خلف أسوار سجن النساء بالقناطر، قصص وحكايات غاية في الغرابة والإثارة.. أبطالها نساء تورطن في جرائم مختلفة بينها قتل وسرقة واتجار في المخدرات.. بعضهن أنجب أطفالا داخل السجن، وبعضهن ترك الأبناء يواجهون مصيرا غامضا.. محقق «فيتو» دخل سجن القناطر وتجول في عنابره وأقسامه المختلفة، والتقى عددا من السجينات واستمع منهن لحكايات مثيرة يرويها في السطور التالية. بكلمات ملؤها الحسرة والندم بدأت «زينب» البالغة من العمر 57 عاما سردت حكايتها قائلة: «بعد وفاة زوجي منذ سنوات طويلة، ضاقت بي الدنيا وأغلقت أبواب الرزق في وجهى، ومع الوقت تزايدت أعباء الحياة على خصوصا وأنا أم لطفلين.. عرضت على واحدة من أكبر تجار المخدرات في منطقة مصر القديمة العمل معها، وأكدت أن المكسب سهل ومضمون وسأكون بعيدة عن أعين رجال الشرطة.. رفضت في بداية الأمر.. وتحت وطأة الحاجة ورغبتي في توفير حياة كريمة للصغيرين، بدأت في ترويج الحشيش لصالح «المعلمة»، وتدفقت على الأموال فتشجعت أكثر وتوسعت في ترويج المخدر بمختلف مناطق القاهرة، ومن هذه الأموال أنفقت على الطفلين وعلمتهما جيدا، وأحدهما حاليا محام والآخر طبيب».. صمتت قليلا وأضافت: «كنت بعيدة عن رجال الشرطة، ولم يخطر على بالي قط أنهم يتابعون نشاطي ويراقبون تحركاتى، وفي إحدى المرات وأثناء توصيلي لكمية من «الحشيش» لبعض الزبائن في منطقة البساتين، تم القبض على وبحوزتي المخدرات.. وفي التحقيقات لم أستطع الإنكار وأحالتني النيابة إلى محكمة الجنايات التي أصدرت ضدي حكما بالسجن لمدة 15 سنة.. عادت السجينة إلى صمتها للحظات ثم استطردت: « أكثر ما أحزنني هو أن ابني تبرئا مني فور القبض علىّ، وبعد دخولي السجن منذ 7 سنوات لم يحضر أي منهما لزيارتي ولو لمرة واحدة، وكل ما أتمناه منهما هو أن يسامحاني وأن أسمع منهما عبارة «كل سنة وأنتي طيبة يا ماما» في عيد الأم.. ورغم حزني بسبب مقاطعتهما لى، إلا أنني ألتمس لهما العذر. داخل مكتبة السجن التقى محقق «فيتو» بسجينة سورية شابة، تبدو على ملامحها علامات حزن شديد.. سألها عن سبب تواجدها في السجن والقضية المتهمة فيها فأجابت: «أنا سورية حضرت إلى مصر بعد اندلاع الثورة وما أعقبها من أحداث دامية أدت إلى مقتل أفراد أسرتى.. أقمنا في منطقة 6 أكتوبر ووجدت فرصة عمل كمدرسة في حضانة.. أما زوجي فقد أوهمني بأنه وجد عملا شريفا ويحصل منه على مبالغ مالية كبيرة.. ذات يوم وأنا أقلب في هاتفه المحمول، فوجئت بصور وفيديوهات لرجال يمارسون الرذيلة مع نساء.. سألته بحدة عن هذه الأشياء، فاعترف لي بأنه يعمل في الدعارة ويحصل على مبالغ مالية مقابل تنظيم اللقاءات المحرمة.. طلبت منه الطلاق فورا وهددته بالفضيحة إذا رفض طلبى، وبالفعل انفصلت عنه وانتقلت مع أولادي للإقامة في منطقة الشيخ زايد.. بعد عام فوجئت بطليقي يتصل بي ويطلب أخذ الأبناء وعندما رفضت قام باختطافهم.. أسرعت إلى منزله في أكتوبر ونشبت بيني وبينه