تُنسب لحميد الشاعري النقلة الثالثة في الموسيقى العربية، حيث قاد جيلا من المطربين العرب، في فترتي الثمانينيات والتسعينيات، وشكّل بموسيقاه لونًا جديدًا لا يزال قائمًا يقول حميد الشاعري خلال لقائه ببرنامج "عائشة"، مايو الماضي: "الموسيقى العربية لها 3 نقلات، الأولى أحدثها سيد درويش، حيث نقلها من الطابع التركي إلى العربي، الثانية تُنسب لبليغ حمدي، بسببه عرف الناس (الصولو)، ويُلازمه في نفس المرحلة محمد فوزي، حيث كان سابقًا لعصره، عمل حاجات كتير مختلفة زي صوت الطفل، قبله لو كانوا عايزين صوت طفل بيعيط مثلًا كان يجيبوا ولد ويقرصوه عشان يعيط، كان ليا الشرف إني أسجل ألبومات كاملة في استوديو محمد فوزي، وسعادتي بالتسجيل هناك كانت أكبر من سعادتي بتسجيل الأغنيات"، بينما النقلة الثالثة تُنسب لحميد الشاعري نفسه. عبد الحميد علي أحمد الشاعري، مولود في 29 نوفمبر 1960، لأب ليبي وأم مصرية، عشق الموسيقى منذ الصغر، اكتشفت والدته موهبته وساهمت في بروزها، هي أول من أهداه آلة أورج وإكسيليفون، حلمت أن يُصبح نجلها مطربًا كبيرًا مثل عبد الحليم حافظ ومحمد فوزي، ولكنها رحلت مبكرًا وهو لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره، ورغم عبد الحميد علي أحمد الشاعري، مولود في 29 نوفمبر 1960، لأب ليبي وأم مصرية، عشق الموسيقى منذ الصغر، اكتشفت والدته موهبته وساهمت في بروزها، هي أول من أهداه آلة أورج وإكسيليفون، حلمت أن يُصبح نجلها مطربًا كبيرًا مثل عبد الحليم حافظ ومحمد فوزي، ولكنها رحلت مبكرًا وهو لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره، ورغم ذلك ترك حلمها أثرًا بداخله لم تمحه الأيام، وكان بجانب هوايته للموسيقى طالبًا في معهد الطيران، ثم أرسله والده لاستكمال دراسته في بريطانيا، وهناك وجد منطلقا لطاقاته الإبداعية الفنية، وقام بتأجير ساعات في استوديهات لندن لأجل تسجيل بشائر أعماله الغنائية، فقط لأغراض شخصية ومن أجل إشباع حاسته الموسيقية. حينما عاد حميد لليبيا، بدأ مشواره هاويًا، واعتاد إقامة الحفلات بمدينة بنغازي، وفي أوائل الثمانينيات انضم إلى فرقة الإذاعة الليبية كعازف أورج، ولم يدم انضمامه طويلًا بسبب خلافات في وجهات النظر، ثم شارك في إنشاء فريق غنائي تحت اسم "أبناء إفريقيا" ضم عددا من المواهب الإفريقية والعربية، ولكن لم يُكتب للتجربة الاستمرار طويلًا هي الأخرى، وكان من بين مؤسسي الفريق، الملحن وحيد حمدي الذي يعد سبب بداية حميد الشاعري الموسيقية في مصر، فقد أرسل تسجيلاته في لندن إلى هاني ثابت وكمال عولمة صاحبي شركة "سونار" الوليدة حديثًا والطامحة إلى أسلوب غنائي شبابي جديد، ومن جانبهما تحمَّسا بشدة للعمل مع حميد، وعليه ارتحل ابن ليبيا إلى موطنه الثاني مصر ليؤسس إمبراطوريته الموسيقية. يقول هاني ثابت عن بدء التعاون مع حميد الشاعري، في حوار ل"صاحبة السعادة": "جالنا ولعب جيتار، قلنا بس هو ده اللي إحنا عايزينه، وبقى فايز عزيز هو المسئول عنه"، أول ألبوم أصدره حميد كان "عيونها" عام 1983، صدر حاملًا ختم فرقة "المزداوية" بقيادته، وبمشاركة صديقه وحيد حمدي، وأطلق عليها حميد هذا الاسم نسبة إلى الفنان الليبي ناصر المزداوي، الملهم الأهم لحميد، وأحد رواد الموسيقى العربية الجديدة المعتمدة على المزج الواعي بين الموسيقى الشرقية والغربية، والتي بدأت موجتها بعد نهاية عصر أم كلثوم وحليم. فشل الألبوم الأول لحميد فشلًا ذريعًا لدرجة أن عدد النسخ التي أُعيدت إلى الشركة فاق النسخ المطروحة، حيث أُعيدت كل النسخ، القانونية والمزورة، لم تتوقف "سونار" عن