* نواب البرلمان: التصالح ينهى العقوبة والجلسات العرفية تحفظ التماسك الأسرى * علماء الدين: تطبيق للنصوص الشرعية وضمانة لحقوق المرأة بعد تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسى على قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث، والذى سبق أن تقدمت به الحكومة وأقرته الجلسة العامة بمجلس النواب ونص على معاقبة من يمتنع عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعى بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، والحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز 50 ألف جنيه كل من حجب سندًا يؤكد نصيب الوريث أو امتنع عن تسليمه. هل ينهى القانون آلاف الدعاوى القضائية والنزاعات الأسرية المتداولة والتى تستغرق سنوات طويلة بين أروقة المحاكم؟ وما آليات تطبيقه على أرض الواقع؟ وهل نص على مسئولية الدولة بأجهزتها التنفيذية، بعد الحكم القضائى فى تسليم الحق لصاحبه، ولا يقتصر على مجرد عقوبة قد تكون لبعض الناس يسيرة لا تحقق الردع المطلوب؟! وإذا كانت مشيخة الأزهر وهيئة كبار العلماء، اللتان عُرض عليهما مشروع القانون جنحتا لجواز الصلح والتسوية الودية فى أية حالة كانت عليها الدعوى، دون أن يترتب على الصلح أثر على حقوق المضار من الجريمة، فهل نحن بحاجة إلى توعية مجتمعية بأهمية الحق فى إعطاء المواريث تسير باتجاه مواز مع العقوبة التى وردت بالقانون الجديد؟. الصلح أولى يقول اللواء نور الدين عبدالرزاق، عضو لجنة المقترحات والشكاوى بمجلس النواب، انه اعترض فى أثناء مناقشة بنود القانون على عقوبة الحبس لما قد يترتب على ذلك من آثار نفسية ومعنوية قد تؤدى إلى حدوث خصومات ثأرية بين الأقارب من الأسرة الواحدة إلا أن المادة على وضعها الحالى وبعد الموافقة عليها تفادت ذلك عندما نصت على جواز الصلح فى أى مرحلة من مراحل التقاضي، حتى بعد أن يصبح الحكم باتا وهذا يعطى الفرصة للحلول السلمية وإنقاذ العلاقات الأسرية من الخصومات التى يمكن أن تحدث جراء ذلك. وأوضح أن هذه العقوبة تم العمل بها فور نشره بالجريدة الرسمية، وهى عقوبة رادعة من حيث المبدأ بالنسبة للحوادث العادية، أما إذا كان الميراث مفرداته عالية من حيث القيمة (يعنى بالمليارات) فإن ذلك يتوقف على مدى التزام المتهم بتنفيذ القانون. كما يجب ألا نغفل الجلسات العرفية، إرضاء الله سبحانه وتعالى فى حقوق الأقارب وصلة الأرحام، والدولة ملزمة بتنفيذ القانون بكافة الوسائل. وطالب بعدم إغفال دور الجلسات العرفية فى حل معظم هذه المشاكل حيث إنها أحكام شرعية قبل أن تكون قانونية. حقوق المرأة من جانبه أوضح الدكتور عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن القانون يضمن حقوق المرأة وهو واجب شرعي، ولم يقصد به إساءة للأسرة المصرية أو تفريق شملها، كما يدعى البعض، ولكن هذا القانون موجود بالفعل، والتعديل طال انتظاره، فكم كان من الحالات التى تم حرمانها من الميراث، وكانت متلهفة لصدور هذا التعديل لحمايتها، وبعد دراسات كثيرة ومناقشات ومداولات تم وضع التعديل بصياغة تليق بالأسرة المصرية ويقبلها الجميع، وهى بمثابة رادع لكل من تسول له نفسه التلاعب بالورثة أو إضاعة حقوقهم، ويحفظ كيان الأسرة والسلام المجتمعي، فمنع الميراث عن الوارث جريمة من الجرائم التعزيرية، ولذا وجب وضع المادة التى تحدد العقوبة، ولا بأس من ذلك. لكافة المصريين وأوضح الدكتور محمد نجيب عوضين، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، إن الطريق القانونى لابد منه لجبر هؤلاء المجترئين على قواعد الإسلام الظالمين لغيرهم من الأهل فهناك طريقان: الأول اللجوء للمحكمة المدنية بدعوى تسمى دعوى القسمة، يقوم القاضى بتحديد خبير يقوم بتقسيم التركة ونسبتها إلى الورثة، لكن الورثة لا يملكون على وجه اليقين لطول أمد التقاضى الحصول على حقوقهم، وربما