«اللهم ارزق رئيسنا البطانة الصالحة»..دعاء لا يكل ولا يمل الشيوخ على المنابر من ترديده, حتى فى أعتى الديكتاتوريات فى مصر , كانوا على علم بفساد الرئيس.. ومن حوله.. ومع ذلك كانوا يدعون له, بعضهم يدعو راجياً الله أن يوقف ظلمه, اعتقادا منهم أنه وحده الفاسد, وآخرون يدعون الله رجاء أن يخلصهم من شرور تلك البطانة وفسادها. المهم أن هناك علاقة خاصة تربط دائما بين «الفرعون» وملأه, فمثلما يستفيدون من السلطة والجاه وجنى الأموال, يعودون بالنفع على الرئيس الذى تمتلئ خزائنه وتزداد كلما ارتد طرفه. خبراء تحدثوا ل«فيتو» عن العلاقة التى تربط الحاشية الفاسدة بالرئيس الديكتاتور, وعلاقات المنفعة المتبادلة بينهم . د. حمدي عبد العظيم -عميد أكاديمية السادات الأسبق- قال إن أى شخص يتقرب من الرئيس الفرعون يكون حريصاً على أن يستفيد ويتربح شخصيا من الموقع السياسى, ويتحول لأحد مراكز القوى البعيدة عن المساءلة ،والتى لا تقترب منها الأجهزة الرقابية, ولا يطبق اللوائح لذلك نجدهم يستغلون نفوذهم فى التربح والاستيلاء على أراضى الدولة للاستيلاء على المال العام . وأوضح «عبدالعظيم» أن الشخصيات الفاسدة ترتبط بعناصر فاسدة سواء كان الرئيس الذى يجمع حاشية مثله, أو أفراد الحاشية وبعضهم, مضيفا أنهم يساندون بعضهم البعض ويهجمون على أى شخص يحاول كشف الفساد سواء بعزله من وظيفته, أومطاردته بالقضايا والتهم ,أو حتى التصفية الجسدية فى بعض الأحيان لجعله عبرة لمن لا يعتبر . عميد أكاديمية السادات الأسبق قال: إن خزائن الرئيس تمتلئ هى الأخرى بالأموال فى حالة هؤلاء الرجال، فهم يغدقون العطايا عليه وفى حساباته فى الخارج، سواء من عمولات سلاح أو مناقصات أراض باعوها بملاليم, ويتحول أولاده الي شركاء لهم فى كل الثروات، مثلما رأينا فى حالة «جمال وعلاء» نجلى مبارك . وعن خسائر مصر فى ظل حاشية الرؤساء السابقين, قال «عبدالعظيم» إنه لا يوجد رقم محدد لثروة مبارك ورجاله، ولكنها تراوحت وفقا للتقديرات ما بين 600و750 مليار دولار، وهو الرقم الأكبر فى تاريخ مصر, والذى يرجع لتفرع الفساد وتعدده فى عهد «مبارك» وكثرة عدد الحاشية وما حولها, وعن «السادات» قال: إن مراكز القوى فى عهده كانت عبارة عن رجال أعمال من المقربين كانوا ينشئون شركات استيراد وتصدير ويقومون بأعمال ضد القانون, مثلما حدث مع عصمت السادات ورشاد عثمان الذين كانوا يستوردون المخدرات فى الخشب , وأوضح «عبدالعظيم» أن خسائر الدولة فى فترة «السادات» بسبب حاشيته تراوحت ما بين 100 و200 مليون دولار وعن جمال عبدالناصر قال: الفساد فى عهده ارتبط بالجيش، أو رجال الثورة ووجدنا رجالاً عسكريين يحققون ثروات من حرب اليمن، بسبب صفقات السلاح, أما عائلته وأقاربه فلم يثبت ضدهم شيء حتى الآن, ورصد«عبدالعظيم» الخسائر فى عهده بحوالى 10 ملايين دولار. أما الرئيس محمد مرسى فقال إنه حتى الآن يحاول ان يظهر بمظهر الزاهد