وقال بخطأ رجال يعدّون حجة فى الإسلام منهم عمر بن الخطاب، وعلى بن أبى طالب فى كثير من المسائل، وانتقد بشدة كلاً من أبى حامد الغزالى ومحيى الدين بن عربى وعمر بن الفارض.
وفى إطار ما رآه ابن تيمية التمسكَ بالأصول، رفض «البدع»، ورأى أنها «كل ما لم يشرّعه الله ورسوله، وما لم يأمر به أمر إيجاب ولا استحباب»، ورفض أن يتكلم أى من أئمة المسلمين فى شىء إلا بدليل شرعى. وأصبح اصطلاح «الدليل» هو الركن المكين للطريق السلفى، إذ لا يبت شيوخ السلفية فى أمر إلا بالبحث عما يسمونه «الدليل الشرعى»، ويبنونه من آيات القرآن والأحاديث المنسوبة للنبى وإجماع علماء الأمة السابقين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.