قالت الصحف وهي تزف لنا البشرى إن الأستاذ الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء يلتقى مرشحى الوزارة سرا، وبنفس المنطق الذى كان سائدا يحرص الرجل علي ألا تظهر نواياه لغير الجماعة التى أتت به في ليلة حالكة السواد، ليتربع علي عرش الوزارة، وهو الذى لم يكن يحلم بأن يكون رئيس حى العباسية . وبدلا من أن يلتقى المرشحين للحصول على منصب «خازوق» كما وصف ذلك من قبل الراحل العظيم مصطفى أمين أمام الملأ وعدسات المصورين، ليؤكد من جديد أن فى مصر قامت ثورة ، غيرت المفاهيم، وأن شيئا لم يعد سرا دفينا تتكهن به الصحافة والصحفيون ، قرر قنديل أن يسير علي درب سابقيه ممن عملوا في ظل النظام السابق، ليطمئن الفلول وفلول الفلول أنه علي الدرب يسير، مهما كانت أحلام المصريين في مستقبل لايحمل من الأسرار أكثر ممايحمل من الشفافية . والمثير للدهشة أن هشام يحاول إيهام الجماهير بأنه صاحب قرار، وذلك بأن جعل تغييره الوزاري أكثر غموضا بحركات صبيانية، كان يمارسها «الألفة» في الفصل الدراسي، إذا ماطلب منه الناظر اختيار مساعد له، وحتى يكون مثيرا وعجيبا ومهما فإن عليه أن يكون الوحيد الذى يعرف تفاصيل نعلم جيدا أنه يتلقاها فى مظروف حكومى أصفر، يحمل أسماء من اختارهم السلطان. فيقرأ الأسماء ويحفظها، حتى يستطيع تذكرها أمام عدسات التليفزيون عندما يصدر له الأمر بذلك. وحتي ينسى أيام أن كان مدير مكتب، فإنه يوثر أن يلتقى المرشحين في مكان آمن، قد يكون مكتب الإرشاد، أو بيت الشاطر، أو مقهي بلدي بحى الدقى، أو تحت بير سلم قديم متهالك، يخرج منه التشكيل الوزارى الجديد، وكلما اجتهد الصحفيون وأخطأوا التقدير، يزداد الرجل فخرا وفخارا.. ويشعر فى حينه بلذة الغموض ومتعة التمويه . .. وتخرج الصحف يوميا لتقول إن قنديل التقي فلانا دون أن يعلموا أن فلانا هذا صاحب الشقة الإيجار التي يسكنها رئيس الوزراء، وقد جاء مطالبا بالأجرة عن شهر مضى .. يسعد كثيرا هشام بالفخ الذى ينصبه للصحف، ولسان حاله يقول « كلنا فى الهوا سوا» فهو حتى تاريخه لايعرف لماذا جاء وإلى متى هو باق؟ وإلى أى مذبح يساق ؟!!! والغريب فعلا أن قنديل يظن - وبعض الظن إثم- أن الجماهير لديها أمل فى تعديل أو تغيير، والحالة هى الحالة، والصورة نفس الصورة، فالمنطق يقول إننا أمام أتفه وزارة عرفها تاريخ مصر الحديث والقديم، وأن هشام قنديل نفسه ليس مقنعا للأخ هشام قنديل، وأبعد تصور قد يعقله المرء أن وصوله إلى هذا المنصب إنما جاء تصديقا للحديث القدسى الذي يقول فيه المولي عز وجل «وعزتي وجلالى لأرزقن من لاحيلة له حتي يتعجب أصحاب الحيل».