مرسى رئيس مخلوع، لم يخلعه الجيش كما يزعمون، بل خلعه الشعب، عبر أكبر وأضخم وأعظم مظاهره شهدها التاريخ، الجيش فقط أطاع الرغبة الشعبية، باعتباره درع الوطن وسيفه، وبصفته الحامى للشرعية الحقيقية، التى هى للشعب لا للرئيس. وبطبيعته كجيش وطنى، يستحيل أن يسمح ببيع الوطن وخيانته أيًّا كان الخائن، ولو راجعنا الأحداث القريبة لوجب علينا الاعتراف بأن مبارك كان رجل دولة محترَمًا، ما إن شعر أن الوطن فى خطر، حتى انسحب، ولم يصرخ بأنه الرئيس الشرعى، ولم يحرّض أتباعه على إحراق وتدمير الوطن، لأنه أوّلًا وأخيرًا، وسواء رضينا أم لم نرضَ، ينتمى إلى هذا الوطن، حارب من أجله، وقاتل فى سبيله، قبل أن يجرفه مستنقع السياسة. أما مرسى وأتباعه، فهم أعداء الوطن، يسعون لإحراقه وتدميره، وينادون باحتلاله، ويبذلون كل الجهد لهدم جيشه، وإشاعة الفوضى فيه، والعجيب أن مرسى وأهله وعشيرته، وهم يسعون لهدم الوطن، يدّعون زُورًا وبهتانًا ووقاحة وتبجُّحًا أنهم فصيل وطنى! والمدهش فيهم أنهم مصابون بحالة من الخلل العقلى والكذب المرضى، والتدليس فى كل ما يقولون، حتى إنهم قد صاروا سُبَّة للإسلام والمسلمين، عندما ينحنون لكل ما يُرضِى الشيطان، ويدّعون أن شيطانيتهم هى الدين والعياذ بالله، اللهم إلا إذا كانوا من عبدة الشيطان، ويزينون شيطانيتهم برداء دين زائف، فالدين ليس أقوالا لا يصاحبها فعل، والكذب والخداع والتدليس وشهادة الزور، هى من أسلحة الشيطان وحده، وليست أبدا من أسلحة دين سماوى، له نبى أتى ليتمّم مكارم الأخلاق، فأية مكارم أخلاق فى ما يفعلون، وفى ما يزوّرون ويكذبون، وحتى فى ما يغلُّون ويكرهون ويمقتون؟ لمن تركوا الرحمة والمودّة والحكمة والموعظة الحسنة إذن، لو أن كل شرورهم يمارسونها باسم الدين؟! أما مرسى، الذى حاولوا تغليف جنونه بالسكّر، عندما ظل يصرخ فى قفصه بأنه رئيس مصر، فقد وصفوا هستيريته بأنها صمود وثبات، مما ذكّرنى بذلك المشهد، فى فيلم صلاح الدين، الذى يصرخ فيه زكى طليمات من داخل قفص قرود «أنا ملك أورشليم»... ولكن حالته هذه لها علاج معروف، فكل ما عليه هو أن يقف فى ساحة السجن ويردّد «أنا مش قُصيَّر قزعة، أنا طويل واهبل»، فقد يعود عندئذ إلى رشده، ويدرك أنه ليس ملك أورشليم ولا رئيس مصر، بل هو حتى «مش قُصيَّر قزعة».