رغم مرور نحو عامين على تصويت البريطانيين لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في استفتاء عام، إلا أن هناك أصوات تدعو إلى إجراء استفتاء ثان على "البريكست". مجلة "ذا أتلانتك" الأمريكية، أشارت إلى أن القلق بخصوص الصفقة التي ستتوصل إليها الحكومة البريطانية في مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي للخروج من الكتلة، تسبب في زيادة الرغبة بإجراء استفتاء ثان. حيث كشف استطلاع للرأي أجرته صحيفة "الجارديان" البريطانية أن 47% من المصوتين البريطانيين، لديهم الرغبة في التصويت على اتفاق البريكست النهائي، وبحذف نسبة من لم يتخذ قراره بعد لتصبح النسبة 58%. كما أظهر الاستطلاع أن تلك النسبة تتكون من مؤيدي ومعارضي البريكست على حد سواء، حيث تشير الأرقام إلى أن ربع الذين صوتوا لصالح البريكست في الاستفتاء الأول، يرغبون في التصويت على اتفاق البريكست النهائي. وترى المجلة أن النقاش حول نوع الاتفاق الذي ستنتهي إليه المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، يملك نفس الزخم الذي يدور حول إذا ما كان على بريطانيا مغادرة الكتلة من الأساس. كان عمدة لندن صادق خان، قد دعا إلى أن يسمح الاتفاق النهائي لبريطانيا البقاء في السوق الأوروبية المشتركة والاتحاد الجمركي، في المقابل رفض آخرون مثل وزير التجارة البريطاني ليام فوكس بعناد أن تستمر بريطانيا في أي منهما. ولا يقل هذا النقاش إثارة للجدل للكشف عن نتائج كل الحلول المعقولة للبريكست، مثل بقاء بريطانيا في السوق المشتركة، أو خروجها منه مع وجود اتفاق تجاري خاص، أو الخروج من السوق المشتركة دون أي اتفاق، والتي تشير إلى أن بريطانيا ستكون أسوأ عما هي عليه الآن. وأوضح "تقرير" أجرته الحكومة البريطانية، أن آثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، سيؤثر على كل قطاع تقريبًا من اقتصاد المملكة المتحدة. وقد أظهر الاستطلاع أنه إذا أُعيد الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مرة أخرى، فإن النتيجة ستأتي عكس النتيجة الأولى، فمن المتوقع أن يؤيد 51% البقاء في الاتحاد الأوروبي مع 49% لصالح تركه. ويرجع ذلك إلى أن الفجوة الديمجرافية المحيطة بمناقشة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ظلت ثابتة، ولا يزال الناخبون الذين تقل أعمارهم عن 24 عامًا أكثر رغبة في البقاء، والناخبين الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا عازمون على المغادرة. وكشف تقرير أعده معهد أبحاث "بريطانيا في أوروبا متغيرة" ومقره لندن، أن واحدة من عواقب البريكست هي أنه تسبب في خلق هويتين سياسيتين جديدتين، هما: الراغبون في البقاء، والراغبون في الرحيل عن الاتحاد الأوروبي. وذكر التقرير أن الشئ الوحيد الذي نعرفه عن تلك الهويتين أنه لا يمكن تغييرهما بسهولة. ووفقا ل"ذا أتلانتك" فإن ما يزيد من تعقيد الأمور، "أولئك الذين يعربون عن رغبتهم في إجراء استفتاء ثان"، بأنهم ربما يفسرون ما يعنيه ذلك بشكل مختلف، وذلك تبعًا لأي نتيجة نهائية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وأشار أناند مينون، مدير المعهد، إلى أن الراغين في البقاء يعتقدون أن الاستفتاء سيمنحك خيارًا بين صفقة تيريزا ماي والبقاء في الاتحاد الأوروبي". وتابع "يعتفد آخرون أن الاستفتاء سيكون خيارًا بين عدد من الصفقات للاختيار من بينها، وهو الأمر الذي لن يكون ممكنًا، لأن الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي سيكون تم بالفعل". وأكدت "المجلة أن البرلمان البريطاني ھو الكيان الوحيد الذي لديه القول النھائي حول أي اتفاق نهائي يصل إليه مفاوضو المملکة المتحدة معھا مع الاتحاد الأوروبي. كان قد أيد البرلمان تعديلا لمشروع قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي في ديسمبر الماضي، والذي يضمن حق المشرعين البريطانيين في رفض شروط الاتفاق وإعادة كلا الجانبين إلى طاولة المفاوضات. ونوه مدير معهد الأبحاث إلى أن الحكومة البريطانية قد لا يكون لديها رفاهية عقد استفتاء ثان، لأن إجراء استفتاء في شهر أكتوبر، لن يكون له مغزى، حيث لن يكون هناك وقت كاف أمام البرلمان لإجراء التعديلات المطلوبة قبل الموعد النهائي للخروج في مارس 2019". وأوضح "بالتالي فإن الاختيار سيكون هو الموافقة على هذا الاتفاق أو الخروج من الكتلة دون اتفاق على الإطلاق".