"حرصا على صورة مرعى تدخل الرئيس مبارك"... عبارة تحتل مانشيتات الصحف المصرية بين الحين والآخر.. حيث اعتادت الساحة القضائية بعد أن تشتعل غضبا وثورة من بعض مشروعات القوانين أو القرارات التى يصدرها المستشار ممدوح مرعى وزير العدل، أن تجد الحل قادم من مقر الرئاسة لتلبية مطالبهم وكأن مبارك أصبح حلا لمشاكل مرعى مع القضاة وأعوانهم. ولعل أبرز الأمثلة على الدور الكبير الذى يلعبه الرئيس فى حل أزمة القضاة مع مرعى هو المشروعات القانونية الثلاثة التى حاول وزير العدل تمريرها بداية من العام الماضى حتى الآن. وأول هذه القوانين هو مشروع قانون "الهيئات القضائية " والذى دار بسببه أزمة كبيرة بين نادى قضاة مصر برئاسة المستشار زكريا عبد العزيز ووزير العدل لاعتراضهم على منح مرعى صلاحيات واسعة للسيطرة القضاة من خلال هذا القانون. أما المشروع القانونى الثانى هو "قانون أكاديمية القضاة" والذى بموجبه ينتزع وزير العدل اختصاصات مجلس القضاء الأعلى والنائب العام فى اختيار المعينين فى النيابة العامة. أما المشروع الثالث والأخير هو مشروع قانون "تعديلات السلطة القضائية" والذى كان يقضى بزيادة عدد أعضاء مجلس القضاء من خلال ضم عضوية اثنين من رؤساء المحاكم الابتدائية إليهما. وهو ما أثار الأزمة الأخيرة التى تصدى فيها جموع القضاة لمرعى وأرسلوا آلاف الخطابات للرئيس اعتراضا عليه. تدخلات الرئيس لم تقتصر فقط على سحب المشروعات القانونية التى يعدها مرعى، بل إصدار قرارات أو تعليمات تجعله يعدل عن بعض مواقفه منها إصدار مبارك قرار بسفر المستشار محمد المنزلاوى بمجلس الدولة إلى الخارج للعلاج على نفقة الدولة، على الرغم من موقف وزارة الرافض لسفره بناء على الميزانية المخصصة لعلاج كل قاض. كما أن قيام الرئيس بسحب دعوى الصلاحية ضد القاضى حمدى وفيق عضو مجلس إدارة نادى القضاة إلى مجلس الصلاحية بتهمة سب رئيس الدولة أكبر دليل على امتصاص مبارك لغضب القضاة العارم من بعض قرارات مرعى. وبعيدا عن القضاة فإن الرئيس تدخل حسب تأكيدات عدد من الخبراء العام الماضى لإنهاء أزمتهم مع وزارة العدل حول مطالبهم بإصدار قانون جديد، كما يتوقع البعض أن تنتهى أزمة الخبراء الحالية على يد الرئيس بعد أن أرسلوا مئات من البرقيات إلى مقر رئاسة الجمهورية يناشدونه بالتدخل لوقف الكتاب الدورى الصادر من التفتيش القضائى والذى يقضى بمنع إرسال الدعاوى القضائية إليهم وإصدار القانون الذى وعد مرعى بإصداره علاوة على مطلبهم بإلغاء ندب الخبراء للمحاكم. وعبر عدد كبير من الخبراء لليوم السابع عن أملهم بأن يساندهم الرئيس كما ساند القضاة فى مطالبهم. المستشار خالد قراعة، عضو مجلس إدارة نادى قضاة مصر، أكد على حق الرئيس مبارك الدستورى فى أن يكون حكما بين السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية بهدف إبعاد أى خلاف بينهم. مؤكدا على النظرة الشمولية للرئيس عكس نظرة الوزير التى تقتصر على حدود وزارته. وأضاف قراعة قائلا "من الناحية الإدارية البحتة فإن تدخل الرئيس فى عمل المرؤوس بصفة مستمرة يعطى نظرة شاملة عن أن هذا المرؤوس غير كفء، لأن الرئيس يقوم بتصحيح الأخطاء التى يقوم بها". وأبدى قراعه تحفظه على رغبة مرعى فى التدخل فى شئون القضاة من خلال عدد من المشاريع القانونية. وأضاف "فى الوقت الذى أثبت فيه وزير العدل أنه أدارى بارع ولديه كفاءة فى التعامل مع أعوان القضاة والشئون الثانوية للقضاة، فإنه أثبت أنه فاشل فى التعامل مع القضاة أنفسهم". فى حين أكد المستشار فؤاد راشد، رئيس محكمة الاستئناف والرئيس السابق للجنة تقصى الحقائق بنادى قضاة مصر، على أن وزير العدل لا يتحرك بعيدا عن سياسة الدولة والحكومة التى هو جزء من تشكيلها. وأضاف قائلا "أعتقد أن ما يجرى تجاه القضاة ليس موقفا للوزير وإنما هو سياسة دولة وهى سياسة القبضة الحديدية". معللا تدخل الرئيس بأنه يهدف إلى احتواء مواقف تنذر بالخطر أحيانا نتيجة لتفاقم الأمور والأزمات، مع الاحتفاظ بذات الآليات والسياسات نفسها. وتوقع راشد إعادة طرح مشروع توسيع مجلس القضاء بآليات جديدة والكمون للحظة مواتية لتمريره.