بعد أن تحولت بحيرة المنزلة إلى واحدة من أكبر البؤر الإجرامية فى مصر.. وبعد أن أحكم البلطجية والهاربون من السجون قبضتهم عليها، ونشروا الفزع والرعب بين الناس فى محافظات الدقهلية وبورسعيد ودمياط.. تعالت نداءات واستغاثات الأهالى والصيادين لأجهزة الأمن وجميع المسئولين فى الدولة مطالبة بالتدخل السريع وتطهير بحيرتهم من هؤلاء الجبارين.. وأخيرا استجابت الدولة لهم وانطلقت حملة ضخمة تضم نحو 12 ألف جندى أمن مركزى، ومئات الضباط وعشرات المدرعات، فضلا عن وحدات تابعة للجيش الثانى الميدانى مدعومة بطائرات الأباتشى المقاتلة وشنت هجوما كاسحا على البحيرة.. غير أن الحملة فشلت فى تحقيق أهدافها كاملة لأسباب وأسرار عديدة يكشفها محقق «فيتو» فى السطور التالية من خلال لقاءاته مع شهود العيان من الأهالى. فى مدينة المطرية بمحافظة الدقهلية.. التقى المحقق بأحد الأهالى ويدعى أحمد حسين وسأله عن الحملة الأمنية على بحيرة المنزلة ونتائجها.. فقال: «انتظرنا كثيرا هذه الحملة بعد أن حول البلطجية والمجرمون حياتنا إلى جحيم.. وعندما شاهدنا جحافل الأمن تنتشر فى كل مكان، استبشرنا خيرا واعتقدنا أننا سنتخلص من هذا الكابوس إلى الأبد، ولكن رجال الأمن ارتكبوا خطأ فادحا عندما أعلنوا عن موعد الحملة، فهم بذلك أعطوا الفرصة لكبار المسجلين خطر والمجرمين كى يهربوا.. وكان الأولى أن تتم مهاجمة البؤر الإجرامية فى البحيرة على نحو مفاجئ وفى ساعات متأخرة من الليل وليس فجرا.. وكل ما أخشاه هو ان يعود البلطجية عقب انسحاب الحملة من جديد، لينتقموا منا أشد انتقام عقابا لنا على البلاغات والاستغاثات التى أرسلناها للمسئولين، ونتمنى أن تظل قوة كبيرة فى المنطقة حتى يشعر الناس بالأمان». أما أسامة عبد الستار فقال للمحقق: «أطالب المسئولين بالكف عن التمثيل وادعاء البطولات.. فالبلطجية الخطرين هربوا منذ فترة طويلة إلى مصايف رأس البر والساحل الشمالى والاسكندرية، للاستمتاع والاستجمام هناك وبعد أن تغادر الحملة سيعودون مرة أخرى لنشاطهم الإجرامى فى المنزلة».. وبصوت غاضب أضاف: «بعض رجال الشرطة على علاقة بهؤلاء المجرمين، واتاحوا الفرصة لهم للهرب وعندما جاءت الحملة ألقوا القبض على العشرات من الأبرياء وتم تلفيق الاتهامات لهم تماما كما كان يحدث فى عهد النظام السابق». ومن المطرية الى قرية «الشبول» وهى من أشهر القرى التي يتواجد فيها أعداد كبيرة من البلطجية فى الدقهلية، وهناك التقى الدكتور محمد عبد الهادى وسأله عن نتائج الحملة المكبرة على المنطقة.. فأجاب: «للأسف.. أفصحت الحملة عن نفسها وأعلنت موعد قدومها، وبالتالى هرب كبار المجرمين وقادة العصابات الذين كانوا يتخذون من الشبول وكرا لهم، ولم يتبق فيها سوى بعض البلطجية الصغار وهؤلاء هم من تم القبض عليهم.. ومن المؤكد أن هناك قيادات فى الشرطة على علاقة وطيدة ببعض المجرمين، وهم من سرب أنباء الحملة قبلها بأيام طويلة حتى تمكنوا من الهرب، وبعد انتهاء الحملة وانسحاب القوات سيعود البلطجية من جديد لإرهابنا وارتكاب أبشع جرائم القتل والاختطاف والسرقة بالإكراه وترويج المخدرات». وفى تحد واضح من البلطجية لأجهزة الأمن وللحملة المكبرة التى تشن على بحيرة المنزلة حاليا, نجحت إحدى العصابات فى الحصول على فدية قدرها 120 ألف جنيه من إحدى العائلات مقابل إطلاق سراح شاب كانت قد اختطفته فى نهاية شهر رمضان الماضى وذلك فى الوقت الذى تشن فيه أجهزة الأمن حملتها المكبرة على البحيرة. حمدى إسماعيل والد الشاب المختطف قال لمحقق «فيتو»: «أجهزة الأمن مهما فعلت لن تقضى على البؤر الإجرامية فى بحيرة المنزلة وحكاية اختطاف ابنى يوسف خير دليل على ذلك.. ففى يوم 28 رمضان الماضى اختطفت احدى عصابات البحيرة ابنى، وطلبت فدية قدرها 100 ألف جنيه.. أبلغت رجال الشرطة وأمرونى بعدم الدفع وأنهم سيلقون القبض على المجرمين ويعيدونه سالماً.. مرت الأيام ولم يتحرك أحد.. إلى أن جاء اليوم الذى شنت فيه قوات الأمن حملة مكبرة على البحيرة باستخدام طائرات الأباتشى، ولكن العصابة تمكنت من الهرب ومعها نجلى بعد أن تسربت أخبار الهجوم إليها، وأثناء الاشتباكات فى البحيرة اتصل بى أفراد العصابة وطلبوا 120 ألفا، وإلا قتلوا يوسف فى الحال.. أيقنت أن الشرطة لن تفعل لى شيئا، فسلمت أمرى لله ودفعت المبلغ، وبالفعل عاد ابنى سالما».. الأب أكد أن الاعلان عن الحملة قبلها بأيام اعطى الفرصة لكبار المجرمين للهرب، وبالتالى لن يتمكن أحد من تطهير بحيرة المنزلة من هؤلاء المجرمين. مصدر أمنى تحدث مع المحقق قائلا: «أنا مستاء جدا من هذه الحملة التى تكلفت نحو 10 ملايين جنيه، ولم تحقق النتائج المرجوة منها.. فقد هاجمنا البحيرة وأوكار البلطجية ولكننا لم نعثر سوى على المواشى والفراخ والبط.. أما المتهمون الذين ألقى القبض عليهم فقد تم ضبطهم فى المنازل والمقاهى»!