الحكومة لا تقول الحقيقة. هذه هى النتيجة التى يخرج بها مَن يتابع تصريحات الحكومة حول أزمة أموال المعاشات الضائعة، ففى حين اعترف وزير القوى العاملة الدكتور أحمد البرعى بضياع الأموال، يخرج وزير المالية حازم الببلاوى لينفى ما قاله زميله. الببلاوى قال ل«التحرير» إنه اضطر إلى استباق نتائج التحقيقات التى يباشرها الجهاز المركزى للمحاسبات بشأن استيلاء وزارة المالية على أموال التأمينات لأن تلك الادعاءات بشأن سرقة أموال التأمينات وارتفاع الدين العام وصلت إلى توقع إفلاس مصر، وهو ما أثار فزعا وبلبلة كبيرة، فكان حتميا على وزارة المالية أن تعرض على الأقل المعلومات المتوافرة لديها حتى الآن على الأقل. وزير المالية رفض التعقيب على تصريحات البرعى فى هذا الصدد قائلا «هذه التصريحات يُسأل عنها من أطلقها» نافيا أى اتصال بينهما بعد تصريحات الأخير للاستفسار عن مصدر معلوماته. الببلاوى أضاف أن تحقيقات الجهاز المركزى للمحاسبات لم تنته بعد، وحاولت وزارة المالية الاستفسار وطلب تعجيل خروج النتائج، لكن لا جديد فى هذا الشأن حتى الآن. وزارة المالية كانت قد نفت، فى بيان رسمى لها أول من أمس ضياع 436 مليار جنيه من أموال التأمينات والمعاشات، ووصول الدين العام إلى 110 تريليونات جنيه، وقال البيان إنه لم يتعد تريليونا واحدا و44 مليار جنيه. مصدر رفيع المستوى فى وزارة المالية، طلب عدم ذكر اسمه، شدد على أن بنك الاستثمار القومى لا يستثمر أموال التأمينات فى الخارج على الإطلاق، على خلاف ما قاله البرعى، بما فى ذلك السندات وأذون الخزانة التى لا يشتريها إلا من الحكومة المصرية فقط وهى بالطبع مجال آمن للغاية للاستثمار والفيصل فى التوسع فيه من عدمه هو العائد عليه، على حد قوله. وزارة المالية لم تطلب أى مساعدة فى التحقيقات من اتحاد المعاشات، وهو ما برره الببلاوى ل«التحرير» بأن «الجهاز المركزى للمحاسبات هو المسؤول، وفقا للقانون، عن مراجعة حسابات الحكومة، أما اتحاد المعاشات فلا تقع عليه أى مسؤولية، لكنى أدعوه على كل حال لإبلاغ الجهاز المركزى للمحاسبات بأى معلومات فى هذا الشأن». «المالية» أضافت أن الببلاوى أرسل إلى الجهاز المركزى للمحاسبات للنظر فى 22 سؤالا قالت إنها تغطى الملاحظات والتساؤلات والاتهامات التى تتردد على ألسنة رجل الشارع العادى أو التى يرددها بعض المتابعين لملف أموال التأمينات، بحسب نص البيان. رئيس حركة الدفاع عن أصحاب المعاشات، قطب فايق حسن، قال إنهم سيتقدمون ببلاغ ضد وزير المالية حازم الببلاوى، ووزير الاستثمار السابق محمود محيى الدين للمطالبة بالكشف عن مصير أموال التأمينات والمعاشات التى استولت عليها الحكومة، واصفا بيان وزير المالية بأنه كلام «مصاطب» لأنه لم يحدد مصير أموال التأمينات أو أماكن وجودها، فلم يقل ما حجم الأرصدة الموجودة لدى البنك المركزى أو بنك الاستثمار أو ديون التأمينات لدى الغير، مؤكدا أن أموال التأمينات معروفة وتبلغ 435 مليار جنيه يضاف إليها 10 مليارات، عبارة عن أرباح فى خزينة الدولة، مشيرا إلى أن الأموال الموجودة فى بنك الاستثمار القومى لا يعرف مَن المسؤول عنها بعد إلغاء وزارة الاستثمار. رئيس النقابة العامة لاتحاد أصحاب المعاشات البدرى فرغلى اتهم الببلاوى بالدفاع المستميت عن الوزير الأسبق يوسف بطرس غالى، حيث إن كل رجاله يعملون معه، واصفا بيانه بالكلام الإنشائى الذى لا يمتُّ إلى الحقيقة بصلة لأنه لا يمكن أن يكون المواطن العادى لديه مستندات حول أموال التأمينات، بينما وزير المالية لا يمتلك هذه المستندات، متسائلا «إذا كانت الأموال موجودة كما يقول الوزير فأين هى حقوق أصحاب المعاشات؟» معتبرا كلام الوزير حول أموال التأمينات تضليلاً للرأى العام، وهو ما سيجعل النقابة تتخذ إجراءات تصعيدية ضده وتنظيم وقفات احتجاجية أمام مقرات التأمينات بالجمهورية.