شيوخ الإرهاب الذين يخترعون فتاوى تحريم تهنئة الأقباط ب"عيد الميلاد المجيد" يبثون الفتنة والكراهية في مصر كلها وينبغى الحجر عليهم ومنعهم من الإفتاء والضرب على أيديهم ولو كانوا من علماء الأزهر، ورغم أن هذه الفتاوى قديمة تماما كالنكتة القديمة التي باخت من كثرة تداولها إلا أننى لم أفهم سبب التحريم، إذ الحلال بيّن والحرام بيّن، فقد راجعتُ ما تعلمته في كتب الفقه عن الإباحة والحرام، فوجدت أن أول شئ يدرسونه لصغار طلاب العلم هو "الأصل في الأشياء الإباحة، ولا حرام إلا ما ورد فيه نص صحيح صريح في القرآن الكريم أو الحديث الشريف، لا يحتمل تأويلا. أخذت أقلب أوراق الكتب وأضرب أخماسا لأسداس، فأعيانى البحث، بحثت في القرآن الكريم عن نص بتحريم هذه التهنئة فلم أعثر، تفرست السيرة النبوية فلم أجد، أبحرت في الحديث الشريف فلم أرس على بر، بل أننى أكاد أسمع كبير هؤلاء الشيوخ وكاهنهم الأكبر وهو يلقى درسا يقول فيه وقد أحمرت وجنتاه "ليس لإنسان مهما علا شأنه مباشرة حق التحريم من دون نص، وإلا أصبح مفتريًا على الله، ومعتديًا على حقوقه" ثم أخذته الحمية وقرأ من القرآن "ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب". بل إننى سمعت هذا الشيخ وهو يتلو الآية القرآنية "يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين" ثم قرأ من كتاب الله "أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله" ثم انفعل الشيخ وهو يتهم كل من يحرم بغير نص أنه ينصب نفسه شريكا لله. ولكن شيخ الأمس غير شيخ اليوم، والفتوى تأتى على هوى الذي يدفع الأجر والثواب ويودعه في بنك قطر الوطني، فللمال رونقه وللراعى الخليجى توجهاته، ويا لتقلبات الرجال وهم يحثون الخطى ناحية الريالات والدولارات، إذ يباح لهم اتباع كل الوسائل للوصول والتمكين بما فيها إعطاء فتاوى دينية غريبة عبارة عن جرعات صغيرة في قنينة الفتوى، إذا تناولناها ظهرت علينا أعراض التسميم الفكري!. لذلك وقف شيخ اليوم يقول بالتحريم قياسا، وليت قياسه صحيحا، بل إنه فاسد فهو يحرم التهنئة لأن المُهنئ يتشبه بالمسيحيين في عبادتهم ونحن لا نؤمن بهذه العبادة! عظيم يا مولانا، ما علاقة التشبه بالتهنئة! أين وجه الشبه بينهما؟ الله أكبر على العلم والفقه والدراية، الذي يتشبه يا رجل هو الذي يمارس ذات العبادة، ويقلدها شبرا بشبر، والذي يهنئ هو ذلك الرجل المسلم الطيب الذي يطرق باب جاره المسيحى الطيب، ويقول له: كل عام وأنتم بخير وسعادة بمناسبة عيدكم، تماما كما يفعل المسيحى الطيب الذي يطرق بابك يا عم الشيخ في عيد الفطر أو عيد الأضحى ويقول لك كل عام وأنت بخير يا مولانا، فهل هو بذلك قد تشبه بك، وصلى معك العيد، ثم ذبح "الخروف"؟! مساء الخير أيها الخروف.