إنها الذات العربية التى فرضت نفسها على الإسلام، بعد وفاة الرسول بكل ماحوته من تعقيدات وخلل فى الأصول ونظم استبدادية ضاربة فى أعماق التاريخ ، وجعلت المسلمين بعد أربعة عشر قرناً من بزوغ الإسلام فى موقف دفاعى محض ، فى موقع العزلة والتقوقع على الذات ، يجنحون إلى التعلق بالمقدس والطوطم لسد عجزهم وهزيمتهم الحضارية بين الأمم والشعوب ، مما يجعلهم يهتزون ويموجون لأقل زوبعة ، وهذا يفسر ذلك الحراك والتشنج المبالغ فيه لمجرد قيام فرد أحمق فى بلد بعيد بعمل فيلم ساذج رخيص يتطاول فيه على قامة الرسول الكريم ، إن الرسول الذين يدَّعون نصره بالصياح والضجيج ليس بمهزوم ، فقد نصره الله ، أما هؤلاء فهم المهزومون وفى حاجة لمن ينقذ مجتمعاتهم التى تقوم على الوصاية والمحاذير والفوبيا ، بينما مجتمع الإسلام الحق يقوم على مفاهيم الحرية والمرونة والانفتاح والتجدد . إن الذات العربية التى اختطفت الإسلام وادعت امتلاكه لم تؤسلم العروبة أبدا بل عرَّبت الإسلام عن عمد فى ارتداد واضح إلى تراثها الجاهلى العتيد ، وأسست المفاهيم التى قامت عليها فيما بعد تلك الهجمة الوهابية النجدية التى ارتبطت بالمفهوم العربى الاستبدادى شكلاً وجوهراً ، فاتخذت الدين شكلاً وآمنت بالتقليد العربى مضموناً ، وهذا يفسر مفاهيم الجلباب واللحية والنقاب العربى المرتبطة بقضية الإيمان عندها ، وأصبح الغرب لا يرى صورة الإسلام والرسول إلا فى هؤلاء الوهابيين وفى اصحاب الكهوف والخناجر أمثال بن لادن ورفاقه ، وفى صورة السيف البتار المرفوع كطوطم يهدد ويتوعد ، إنهم لا يستهدفون الرسول بالإهانة بقدر مايقصدون هؤلاء الذين يدّعون أنهم أتباعه وخلصاؤه ، وهو منهم بريء ، يقصدون دعاة الغلظة فى القول والعمل ، وأصحاب منهج الصوت المرتفع والعراك والصراخ والتشنج ، الذين حولوا الصلاة إلى صياح فى مكبرات الصوت بينما أمر الله فى قرآنه أن تكون تضرعاً وخفية ودون الجهر من القول ، الذين يريدون طمس الحواس الإنسانية التى خلقها الله والتى هى أساس النوع وأداة الاختيارالإنسانى ، ويدعون لتغييب العقل لنتبع عقولا، عاشت من ألف سنة مازالت تفتى لنا فى أمور دنيانا . إن الغرب يسييء الحكم على الإسلام ورسوله بسبب تلك القلة المنحرفة أصحاب هذاالفكرالمتخلف التى نجحت فى أسر الإسلام وضربه ، إن أردتم نصرة رسول الله عن حق أوقفوا هؤلاء حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله .. لا لهؤلاء .