وهى الصورة التى اعتدنا عليها فى بداية حكم اى رئيس جديد , مؤكدا أنه فى حالة تلاقى المصالح المادية بينه وبين رجاله فسيظهر الفساد . فرج عبدالفتاح -استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة, والخبير الاقتصادى بمعهد الدراسات الافريقية- قال: إنه فى حالة الرئيس الديكتاتور فإن كل من يعمل فى حاشيته أو بطانته يتقمص شخصية الديكتاتور ويتخيل انه ظل الرئيس , ويبدأ فى ممارسة مخالفات للقانون بحكم أنه ديكتاتور صغير، ويستطيع من خلال تلك الممارسات أن يخلق منافع مالية تتسم بالممارسات الفاسدة, وهذه الحالة نراها فى الدول التى يحكمها رؤساء يتسمون بحالة من الديكتاتورية , مثلما هو الحال فى دول افريقيا واسيا , رغم أن تلك الدول تعلن دائما انها دول ديمقراطية لمناشدة حكومات الغرب والتقرب منها, وأوضح «عبدالفتاح» أن حالة الديكتاتورية تتنافى مع وجود مؤسسات قانون، وحكم رشيد، فدولة القانون والمؤسسات لا تسمح بالرئيس الديكتاتور , مستبعدا أن تظهر البطانة الفاسدة فى عهد الثورة او الرئيس الديكتاتور , لأن الشعب الذى ثار على أعتى الديكتاتوريات«مبارك» لن يسمح بديكتاتور آخر . أما نورهان الشيخ -استاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة - فحذرت من اتجاهنا إلى خلق ديكتاتور جديد، بسبب الكثيرين الذين يحاولون تحقيق مكاسب شخصية من الوضع القائم , ويزدادون يوما بعد يوم, ونجدهم حول الرئيس وداخل كل المؤسسات , مستشهدة على ذلك ب«المتحولين» الذين ظلوا لسنوات فى أمانة السياسات بالحزب الوطنى وفجأة وجدناهم جميعا يعلنون أنهم كانوا يدافعون عن جماعة الإخوان المسلمين, مؤكدة أن هؤلاء سيجهضون التجربة الديمقراطية المصرية , من أجل منافعهم الشخصية , والتى رصدتها استاذة العلوم السياسية فى أن أول تلك المصالح هى السلطة نفسها وممارستها على الآخرين, وهو ما يسعى كثيرون بل وأحيانا يكونون مرضى فقط بحب ممارسة السلطة على الناس, بالإضافة إلى المنافع الاقتصادية التى تعود عليهم , وأوضحت أن الرئيس «الفرعون» غالباً ما يثق فى هؤلاء ويظن أنهم من يحمونه ويريدون مصلحته , وقالت «الشيخ»: إن حاشية «مبارك» كانت تتسم برجال غير كفء وتعتمد على أهل الثقة وليس الخبرة , وهو ما أرجعته لضعف شخصيته أما السادات فقالت: إنه كان دائم التجديد فى رجاله سواء الوزراء أو رؤساء الحكومة و وكان يحاول أن يحيط نفسه بالكفاءات وهو ما أرجعته إلى قوة شخصية «السادات» . وعن «عبدالناصر» قالت: إنه كان يمثل حالة خاصة لأنه صعد للحكم ومعه رجال الثورة وكانوا مفروضين عليه وظل يعتمد عليهم وكلهم كانوا من أهل الثقة وليس الخبرة . أما الرئيس محمد مرسى فأوضحت أستاذ العلوم السياسية أنه قدم بالتزام تجاه جماعته «الإخوان المسلمين» , وتيارات الاسلام السياسى المختلفة التى أعلنت دعمها ومساندتها له , لذلك فهو يعتمد على أهل الثقة وليس الكفاءات فى محاولة منه لإرضائهم .