في سهل الطينة كان للحكومة قصة غريبة، في منطقة ال50 ألف فدان التي خصصتها الحكومة منذ سنوات للاستصلاح الزراعي، لكن دون تدقيق بيانات أو دراسات للتربة والمياه، فأقبل المواطنون على المشاركة في المشروع، لكن المفاجأة الكبرى تمثلت في عدم صلاحية التربة والمياه في المنطقة للاستصلاح الزراعي، حيث تصل نسب الملوحة فيها بنسبة 15 جزءا في المليون، وذلك وفقًا لتقارير مركز بحوث الصحراء التي عرضت على عدة وزراء للزراعة آخرهم الدكتور صلاح هلال. ورغم تأسيس الدولة للبنية الزراعية في المنطقة لكن كل ذلك لم يجعل الأرض تنبت زرعًا فتحولت أجزاء من المنطقة إلى مزارع سمكية بغرض غسيل التربة من الأملاح لبدء الاستزراع النباتي، لكن تجاهل الدولة توفير مصادر المياه النقية حال دون غسيل الأرض وزاد الملوحة فيها، ما دفع المنتفعين منها إلى استمرار نشاطها كمزارع سمكية. ووفقا لمصادر بهيئة الثروة السمكية فإن المزارع الموجودة في المنطقة تنتج سنويًا نحو 100 ألف طن من أسماك أغلبها من البورى والبلطى الأكثر شعبية واستهلاكًا بين المصريين. الغريب هنا أن الحكومة كان لها رأى آخر فبعد استقرار أحوال المنتفعين بالأرض وعدم جدواها للاستزراع النباتي، قررت إزالة المزارع السمكية في المنطقة بداعى أنها مخصصة للاستزراع النباتى غير الصالح فيها من الأصل، وصدر القرار بتوقيع الدكتور عصام فايد وزير الزراعة الأسبق في أغسطس 2016، لتبدأ الدولة في الإزالة لمزارع سمكية بداعى المخالفة على 16 ألف فدان. بعد الإزالة وخراب البيوت ظهرت المفاجأة الكبرى، عندما تم تشكيل الدولة لجنة علمية سحبت عينات في الربع الأول من العام الجارى من منطقة سهل الطينة لبيان مدى صلاحية التربة للزراعة، وشكلت من علماء معهد الأراضى والمياه والبيئة ومهندسى جهاز تحسين الأراضي، حيث ذكرت اللجنة في تقريرها الذي قدم لمكتب وزير الزراعة الدكتور عبد المنعم البنا، أنه من ضمن مشاهداتها أن الجزء الواقع من منطقة سهل الطينة شمال ترعة الشيخ جابر الصباح والأقرب للبحر المتوسط يعانى مشكلات الملوحة والقلوية، وتدهور خواص التربة الطبيعية والكيميائية وتندر فيه الأراضى الزراعية وتنتشر المزارع السمكية وتقل به نسبة التجفيف. وأكدت اللجنة أنه لا يوجد أي تخطيط مسبق لعمل مصارف ونظام رى قوى وفعال يخدم عملية غسل التربة، وضعف دور الدولة المتمثلة في الجمعيات الزراعية بما لديها من مهندسين للإرشاد. وخلصت إلى أنه في حالة استمرار الوضع على ما هو عليه في المنطقة في محاولات تحويل أراضى الاستزراع السمكى إلى نباتى فإن حالة الأراضى ستزداد سوءا. كما أوصت اللجنة بإعطاء المنتفعين مدة إضافية كافية في الأراضى التي تحتاج إلى غسيل مستمر لحين الانتهاء من دورة الاستزراع السمكي.