مشاجرة عنيفة، هددته خلالها بالقتل إذا لم يعد لي الصغار».. صمتت قليلا واستطردت: «بعد أسبوع من تلك المشاجرة، فوجئت برجال الشرطة يلقون القبض على بتهمة قتل طليقي الذي عثر عليه مقتولا داخل شقته، واستندوا في اتهامي على رويات الجيران الذين سمعوني أهدده بالقتل.. وأنا هنا في سجن القناطر منذ عام ونصف، وأنا محتجزة على ذمة القضية التي لم يصدر فيها حكم حتى الآن.. أما أولادي فقد علمت بأنه تم وضعهم في إحدى دور الرعاية بناء على قرار من النيابة العامة، وقد تقدمت بطلب لإدارة السجن كي تسمح لهم بالانتقال معي حتى يكونوا تحت رعايتي ويطمئن قلبي عليهم».. وفي نهاية كلامها عبرت عن ثقتها الكبيرة في القضاء المصري الذي سيكشف الحقيقة لا محالة والمتمثلة في براءتها من تهمة قتل طليقها. أما السجينة الثالثة فلها حكاية غريبة ومثيرة.. بدأت -كما تقول- عندما أجبرتها أسرتها على الزواج من تاجر مخدرات، له سجل إجرامي معروف للجميع، وذلك طمعا في أمواله الكثيرة.. وتضيف: «عشت معه أياما كلها رعب وخوف من رجال الشرطة، وعندما حملت منه تضاعفت همومي ومخاوفى، ورأيت مستقبل ابني أو ابنتي مظلما لأن الأب مهدد بالسجن أو القتل في أية لحظة.. وبعد مرور عام واحد على الزواج حدث ما كنت أخشاه وألقي القبض على زوجي وتم إيداعه السجن بعد الحكم عليه.. أثناء زيارتي له فوجئت به يطلب مني توزيع كمية من المواد المخدرة كان يحتفظ بها على بعض العملاء من التجار والمتعاطين.. وفي زيارة أخرى علمني طريقة إخفاء المخدرات داخل «علب الجبنة»، وأخفيت كمية من الأقراص بداخلها ونجحت الخطة أول مرة وأدخلت له مواد مخدرة ليبيعها للمساجين.. وفي المرة الثانية انكشف أمري وألقي القبض علىّ، وصدر ضدي حكم بالسجن لمدة 3 سنوات، وكانت المفاجأة أن زوجي أنكر صلته بالمخدرات تماما، وطلقني بعد خروجه من السجن.. وداخل أسوار السجن وضعت مولودتي وأقوم برعايتها في عنبر الحضانات».. وتمنت السجينة أن تظل ابنتها في رعاية الشرطة عندما تكمل عامها الثانى، بدلا من تسليمها لوالد ربما يسئ معاملتها ورعايتها. وخلف جدران سجن القناطر التقى محقق «فيتو» مع امرأة شابة تدعى شيماء، صدر ضدها حكم بالسجن لمدة 15 سنة في قضية خطف ابن جارتها وتعذيبه.. تفاصيل القضية ترويها قائلة: «أنا ضحية خيانة زوجى، فقد ربطت بينه وبين جارة لي علاقة غير شرعية، واعتادا ممارسة الرذيلة في منزلها الذي تقيم فيه مع ابنتها البالغة من العمر 4 سنوات بعد وفاة زوجها.. وعندما اكتشفت أمرهما اتفقا على الانتقام مني والزج بي إلى السجن حتى يخلو لهما الجو، وتنفيذا لهذا الاتفاق، قام زوجي بإحضار ابنة عشيقته إلى شقتى، وأوثقها بالحبال وأحدث بها بعض الإصابات، وفي ذات الوقت أبلغت والدتها الشرطة ضدي واتهمتني باختطاف وتعذيب نجلتها.. ألقي القبض على وأصدرت المحكمة حكما بحبسي 15 سنة، غير أن محكمة النقض قبلت طعني على الحكم، وأنا الآن محتجزة على ذمة التحقيقات الجديدة».