عزيزى القارئ إليك بضعة مشاهد من فيلم خيال علمى لا نعلم بعد هل سيحصد الجوائز والإيرادات أم أنه سيحصل على سخرية الجمهور والنقاد؟ المشهد الأول.. ليل خارجى ميدان فسيح مظاهرات حاشدة تهتف بسقوط النظام. قوات أمن لا تحمل سوى العصا والدروع تقف على الحياد لحماية المتظاهرين السلميين. فجأة تظهر أطباق طائرة تحلق على ارتفاعات منخفضة. تدور الكاميرا لترينا الذعر والذهول على وجوه قوات الأمن والمتظاهرين. تنبعث ذبذبات عجيبة من الهوائيات المثبتة على أسطح الأطباق. نرى لقطة مقربة لمتظاهر يفشل فى طلب رقم من هاتفه المحمول الذى صار خارج الخدمة. لقطة مقربة أخرى لضابط يحاول عبثا التعامل مع جهازه اللاسلكى الذى انقطع عنه الإرسال والاستقبال. كل العيون ترقب المشهد بذهول. تهبط الأطباق وتخرج منها كائنات فضائية زرقاء تحمل البنادق الآلية والخرطوش وقاذفات القنابل المسيلة للدموع. يشير كبير الغرباء الواقف فى مدخل طبق القيادة لتنهمر الطلقات على المتظاهرين. تحاول قوات الشرطة حماية الناس بلا جدوى. يأمر الضباط جنودهم بالانسحاب بسرعة لأنهم يعجزون عن حماية أنفسهم ومواطنيهم. يقوم كثير من الضباط بعصيان أمر الانسحاب ويحاولون العودة والتضحية بحياتهم حماية للمتظاهرين. يضطر زملاؤهم إلى حملهم عنوة على التقهقر ويبكون معهم فى يأس وانهيار تام. تختفى حشودهم فجأة من المشهد. يخرج الغرباء من الأطباق الطائرة وهم يقودون مدرعات خضراء ويبدؤون فى دهس المتظاهرين بلا رحمة. تنتهى المعركة ويعود الغرباء إلى أطباقهم وهم يقتادون المئات من الأسرى. يمسك قائدهم بجهاز يشبه القلم الحبر. يرفعه عاليا. يضغط عليه لتنطلق منه موجات دائرية واسعة من أشعة أرجوانية تشمل الميدان بأكمله. يتسمر الحاضرون ويحدقون بذهول وأفواه مفتوحة. ينطلق الغرباء فى طريقهم وتختفى الأطباق الطائرة فى السماء من حيث جاءت. ينقشع الغبار عن متظاهر يحمل زميله الجريح. يصيح المتظاهر منهارا: كلاب الشرطة قتلونا وانسحبوا! هنا نفهم أن الأشعة الأرجوانية التى سلطها الغرباء محت كل ما حدث من ذاكرة الجميع، لتلقى بالاتهامات الظالمة على رجال الشرطة الشرفاء الشجعان وتحملهم وزر ما ارتكبه الفضائيون من جرائم فى حق الشهداء والجرحى والمفقودين. المشهد الثانى.. ليل داخلى معمل الملازم خيشة الملازم خيشة يرتدى بالطو كاكى قديمًا، ويقف فى معمله بجوار منضدة عمليات ترقد عليها جثة هائلة ملقاة على وجهها. يفتح خيشة جرحا فى قفا الجثة بمشرطه. يمسك بشريحة إلكترونية صغيرة. يضغط على زر بها فتضىء بلون أحمر نابض. ينظر سعيدا إلى شاشة جهاز قريب ليطمئن إلى عملها. نرى نبضات كهربائية منتظمة تتوالى على شاشة الجهاز. يضع خيشة شريحته فى قفا الجثة ويخيط الجرح بطريقة رديئة «كجزمجى» غشيم، ثم