«مترو الأنفاق» ترفض عرضًا كوريًا ل«تقليل الخسائر» بالمجان.. وتتعاقد مع «تاليس» ب 160 مليون جنيه "للخلف دُر".. متابعة الخطوات التي تتخذها قيادات وزارة النقل، وهيئاتها المختلفة، تؤكد –بما لا يدع مجالا للشك- أن هذه القيادات تعمل ضد إرادة الرئيس، تعانى من "صمم سياسي" يعوق عملية استماعها وفهمها الخطابات الرئاسية، التي لا يكاد الرئيس عبد الفتاح السيسي، ترك واحدًا منها دون الإشارة والتأكيد والمطالبة والتوجيه نحو سياسة "تقليل حجم الإنفاق". ومتابعة القرارات التي تخرج من قيادات "النقل" تؤكد أيضًا أنها ترفع شعار "خالف تُعرف" وإلا ما كانت رفضت الدخول وتوقيع اتفاقيات مع أطراف دولية ب"شروط معقولة"، ووافقت في الوقت ذاته على الاتجاه لسياسة "الاقتراض" التي لا تتناسب والوضع الاقتصادى غير المستقر الذي تعانى منه البلاد. وفقا للإحصائيات المتاحة فإن المترو يستقل المترو يوميا ما يزيد على 3.5 ملايين راكب، وبحسبة بسيطة يمكن القول إن الهيئة تحقق إيرادا يوميا بنفس الرقم، غير أن الواقع يؤكد أن ما يدخل خزينة المترو لا يتخطى حاجز المليون جنيه و200 ألف جنيه يوميًا، وهو ما دفع إحدى الشركات الكورية إلى دراسة الأزمة تلك، ومحاولة إيجاد حل ل"الفاقد" الذي تعانى منه الهيئة، وتوصلت الشركة إلى أنه يمكنها معالجتها وزيادة إيرادات المترو بمقدار مليون جنيه يوميًا. وعرضت الشركة الكورية على مترو الأنفاق توريد ماكيانات على شكل بوابة إلكترونية تمنع نهائيًا أي شخص من العبور من المترو دون دفع ثمن التذكرة، وذلك مجانًا ودون تحميل المترو أي مبالغ مالية. وكانت تفاصيل العرض الكورى كالتالى: يتم توريد نحو 800 إلى 1000 ماكينة وبوابة تذاكر مجانا للخطوط الثلاثة ويتم تركيبها والإشراف عليها من جانب الشركة على أن تحصل على نسبة من التذاكر يتم الاتفاق عليها أو تحصل طوال مدة ضمان الماكينات على المبالغ الزائدة على الإيرادات المتفق عليها. المثير في الأمر هنا أن الشركة المصرية لتشغيل المترو رفضت العرض الكورى، ليس هذا فحسب لكنها تعاقدت مع شركة "تاليس" بمبلغ مالى قدره 160 مليون جنيه لتوريد 600 ماكينة تذاكر، على أن يتم الاقتراض من البنوك لتغطية قيمة الصفقة، وهو ما يخالف تعليمات الرئيس بالابتعاد عن الاقتراض وفى نفس الوقت يتعارض مع التوجهات العامة. "السير عكس الاتجاه" لم يتوقف عند هيئة مترو الأنفاق، لكن الأمر ذاته اعتمدته أيضا هيئة السكك الحديدية التي عرقلت مشروع قطارات "لاتيفا"، في الوقت الذي توجهت فيه –بتعليمات من وزير النقل الحالى- لاستيراد 700 عربة جديدية مكيفة للقطارات، ومن المقرر أن تقوم بطرح مناقصة عالمية لتوريد العربات، وتخطط السكك الحديدية لمخاطبة البنك الدولى وبنوك أوروبا لتمويل الصفقة. المثير في الأمر أن وزير النقل، الدكتور جلال السعيد، تحدث خلال اجتماعه مع رئيس الحكومة أن وزارته تسعى لإبرام الصفقة وتمويلها من خلال القروض، وهو ما يتعارض مع توجهات الرئيس. وأشار وزير النقل إلى أن حالة وعدد العربات الحالية أصبح يستدعي ضرورة الاستفادة من العروض المقدمة من الشركات العالمية المتخصصة، والمدعومة بقروض حكومية ميسرة، لتوريد 780 عربة جديدة مكيفة خلال عامين، والتي سيورد بعضها من الخارج مباشرة والباقي من خلال التصنيع المحلي المشترك من الشركات والمصانع المصرية المتخصصة. تجدر الإشارة هنا، إلى أن وزارة النقل، وتحديدًا أثناء تولى الدكتور سعد الجيوشى، إدارة أمورها، نجحت في الابتعاد عن اتباع سياسة "الاقتراض" ونجحت خلال فترة وجيزة في التحول من الاقتراض إلى التصنيع المشترك. كما اتفقت الوزارة مع دولة "لاتفيا" على إنشاء مصنع للقطارات بالشراكة بين مصر و"لاتفيا" بدلا من مشروع الاستيراد بالقروض من الخارج. كما تمكن "الجيوشى" من الاتفاق مع شركة سعودية لإنشاء وتشغيل خط قطارات "العين السخنة – حلوان" لنقل البضائع، ورفض القروض الأجنبية والخاصة بتمويل عدد من المشروعات، وكان من بينها قروض من بنوك أمريكية كبيرة، ولكن المستفيدين من القروض بوزارة النقل كانوا أقوى من الوزير وتمكنوا من وضع العقبات في طريقه للإطاحة به من الوزارة وتم بالفعل ما خطط له العديد من المستفيدين وأصحاب المصالح.