ينتهى الأمر بضياعها، ونظرا لضعف الوازع لدى البعض فى التهديد والوعيد الذى ذكره الله لهم، كان لابد أن يتدخل المشرع الوضعى بعقوبات قانونية، لإجبار وعقوبة هذا الآكل لحقوق الغير من الميراث، فصدر تعديل تشريعى للقانون 77 لسنة 43 المنظم للميراث المصري، ووضع عقوبات جنائية بالحبس أو الغرامة على من يستولى على حقوق باقى الورثة رجالا كانوا أو نساءً وتسليم حصصهم إليهم، وهو مشروع إيجابى لأنه يسعى إلى رد الحقوق لأهلها، ويتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية الداعية إلى ذلك، وإيجاد سلطة جزائية وعقوبة على من يفعل ذلك، تزجره وتمنع غيره من أن يفعل مثله. آليات التطبيق وما الذى سيعود على الورثة المظلومين وما آليات تطبيق القانون على أرض الواقع؟ يجيب الدكتور نجيب عوضين، قائلا: إن الأمر مرجعه للقواعد العامة المنفذة للأحكام القانونية ووفقا لقانون الإجراءات الجنائية الذى ينظم كيفية تنفيذ الحقوق التى يصدر بها حكم قضائى بات ونهائي، فإذا ما صدر هذا الحكم من ناحية فإنه سيؤثر على سمعة هذا الإنسان الظالم بعلم الكافة بأنه آكل لحقوق بعض الورثة، ثانيا: إن القواعد العامة فى القانون تسرى عند إذن بتقديم صورة الحكم القضائى التنفيذية إلى إدارة تنفيذ الأحكام لتقوم جبرا بتسليم الحق إلى صاحبه، وإلا تطبيق العقوبة الجزائية العقابية بالحبس أو الغرامة وهى مرحلة أولى تزجر الفاعل وإذا تكرر هذا الأمر منه أكثر من مرة تغلظ العقوبة وتشدد بعد أن يتقدم صاحب المصلحة إلى المحكمة ويثبت أنه تكرر منه أكل حقوق الورثة فتكون العقوبة أشد بما يعرف بجريمة العود، لأن العائد هو الذى يتكرر منه الفعل المخالف للشرع والقانون. سد الثغرات وأضاف: إن هذا القانون سد مبدئيا ثغرة طال انتظارها وليس تدخلا فى نصوص قانون الميراث السماوي، بل هو قانون عقابى لمن يمتنع عن تنفيذ هذه النصوص الشرعية لذلك لا تنظر الدعوى إلا بعد إعلام الوراثة ومعرفة كل وارث حقه الشرعى وتقديم المستندات وما يفيد حرمانه من حقه، فيتحرى القاضى عن طريق الجهات المختلفة ويتثبت من ذلك ويحكم بهذه العقوبة، وهذا التعديل ليس قانونا جديدا وإنما تعديل لبعض المواد وإضافة البعض الآخر إلى قانون الميراث المصرى المعمول به حاليا، وهو فى هذا يفعل دور الدولة لضعاف القلوب وتقوية من أزر الضعفاء أصحاب الحقوق فيكون قانونا كامل الجوانب من الناحية الموضوعية والجزائية. لا للتلاعب من جانبه يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أُثر عن سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه قال: (إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن) ويفهم من هذه المقولة أن فى بعض الأحوال يحتاج الانسان إلى رادع من باب «فاعتبروا يا أولى الأبصار»، ويجوز لولى الأمر ومن يفوضه وينيبه من مؤسسات كوزارة العدل، أن تسن عقوبات زجرية لمضيعى حقوق الناس فيما يتصل بأمور شرعية، كالميراث، فإذا جحد إنسان أحداً من المستحقين، كأن يتلاعب فى إعلام الوراثة أو أنه يحتكر ما تحت يده من أموال نقدية أو عينية، ويضيع بعض الورثة ولا سيما النساء، ويحدث هذا كثيرا فى الصعيد والواحات وبعض المناطق الشعبية، فيجوز لولى الأمر أن يرتب مسالك أو تدابير وقائية وزجرية، فأما التدابير الوقائية، فتتمثل فى الوعى الإسلامى السليم، مثل دروس المساجد وعظات الكنائس، أما التدابير الزجرية فهى عقوبات للممتنع المتسبب والمباشر، لكن هذا القانون كان ولا بد، أن ينص على مسئولية الدولة بأجهزتها التنفيذية، كالشرطة بعد الحكم القضائى فى تسليم صاحب الحق حقه، ولا يقتصر على مجرد عقوبة قد تكون لبعض الناس يسيرة لا تحقق الردع المطلوب. فالتقنين التشريعى بحاجة إلى النص على مسئولية الدولة فى إيصال الحقوق لأصحابها، بأجهزتها التنفيذية، ولذا يجب تدارك الأمر بالنص على ذلك، لأنه دستوريا الدولة تكفل الحقوق للمواطنين.