سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أسرار الدفع ب«بشر» كوسيط مفاوضات الإخوان والجيش بعد عزل مرسى.. قصة تحول بشر من العضو التنظيمى بالجماعة الذى لم يكن يوماً عضواً بحزبها السياسى إلى رجل السياسة الأول وممثلها فى مفاوضات الاتحاد الأوروبى
على الرغم من أن الدكتور محمد على بشر وزير التنمية الإدارية السابق لم يحصل يوماً على منصب سياسى فى حزب الحرية والعدالة سواء بالترشح على قوائمه فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة أو عضوية المكتب التنفيذى للحزب أو حتى عضوية المكتب السياسى فى محافظة المنوفية مسقط رأسه، فإن بشر حالياً هو الممثل السياسى الأول لحزب الحرية والعدالة ولجماعة الإخوان المسلمين فى كل مفاوضاتها مع السلطة بعد 30 يونيو، وكذلك هو ممثل الإخوان فى كل لقاءات الوفود الأجنبية التى تزور القاهرة، وهو أيضاً ممثل الإخوان كل المبادرات مع منظمات المجتمع المدنى والأحزاب السياسية، وصولاً لأى حل للأزمة الحالية بعد عزل الدكتور مرسى من رئاسة الجمهورية وتعيين المستشار عدلى منصور رئيساً مؤقتاً للبلاد. انتقال بشر من مرحلة الرجل التنظيمى الإخوانى الذى لا يتغيب عن أى جلسة من جلسات مكتب الإرشاد أو اجتماع من اجتماعات مجلس شورى الجماعة فقط إلى رجل السياسة الأول فى الجماعة جاء لعدة أسباب تعرضت لها الجماعة تباعا أولها هو أن أجهزة الأمن ألقت القبض على أهم 3 عقول من صناع القرار بالجماعة، وهم الدكتور محمد سعد الكتاتنى رئيس حزب الحرية والعدالة، والمهندس خيرت الشاطر والدكتور رشاد بيومى نائب المرشد نائبا المرشد، وثانى الأسباب هو أن باقى قيادات الصف الأول للجماعة وتحديداً محمود عزت ومحمود حسين نائبى المرشد العام لم يظهرا على المشهد منذ 30 يونيو وثارت حولهما روايات مختلفة تتعلق بهروبهما خارج البلاد. السبب الثالث وراء الدفع ببشر هو أنه أحد الأعضاء القليلين فى الجماعة الذين لم ترد أسماؤهم فى قضايا ولم يقدم بحقهم أى بلاغات للنائب العام المستشار هشام بركات، على عكس باقى قيادات الإخوان المتزعمين لاعتصام رابعة العدوية مثل الدكتور عصام العريان والدكتور محمد البلتاجى، وبالتالى فلا يوجد أى عائق أمام بشر من التنقل والتحرك ومقابلة أى وفود لأنه غير مطلوب أمنياً. أول ظهور لبشر كممثل للجماعة فى المفاوضات فى اجتماع غير معلن ضم عددا من المثقفين والمفكرين أبرزهم المستشار محمود الخضيرى والدكتور كمال الهلباوى والدكتور سمير عليش، وتضمن الاجتماع الذى انعقد فى 14 يوليو الماضى اجتهادات فكرية للوصول إلى حل من الأزمة الحالية. عقب ذلك الاجتماع الودى بدأ اسم بشر يتردد بقوة على الساحة خاصة بعد ما اتسمت تصريحاته بالموضوعية وعدم تكراره لعبارات تزيد من الاحتقان السياسى أو تفقده مكانته التفاوضية أو صعوده على منصة رابعة وذكر عبارات الهجوم على الفريق أول عبدالفتاح السيسى أو مؤسسة الجيش أو الشرطة أو الرئيس المؤقت، وهو الأمر الذى دفع الجيش لأن تختاره للاتصال به لكى يلعب دور حلقة الوصل فى المفاوضات بين الجماعة والجيش لحل الأزمة، وبالفعل دار بينه وبين اللواء محمد العصار مساعد وزير الدفاع اتصالاً هاتفياً حول الأزمة، ووقتها قال الدكتور أسامة ياسين وزير الشباب السابق إن الجماعة فوضت الدكتور محمد على بشر للتفاوض مع الجيش فى حال وجود أى مبادرات حقيقية. طيلة حياة بشر التنظيمية فى الجماعة لم يقابل أى وفود سياسية بقدر ما كان يتقابل مع وفود فنية فى مجالات هندسية مختلفة باعتباره أحد أهم الناشطين بنقابة المهندسين وشغل عدة مناصب فيها أبرزها الأمين العام لاتحاد المنظمات الهندسية فى الدول الإسلامية من 1989 إلى 1997، حتى عند الدفع به فى الجهاز الإدارى للدولة لم يتم الدفع به فى أى منصب سياسى كمستشار لرئيس الجمهورية وإنما تم الدفع به فى منصب إدارى يحتاج مجهودا عاليا وهو محافظ للمنوفية وبعدها وزيرا للتنمية الإدارية. رغم كل الثوابت السابقة من أن بشر رجل تنظيمى يعمل فى الشارع فإنه عند أول لقاء رسمى مع وفد أجنبى كان بشر على رأس وفد جماعة الإخوان المسلمين، ففى الزيارة الأولى لكاثرين آشتون الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبى حضر بشر والدكتور عمرو دراج والدكتور هشام قنديل، وفى الزيارة الثانية التى تلتها بأسبوع حضر بشر ودراج وقنديل بالإضافة إلى الدكتور محمد محسوب. وبعد انتهاء الزيارتين بدا أن بشر هو الأقرب فى الوصول إلى صيغة توافقية ومبادرات للحل والمرونة فى التعامل، خاصة أن الجماعة فوضته تفويضا كاملا بالعمل واتخاذ القرارات دون الرجوع إليها. لقاء آخر كان لبشر دور قوى فى ترتيبه بالنسبة للجماعة وهو لقاء لجنة الحكماء الأفريقية، حيث إنه هو من سهل ورتب ونسق عملية زيارتهم لاعتصام رابعة العدوية والحديث مع باقى قيادات الجماعة حول المشهد السياسى والأزمة الحالية. لا يقف دور بشر إلى حد الرجل السياسى الذى ينتظر المبادرات فقط، بل يقدم مبادرات أيضاً فهو دعا قبل يومين إلى زيارة المنظمات الحقوقية المصرية والدولية لاعتصام رابعة العدوية والتجول به للتأكد من سلميته وأنهم متظاهرون لا ينهجون أى عنف. كل تحركات بشر تؤكد أنه الرجل الأقدر بين صفوف الإخوان على التعامل مع الموقف الحالى والمشاركة فى حوارات مع أطراف اللعبة السياسية للخروج بأقل خسائر، غير أن هذا الرجل نفسه تدور حوله عدة أسئلة أبرزها، إذا كان بشر المفاوض الأول للجماعة فى مصر، فلماذا كان يريد السفر للإمارات فى هذا الوقت العصيب؟، وهل الإمارات يوجد بها أى وسيط غير معلن عنه يساند فى التوفيق بين الجيش والإخوان؟ ولماذا وضع جهاز الأمن الوطنى بشر على قوائم الممنوعين من السفر رغم أنه غير مطلوب للعدالة ويلعب دورا تفاوضيا ويجرى اتصالات تصل فى بعض الأحيان مع قيادات الجيش أنفسهم؟