أصبح من الواضح أن العلاقات الروسية الأمريكية بلغت أدنى مستوى لها خلال إدارة واشنطن الجديدة، نتيجة القرارات التي تم اتخاذها تجاه سوريا بشكل منفرد، رغم وعود الرئيس الأمريكي بالتنسيق مع موسكو حول أي عملية قبل تنفيذها، الأمر الذي تسبب في نشوب نزاع لفظي بين الطرفين، لكن سرعان ما بدأت الأزمة تذوب كالثليج بعد الاتفاق على لقاء ثنائي يجمع الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب. البداية جاءت مع رفض إدارة ترامب التحقيق في هجوم خان شيخون الكيماوي، والذي اتهمت فيه أمريكا النظام السوري بتنفيذه، وهو مادفعها إلى قصف مطار الشعيرات ب"أم القنابل"، الأمر الذي قوبل بالرفض من قبل روسيا، معتبرة ذلك خرقًا للسيادة السورية. فالهجمة الأمريكية خُطط لها، ونُفذت وفقًا لمعلومات استخباراتية تشير إلى وجود طائرات وأسلحة حديثة ومتطورة، وتوريط سوريا باستخدام السلاح الكيميائي كان بهدف تضليل الرأي العام، بحسب المحلل السياسي سلمان سليمان. رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف، أكد حينها أن الهجوم الأمريكي على قاعدة الشعيرات العسكرية في سوريا كاد أن يؤدي إلى اشتباك عسكري بين روسياوأمريكا. وتابع: "بدلا من تصريحاتهم الدعائية عن الجهود المشتركة لمحاربة عدو مشترك هو داعش، أثبتت إدارة ترامب أنها ستحارب بقوة الحكومة الشرعية في سوريا". إلا أن مسؤول أمريكي رد بالقول: إن "عمليات الجيش الأمريكي في سوريا تهدف إلى حماية المدنيين والقضاء على تنظيم داعش الإرهابي". الرد الأمريكي لم يلق قبول الإدارة الروسية، ما دفع مساعد الرئيس الروسي، "يورى أوشاكوف"، البيت الأبيض، لتوجيه تحذير جديد لواشنطن، مطالبًا إياهم بتصحيح الأخطاء خشية نفاذ صبر موسكو. ليس هذا فحسب، بل إن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، اللواء إيغور كوناشينكوف، قال: إن "أمريكا أكدت للروس أن وجودها في سوريا ليس من أجل محاربة داعش، وإنما إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد". وأوضح "كوناشينكوف" أن الولاياتالمتحدة احتفظت بالحق في شن ضربة على سوريا في أي لحظة، رغم تعهدها بعدم تكرر هجماتها" لكن إدارة ترامب كشفت عن وجهها الحقيقي، بعد إعلانها أنها ستتخذ أي إجراء بشأن سوريا حال المساس بالقوات الكردية دون الرجوع إلى روسيا، وهو ما دفعها إلى تحذير قوات الأسد من شن أي هجمات جديدة بالأسلحة الكيميائية، في تحدٍ صريح لروسيا الحليف الرئيسي لنظام الأسد، إلا أن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، استنكرت التهديدات، مؤكدة أن الجانب الأمريكي لا يريد أن يكشف للرأي العام العالمي أي معلومات تؤكد استنتاجاته حول قيام السلطات السورية بالتحضير لهجوم كيماوي". الأمر الذي دفع "زاخاروفا" إلى وصف موقف ترامب من سوريا، بنظام بوش حينما لجأ إلى تزوير الحقائق حول وجود أسلحة دمار شامل في العراق، لكي يخدع شعبه، تمهيدًا للقيام بالعدوان العسكري على تلك الدولة". في حين ظل البيت الأبيض متمسكًا بموقفه تجاه سوريا حول احتمالية شن هجوم كيماوي جديد قد يُسفر عن مقتل جماعي للمدنيين، بما في ذلك أطفال أبرياء. تصريحات إدارة ترامب، دفعت وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف أيضًا للرد قائلًا: إن "العلاقات بين روسياوالولاياتالمتحدة في وضع غير طبيعي". وأوضح "لافروف"، أن العلاقات بين موسكووواشنطن أصبحت رهينة للمواجهات السياسية الداخلية في الولاياتالمتحدة. المناوشات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، انتهت بإعلان إدارة ترامب عن أول لقاء بين الزعيمين، على هامش قمة مجموعة العشرين في ألمانيا الأسبوع المقبل، في خطوة تهدف إلى احتواء الأزمة المستمرة منذ الحرب العالمية الثانية. وقال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض إتش.أر. ماكماستر: إن "الرئيس الأمريكي يود أن يكون للولايات المتحدة وللغرب بأكمله علاقات بناءة أكثر مع روسيا، لكنه أوضح أيضًا أنه سيفعل ما هو ضروري لمواجهة سلوك روسيا المزعزع للاستقرار".
ومن هنا نتساءل، هل سينتهي الصراع بين روسياوأمريكا بعد لقاء السحاب؟ يُذكر أن آخر لقاء جمع رئيس أمريكي بنظيره الروسي كان في عهد أوباما، على هامش اجتماع قمة منتدى التعاون الاقتصادى لدول آسيا والمحيط الهاديء "أبيك"، وتنالوا عدة قضايا بالمنطقة، دون التوصل إلى أي اتفاقات إيجابية.