قضت محكمة جنايات الإسكندرية بالسجن المشدد 7 سنوات على الشرطيين اللذين قاما بقتل خالد سعيد.. هل انتهت المسألة عن هذا الحد؟ 7 سنوات سجن، قضى الوغدان أكثر من نصفها فى الحبس الاحتياطى، وربما فى عيد الأضحى القادم يقوم وزير الداخلية بالإفراج عنهما لحسن السير والسلوك! ما هذا الذى يحدث لنا؟ إن مقتل خالد سعيد كان من ضمن الأسباب الرئيسية لاندلاع ثورة الشعب المصرى ضد جهاز شرطة مبارك الإجرامى، فإذا بمن قتلاه يحصلان على 7 سنوات سجن! لقد رأينا جميعا الفيديو الذى تسبب فى مقتل خالد سعيد، الذى ظهر فيه القتلة من رجال الشرطة يقتسمون المخدرات والفلوس التى غنموها فى إحدى غزواتهم ضد أوكار الأصدقاء! فكيف لا تشمل القضية ولا يشمل الحكم بقية العصابة القاتلة، التى كان ضبطها وتصويرها سببا فى مقتل خالد؟ وأين ضابط الشرطة الذى يعرفه الجميع بقسم شرطة سيدى جابر، الذى أرسل القاتلين ليجهزا على خالد سعيد؟ هل يظن أحد أن المخبر وأمين الشرطة اللذين نفذا الجريمة كانا يتصرفان من رأسيهما؟ ليس هناك مخبر أو أمين شرطة يستطيع ارتكاب جريمة قتل دون أوامر مباشرة من ضابط وبرضا ومباركة من أركان الوزارة جميعا.. فأين بقية الفاعلين؟ إن العدالة العرجاء التى تشطرت على صرصارين صغيرين، وتركت وكر الأفاعى يشغى بساكنيه الكبار تنذر بأوخم العواقب، والشعب الذى ثار مرة لن يتردد فى الثورة مرة أخرى من أجل الإتيان بحق خالد سعيد وكل خالد سعيد. إن الأمر لا يتعلق بالقضية ولا بالحكم القضائى الذى صدر بناء على ما وصل للمحكمة من معلومات، لكن الكارثة تكمن فى أن هناك من تواطؤوا على دم الشهيد المغدور، وسعوا إلى عدم توسيع نطاق الاتهامات، وأخفوا عن المحكمة حقائق كثيرة، ولم يُدخلوا فى القضية أطرافا آثمة مكانها الطبيعى هو السجن. ثم إن هناك أمرا فى غاية الأهمية فى هذه القضية. فلو أن المحكمة أخذت بتقرير الطب الشرعى، الذى أعده كبير الأطباء الشرعيين، الذى كان يدين بمنصبه لمباحث أمن الدولة، لتم تبرئة القاتلين بدعوى قيام خالد سعيد بابتلاع لفافة بانجو كما ذكر السباعى فى تقريره. أما وأن المحكمة قد أدانت المتهمين، وقضت بسجنهما فهذا يعنى أنها تأكدت من تزوير تقرير الطب الشرعى واحتوائه على بيانات كاذبة قصد منها تضليل العدالة وتبرئة القتلة.. فأين العدالة من السباعى الذى يعد مشاركا فى الجريمة ومعاونا على إهدار العدالة وإفلات القتلة؟ ولماذا لم يتم تحويله إلى المحاكمة على تقريره المزور؟ لقد ظل السباعى مصرا على روايته الخاصة بفيلم لفافة البانجو حتى النهاية، حتى إنه عندما استضافه يسرى فودة فى برنامجه «آخر كلام» كرر تأكيده أن خالد ابتلع اللفافة.. فكيف بعد أن ثبت كذبه يتركونه ينعم بالحياة الآمنة بعيدا عن قبضة العدالة بينما خالد سعيد يحتويه القبر؟ ولأن الشىء بالشىء يذكر، فإننا لم نعرف حتى هذه اللحظة شيئا عن تقرير الطب الشرعى الخاص بسائق الميكروباص قتيل قسم الأزبكية، الذى قضى نحبه بعد أحداث تعددت فيها الروايات، ولم يعد حسمها ممكنا إلا بتقرير الطب الشرعى. لقد ذكر من شهدوا الواقعة أن رجال الشرطة قتلوه، بعد أن قاموا بتعذيبه انتقاما لمأمور القسم، بعد أن تعدى القتيل عليه.. بينما ذكرت رواية الشرطة أن الأهالى الشرفاء الذين يذوبون عشقا فى وزارة الداخلية لم يحتملوا أن يروا المأمور يُعتدى عليه، فهبوا على قلب رجل واحد، وقاموا بافتراس السائق وتركوه جثة هامدة. كنا ننتظر رأى الطب الشرعى فى الأمر حتى نعرف إذا كان رجال الشرطة أبرياء من دمه أم العكس.. لكن من الواضح أن شيئا لم يتغير، وأن أحمد مثل الحاج أحمد، وأن السباعى يشترك مع مبارك فى أنه ليس مجرد شخص، لكنه أسلوب ومنهج عمل يحتاج إلى ثورة جديدة. الله يخرب بيوتكم.