وافق مجلس النواب بشكل نهائى، خلال الأسابيع الماضية، على قانون أحكام المواريث، وصدق الرئيس عبد الفتاح السيسى عليه ونشر بالجريدة الرسمية، بتعديل بعض أحكام القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث. وحدد القانون عقوبة الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من امتنع عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعى من الميراث، أو حجب سندا يؤكد نصيبا لوارث، أو امتنع عن تسليم ذلك السند حال طلبه من أى من الورثة الشرعيين. واعتبر القانون فى حالة العودة تكون العقوبة حبس لا تقل مدته عن سنة، وأجاز القانون الصلح فى الجرائم المنصوص عليها فى المادة (49) فى أى حالة تكون عليها الدعوى ولو صدر الحكم باتا، ولكل من المجنى عليه أو وكيله الخاص، ولورثته أو وكيلهم الخاص، وكذلك المتهم أو المحكوم عليه أو وكيلهما الخاص، إثبات الصلح فى هذه الجرائم أمام النيابة أو المحكمة بحسب الأحوال. وتضمن القانون أنه يترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح أثناء تنفيذها، ولا يكون للصلح أثر على حقوق المضرور من الجريمة. واختلف أزهريون حول حبس من يمتنع عن تسليم الميراث، وقال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن الشريعة الإسلامية نصت على حقوق كل الورثة فى الميراث، شريطة الاستحقاق الشرعى، وأن أى محاولات للعبث بأنصبة الورثة بمثابة أمر يتنافى مع تعاليم الشريعة الإسلامية. وأضاف كريمة للتحرير، أن الشريعة الإسلامية كما أوصت بحقوق جموع الورثة، وضرورة تسليمها لأصحابها تنفيذا وامتثالا لأوامر الله تعالى، أكدت ضرورة أن تتجه القوانين المنظمة لشئون العباد إلى الإصلاح والتدرج فى العقوبة، مؤكدا أن حبس من يمتنع عن تسليم الميراث أمر مخالف للشرع، وذلك لأن الممتنع عن الميراث من عموم الناس نتيجة لعادات وموروثات قديمة يحتاج إلى التوعية وليس الحبس. وتابع: فى حالة قيام أحد الورثة بحبس الآخر بموجب القانون الذى تم إقراره بشكل رسمى، أمر سيحدث شرخا فى البنيان الاجتماعى للأسرة المصرية، وستزيد وقائع الحبس من المشكلات الأسرية والخلافات العائلية، وبالتالى كان يتعين على المشرع أن يراعي البعد الاجتماعى للأسرة، وأن يتدرج فى العقوبة من التوعية للغرامة. وطالب كريمة، مؤسسات المجتمع المدنى، والمؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية، بضرورة توعية المواطنين بمشروعية الميراث، وذلك لأن أغلب من يمتنع عن الميراث يكون راجعا لعدم علمه بمشروعية الميراث ونتيجة لخضوعه لموروثات وثقافات معينة لا ترحب بميراث الفتيات، وبالتالى خضوعه للتوعية يكون له تأثير إيجابي فى منح الورثة حقوقهم. وقال الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن المجتمع يعاني خاصة فى بعض القرى والنجوع والأرياف من تنامى ظاهرة منع السيدات من الميراث، أو إعطائهن نصف ما يستحققن من الميراث، الأمر الذى يعد مخالفة صريحة لأحكام الشريعة التى تتعلق بالميراث والواردة فى الكتاب الكريم. وأضاف الجندى للتحرير، أن الحكم على ممتنع الميراث وتفعيل القانون سواء بالحبس أو الغرامة، ليس به مخالفة للشريعة الإسلامية، وذلك لأن المولى عز وجل جعل الخروج على أحكام المواريث بمثابة خروج على حدود الله، وبالتالى يحق للمشرع أن يقر عقوبة معينة نتيجة للخروج على أحكام الشريعة الإسلامية. وتابع: "من يخطئ يستحق العقاب، فالقانون بمثابة تنفيذ لأوامر الله تعالى فى معاقبة كل من يتعدى حدود الله فى التعامل مع قضية الميراث بتجاهل الشريعة والقانون والامتثال لعادات قديمة بعيدة كل البعد عن صحيح الدين ومقاصد الشرع الحنيف".