يطلق ضحكة مجنونة ويعبث بأزرار ماكينة غريبة تتصل أسلاكها بالجثة الراقدة. يرفع خيشة ذراعا تتصل بلوحة مفاتيح الماكينة. فى لقطة مقربة نرى مؤشر عداد قياس الجهد الكهربائى يرتفع إلى حده الأقصى. تهتز لوحة المفاتيح بعنف وينطلق منها الشرر. بلهفة يضغط خيشة على زر أحمر كبير. تحدث فرقعة هائلة. تطير الجثة وتسقط بعنف على الأرض. يستيقظ مسخ بالغ الضخامة له لحية كثة ينقصها التهذيب. ينهض مرتديا جلباب العمليات الأبيض القصير. يخرج العملاق إلى الطريق الذى يهتز على وقع خطواته وكأنه ديناصور أسطورى مرعب. يفرك خيشة كفيه ويطلق ضحكة جنونية. المشهد الثالث.. نهار داخلى حجرة معيشة متواضعة المستوى أسرة متوسطة من زوجين وطفلين تشاهد التليفزيون فى رعب. نرى على الشاشة عبارة «بث مباشر». الأب والابن يقزقزان اللب، بينما الأم والابنة تقرمشان الشيبسى. لقطة مقربة للشاشة نرى فيها المسخ الضخم يسير مترنحا فى الميدان، محطما كل ما يعترض طريقه. تولول المذيعة بهلع: يا ماااااااامى! مسخ رهيب! تنتقل بنا الكاميرا عبر التليفزيون إلى الميدان. الناس تجرى برعب فى جميع الاتجاهات. المسخ يحطم الأبنية بضرباته الجبارة. الضحايا يتساقطون تحت قدميه كأوراق الخريف. لقطة مقربة لوجه المسخ الذى يبتسم وينظر إلى المشاهد بعينين زائغتين. تعود بنا الكاميرا إلى حجرة المعيشة. وجه المسخ يحتل الشاشة بأكملها. يخاطب المشاهدين وهو يكز على أسنانه الصفراء الكبيرة قائلا: البلد دى بتاعتى، واللى مش عاجبه يغور ويفارقها! ينطلق الصراخ من أفراد الأسرة. تسقط منهم أكياس اللب والشيبسى. يقع الجميع فريسة لنوبة ارتعاش حادة. فجأة يظهر الملازم خيشة على الشاشة ممسكا بجهاز ريموت كنترول ومرتديا ملابس رياضية. يوجه الجهاز بثقة إلى المارد. يضغط على زر ما.. تومض الشريحة المزروعة تحت جلد قفا المسخ بنبضات حمراء. يلتفت المسخ مخدرا إلى خيشة ويتجه نحوه بطيئا. بضغطة أخرى على الريموت يقرفص هادئا ويتمسح بوداعة فى قدمى خيشة، الذى يبتسم ويضع حول عنقه طوقا تتدلى منه سلسلة ذهبية لامعة. يفشخ المسخ فمه بابتسامة بلهاء. يعتلى الأطفال ظهره لالتقاط الصور التذكارية. تعلو الهتافات: منقذكم مين؟ خيشة.. وحبيبكم مين؟ خيشة.. تتحرك الكاميرا بين الحشود ثم تثبت على وجه الملازم فى لقطة مقربة. يبتسم بثقة الأبطال ويشير إلى الجماهير التى تحمله بحماس وتطوف به الميدان. فى غمرة الهرج والمرج ينزلق الريموت من جيب الملازم. تتابعه الكاميرا وهو يتدحرج قبل أن يستقر بجوار الرصيف. ترى هل ستحطمه الأقدام؟ أم أن هناك من سيعثر عليه؟ تعود الكاميرا مرة أخرى إلى حجرة المعيشة لنرى الأسرة الصغيرة وهى تنخرط بسعادة غامرة فى القرمشة والقزقزة وكأن شيئا لم يكن. إظلام تام على شاشة سوداء.