خدعنا صناع الدراما لسنوات طويلة بصورة مخيفة عن "بيت الطاعة" حيث يظهر فى الأفلام والمسلسلات كغرفة حقيرة لا تحتوى سوى على قلة وحصيرة و"وابور" جاز وتجبر المرأة قهرا على العيش فيه رغما عن إرادتها بمجرد أن يطلبها الزوج لبيت الطاعة، لكن بالاضطلاع على قانون 100 للأحوال الشخصية، خاصة بعد آخر تعديل عليه سنة 2000، نكتشف أن هذه الصورة أقرب للقصص الخرافية. يشرح "عزت حميدة" محامى الاستئناف العام ومجلس الدولة المادة الخاصة بإنذار الطاعة المذكورة فى القانون بشكل مبسط، قائلا فى تصريحات خاصة ل"اليوم السابع": "بمجرد أن يدعو الزوج زوجته للعودة لمنزل الزوجية عن طريق إعلان على يد محضر يبين فيه المسكن، يحق لها أن تتقدم بدورها باعتراض للمحكمة خلال 30 يوما، وتبرر أسباب اعتراضها بأنه غير أمين عليها أو على مالها أو أن المسكن غير ملائم". مشيرا إلى أنه فى أغلب الحالات تسقط المحكمة دعوى الطاعة بعد أن تتقدم الزوجة بهذا الاعتراض خلال ال30 يوما، أو ترفع الزوجة دعوى طلاق أو خلع، وفى هذه الحالة أيضا يصبح إنذار الطاعة بلا معنى، مؤكدا أنه حتى فى الحالات التى ترفض فيها المحكمة اعتراض الزوجة لا تكون مجبرة على المثول لدعوة الزوج. ويوضح ذلك "حميدة" بقوله "الزوجة ساعتها بتبقى (ناشز)، وده معناه حرمانها من نفقة الزوجية لكن يظل من حقها نفقة الصغار لو كانت حاضنة، لكنها فى كل الأحوال غير مجبرة للرجوع لمنزل الزوجية وما نراه فى الأفلام (أفورة) مؤلفين". وفى وجهة نظر المحامى عزت حميدة فإن محكمة الأسرة أنصفت المرأة بشكل كبير، وفى الأغلب الأحوال يكون القضاء فى صف الزوجة. وبالمثل يؤكد "شريف رمضان" المحامى بالنقض والمحكمة الدستورية أن "بيت الطاعة" أصبح مجرد أمر إجرائى فى إطار الدعاوى بين الزوج والزوجة، فإن تقدم الزوج بدعوى طاعة تستطيع زوجته الرد برفع دعوى لتطليق نفسها، فتسقط ورقة الطاعة وتحتفظ فى نفس الوقت بحقوقها المادية، أما إذا تقدمت بدعوى خلع فستتنازل عندها عن حقوقها المادية، ولا يجوز أن يتم إجبارها على الذهاب لمنزل الزوج الذى يحدده فى الإنذار الذى يصل للزوجة عن طريق المحضر، لأن من حقها أن تتقدم باعتراض للمحكمة خلال 30 يوما لأى سبب، وتظل تحتفظ بحقها فى النفقة الزوجية حتى وهى مقيمة فى بيت الأهل وليس بيت الزوجية. هذه الصورة الخاطئة التى تقدمها الدراما أحد أسباب تغييب الوعى لدى كثير من النساء عن حقوقهن التى يقرها القانون، كما تقول دكتورة إيمان بيبرس، رئيس مجلس إدارة جمعية نهوض وتنمية المرأة. وتضيف ل"اليوم السابع": "الزوج لا يستطيع إجبار الزوجة على العيش معه فى أى حال من الأحوال، والمشهد المحفوظ ل"القلة والحصيرة" نابع من خيال المؤلفين، لأنها لو وجدت المنزل غير ملائم من حقها الاعتراض أمام المحكمة، فى مدة ال30 يوما وأغلب المعلومات التى تصلنا من الدراما خاطئة، وعلى صناع الأفلام أن يستشيروا المتخصصين قبل بناء الأحداث على أساسات خاطئة، حتى لا يتسبب ذلك فى تكوين صورة خاطئة لدى النساء تحرمهن من المطالبة بحقوقهن، أو تجعلهن يخضعن للزوج لأنهن يتصورن أن القانون لن يكون فى صفهن". وبعيدا عن دور الدراما التليفزيونية والسينمائية تؤكد إيمان بيبرس أن على الإعلام دورا كبيرا فى هذا الصدد، وعليه أن يتبنى قضايا المرأة وتوعيتها بحقوقها التى يكفلها لها الدستور والقانون، إضافة إلى دور منظمات المجتمع المدنى التى عليها أن تصل للمرأة فى القرى والنجوع لتوعيتها وتثقيفها.