دعم حميد الذي كان قد أُصيب بالإحباط وقرر الرجوع للطيران، أثنته عن ذلك وأنتجت له ألبوم "رحيل" 1984، والذي شهد بداية نجاحه موسيقيا، وأدى إلى بدء حقبة موسيقية جديدة، تضمن الألبوم 11 أغنية، كلها مع فرقة يحيى خليل، باستثناء واحدة أصرّ على توزيعها لنفسه، وهي "وين أيامك وين" من الفولكلور الليبي، يقول فايز عزيز: "قالي إديني فرصتي، ويشاء القدر إن الأغنية دي هي اللي تكسر الدنيا". منحت "سونار" ثقتها كاملة لشخص حميد، صار يوزع كل ألبومات فناني الشركة، بالإضافة إلى ألبوماته، يقول هاني ثابت: "كان واضح في مزيكته خفة دم وحداثة، كان بيعرف يجيب ودن المستمع، وبقى يقدّم ألبومات من كلمات ناس مهمة زي عبد الرحيم منصور ومجدي نجيب وغيرهم، بكلام بسيط بيعبر عن جيل جديد، ومع ذلك الصحافة دخلت فينا شمال، وقالك دي أغاني هابطة لأنها كانت مزجا بين الشرقي والغربي، حميد عِرِف يكون نجم كبير، ينزل الحفلة بالشورت، وينزل الجامعات في كل المحافظات، خلق جيلا جديدا سميعا". تعاون حميد في نفس العام 1984، مع علاء عبد الخالق في ألبومه "مرسال" بالتوزيع والألحان، ومع أحمد منيب بالشكل النوبي لأول مرة في ألبوم "مشتاقين"، وفي العام التالي قدّم ألبوم "سنين"، ومعظم أغانيه التسع من كلمات وألحان ناصر المزداوي، وعاد فيها اسم فرقة "المزدواية"، ثم ألبوم "أكيد"، وبدأ فيه سلسلة ثنائياته، مع علاء في أغنية "حبيبة"، وحنان في أغنية "مصيرنا نعود"، وسوزان في أغنية "عايش بيك"، ومع محمد منير في أغنية "أكيد"، ثم واصل تقديم ألبوماته، ومنها "جنة 1988 - شارة 1989 - حكاية 1990 - العالم قام 1991 - كواحل 1991 - جيل ميوزيك 1993 - لوين 1994 - هدوء مؤقت 1994 - قشر البندق 1995 - صديق 1995 - عيني 1997 - غزالي 2000 - روح السمارة 2006"، واعتمد فيها بشكل أساسي على حداثة الموسيقى، وتيمات الرحيل والغربة، والفولكلور الليبي. ومع ألبوم "جنة" ظهر مع حميد شاعره الغنائي عادل عمر، وكان نتيجة هذا التعاون مئات من الأغاني، لحميد ولغيره من مطربي الجيل، وفي نفس العام 1989، كانت بداية تعاونه مع عمرو دياب، في ألبوم "ميال" بأربعة توزيعات ولحن، وهو ألبوم البداية الحقيقية لأسطورة الهضبة، ثم كانت الانطلاق كتجربة كاملة في ألبوم "شوقنا" 1989، وقام حميد بتوزيع جميع أغاني الألبوم عدا واحدة، وهو ما حدث في ألبوم "متخافيش" 1990، ثم "أيامنا" 1992، و"ويلوموني" 1994، ثم "نور العين" 1996 حيث الوصول للعالمية ونيل جائزة الميوزيك أوورد، وبالتوازي مع تلك النجاحات، كانت هناك انطلاقة لجيل كامل آخر بقيادة المايسترو الليبي، وعلى رأسهم هشام عباس وإيهاب توفيق ومصطفى قمر وفارس وحكيم وحمادة هلال ومحمد محيي ومحمد فؤاد وعلي حميدة، وغيرهم. وكان حميد بوابة لعبور سوق الكاسيت المصرية للعديد من المطربين العرب، ومنهم رجاء بالمليح، صابر الرباعي، نوال الزغبي، سميرة سعيد، محمد المازم، مايا نصري، وغيرهم من المطربين الذين حملت ألبوماتهم بصمة "الكابو"، كما قدّم عدة ألبومات أعاد فيها توزيع أغاني بعض مطربي الوطن العربي الكلاسيكيين، مثل ألبومات "بحبك يا فيروز، تجنن يا فريد، حلاوتك يا فوزي، وحشتينا يا شادية، شعبيات عدة أجزاء، حلاوة زمان، اشتقنا لكم"، وجمع العديد من نجوم الأغنية العربية في أوبريت "الحلم العربي" عام 1998. قدّم حميد الشاعري طوال مشواره توزيعات جديدة اعتمدت على حالة هارمونية أكثر منها طربية، واستخدم السلم الخماسي بشكل عصري وجديد، قاد جيلًا جديدًا مع المغنين العرب الذين يدينون له بالفضل، صنع موسيقى حديثة، ويُنسب له النقلة الثالثة في الموسيقى العربية.