■ سيسجل التاريخ أنه بأسلحة أعداء الثورة سقط 13شهيدا فى الأيام الأولى للثورة.. وبأسلحة حماة الثورة سقط حوالى 500 شهيد وأكثر من 600 جريح حتى كتابة هذه السطور.. وأن يسقط شهداء وجرحى بأسلحة كلاب وسفلة النظام السابق فإنه يتسق مع تاريخ أسود من الجرائم والخيانات العظمى فى حق الشعب المصرى. ولكن كيف نقبل أو نفسر سقوط قتلى وجرحى تحت راية الثورة؟ وإذا كان قد تم قنص وقتل الشباب وإصابتهم فى مقلات عيونهم تماما، كما فعل قناصة وقتلة الثوار فى الأيام الأولى للثورة، فهل معنى هذا أن قناصة يناير وفبراير هم أنفسهم قناصة نوفمبر؟! وألا يعنى هذا أيضا أن للمتهمين فى جرائم يناير وفبراير حق طلب البراءة؟! ■ البيانات التى صدرت وسط الأحداث وطالب المجلس العسكرى من الحكومة فى واحد منها ببحث أسباب ما حدث! وفى بيان ثان وجهت الحكومة الشكر والتأييد لوزير ووزارة الداخلية! هذه البيانات إما أن تنضم إلى وثائق الإدانة فى التحقيقات، التى لا بد أن تتم مع المسؤولين، وإما نعتبرها تعبر عن حالة غيبوبة سياسية ووطنية تجسد سببا من أهم أسباب الوضع البائس الذى وصل إليه الوطن، أو جزء من الفوضى الخلاقة التى تدار منذ شهور لإسقاط الثورة! وإذا كان المجلس العسكرى يطلب من حكومته البحث عن أسباب ما حدث فى ميدان التحرير والعثور على الفاعل، فالمؤكد أنه سيعثر على الرد إذا أجاب عن مجموعة من الأسئلة تستحق أن تجد إجابة عنها! ■ من أصدر أوامر إطلاق الشرطة العسكرية والمدنية النار على مجموعة المعتصمين بالميدان من مصابى الثورة؟ وأين عثرت الوزارة التى تدعى انهيار مؤسساتها على هذا العدد الهائل من جنود الأمن المركزى الذين تكاد تخلو مصر من أثر لهم؟! ومن زودهم بالكميات الهائلة والمتطورة من الغازات المسيلة للدموع، التى قيل إنها من نوع يطلق عليه «C.R» ويؤدى استنشاق كميات كبيرة منها إلى الوفاة واستنشاق كميات أقل إلى نزيف الرئتين، وفى كل الأحوال هى غازات مسرطنة. ومن هم القناصة الذين أذاع التليفزيون المصرى أنهم يطلقون النار من فوق أسطح مبنى الجامعة الأمريكية ثم سكت عن الخبر تماما؟! وكيف نفسر تواصل إطلاق الرصاص والغازات وتصفية الثوار وبيانات المجلس العسكرى تواصل تأكيد إصدار الأوامر للقوات الموجودة فى الميدان والشوارع المحيطة بتأمين الثوار؟! ولماذا لم تغلق من الجانبين وبمجنزرات الجيش مداخل الشوارع المؤدية إلى وزارة الداخلية؟! ■ المشهد الدموى فى مجمله كأنه مستنسخ من معارك أيام الثورة الأولى مع تطوير فى خطط الانتقام والهجوم وضرب الشباب وتصفيتهم وإصابتهم فى مقلات العيون.. الصور الناطقة فى الشرائط المروعة تكشف كيف كان استهداف القنص لعيون الشباب ثم التهليل لإصابة الهدف! هل شارك سكان منتجع طرة وأهلهم الطلقاء وأعوانهم فى إدارة معارك تصفية المتظاهرين؟! ■ ألم نحذر منذ الأيام الأولى للثورة من التهاون وعدم القبض على 240 ألف سجين أطلقوا من السجون كجزء من جريمة الخيانة العظمى لترويع المصريين وإخلاء مصر من جهاز شرطتها؟ ولم يتوقف التحذير من النتائج المترتبة على ادعاء عدم قدرة القبض عليهم رغم توافر جميع البيانات الخاصة بهم، فإلى جانب ترويع أمن المصريين الذى يتواصل ويتزايد أصبحوا أداة اختراق لصفوف الثوار، وتحولوا إلى البعد الثالث الخفى الذى ينسب إليه إطلاق الرصاص وتصفية الثوار، وإن كان فى معارك نوفمبر لم تكن الشرطة تحتاج إلى مساعد خفى أو بعد ثالث فقد تكفلت وحدها بمهمات الضرب والتصفية. ■ أين نتائج التحقيقات فى الحلقات المتتابعة لمسلسل إطلاق العنان لإثارة الفتن الدينية بين المسلمين والمسلمين والمسلمين والمسيحيين، وإسالة وإهدار دماء المصريين منذ موقعة الجمل، إلى مسرح البالون، إلى أحداث ميدان العباسية، إلى ما حدث أمام سفارة العدو الصهيونى، إلى أحداث ماسبيرو.. من يغلق ملفات التحقيقات ولمصلحة من إخفاء المحركين والفاعلين الأصليين؟! ■ من ترك الكميات الهائلة من الأسلحة الميدانية تخترق الحدود وتملأ مصر من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها؟ كيف نصمت وسط كل هذه الفوضى والضبابية والتستر على ما يخطط ويدبر ويدار ويقوم بتيسير مهمات ومخططات أعداء الثورة؟ إنهم يجهزون لما هو أخطر وأكبر ويحرق كل أخضر فوق هذه الأرض. ■ تكرر من قبل وخلال أحداث نوفمبر الدامية أحاديث عن أجهزة التخابر الأجنبية التى تملأ مصر الآن والمؤامرات الداخلية والخارجية علينا والقبض على أجانب. ومحاولات البحث عن مبررات للجرائم التى ارتكبت بعيدا عن الفاعليين الأصليين لا تتوقف، والسؤال المهم هل أجهزة التخابر المصرية المتعددة والتى تعد من الأعلى كفاءة أصبحت كما الشرطة مرفوعة من الخدمة لمزيد من ترويع المصريين وصناعة الفوضى وإيجاد المبررات التى تزيد الغموض وتغييب الحقائق وإبعاد أصابع الاتهام عن المتهمين الحقيقيين؟! ■ هل جزء من الفوضى الخلاقة إصدار قانون العزل السياسى الذى انتظرناه ورجوناه وكان فى مقدمة مطالب الثورة؟ هل صدوره قبل الانتخابات بستة أيام لن يكون قنبلة تنفجر فى البرلمان القادم، وتوفر مبررات للطعن فى شرعية من دخله من نواب يخضعون للقانون، وبما يؤدى إلى تأجيل الدستور وإزاحة الزمن والأحداث وتسليم الحكم إلى سلطات مدنية إلى ما بعد المتوقع أن يكون فى أبريل 2013؟ وبصرف النظر عن جميع السلبيات المتوقعة فى نتائج الانتخابات نتيجة جميع الأخطاء التى ارتبطت بإجرائها.. ألا تبدو اتهامات الشباب بمحاولة تعطيل الانتخابات تستخف بعقول من يعرفون من هو المستفيد الوحيد من فشل وتأجيل الحياة النيابية ووضع الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية؟! ■ هل بدأ جنى ثمار الفوضى الخلاقة التى قال عنها مكيافيللى فى كتاب «السياسة» إنه يقوم بتوفير نظام من أجل إثارة فوضى شديدة تخلق الجو المناسب لإصدار قوانين تعسفية، يتبعها فرض نظام للحكم كان من الصعب فرضه دون توافر الفوضى الخلاقة: الأسباب والعلل والمبررات لفرضه! ■ طلب المجلس العسكرى فى بيانه إلى الحكومة أن تبحث عن أسباب ما حدث فى 19 و20 و21 نوفمبر، وحتى كتابة هذه السطور وهو سؤال يثير الشكوك والقلق، فإذا كان لا يعرف فهى مصيبة وإذا كان يعرف فالمصيبة أعظم.. والشك والقلق اللذان يثيرهما السؤال يذكرانى بما أثارته المادتان 9 و10 فى وثيقة المبادئ الدستورية! وكان السؤال الأجدر والأولى: لماذا تأخر انفجار الغضب الجماهيرى دفاعا عن الثورة حتى الآن! المدهش أن يعود ليتكرر ما كان يحدث فى الأيام الأولى للثورة أن كل ما يرتكب من جرائم وتدابير ضد الثوار يتحول إلى مكاسب للثورة. وكنا قد وصلنا إلى أقصى درجات التجريف والإهدار للثورة ومطالبها وشبابها الذين تحولوا إلى مطاريد بالمحاكمات العسكرية! بينما يتواصل التدليل والتسويف للقتلة وإخفاء أدلة الاتهام! ■ مستشفى قصر العينى الفرنسى طلب إمدادات دماء لإنقاذ حياة مئات المصابين من الشباب.. ظهر أن الكميات الضخمة من الدماء المطلوبة لا يمكن الحصول عليها إلا من تجمعات الشباب فى التحرير، بعد الحصول منهم على الدم ظهر استحالة استخدامه لامتلائه بسموم الغازات التى أطلقت عليه! أشرت من قبل إلى أن المعلومات المنشورة تؤكد أنها غازات مسرطنة. ■ فى مقال الأسبوع الماضى، وقبل أن يحدث ما حدث فى 19 و20 و21 نوفمبر توجهت بسؤال إلى المجلس العسكرى: هل ترتاح ضمائركم ووطنيتكم إلى الانهيار وما آلت إليه أحوال مصر؟! لا حل.. لا إنقاذ.. لا مكان لأحد فى أى موقع مهما كان إلا إذا استقام وصدق، وانتمى بحق إلى الثورة وفروضها ومطالبها ومطالب شبابها.