ليس من الفروسية أن يسخر المرء من رجل محبوس, ومن ثم قصرت انتقادي وسخريتي من الرئيس المخلوع/المعزول محمد مرسي, علي الفترة التي سبقت حبسه ولكنني تابعت مؤخرا التقارير التي نشرتها وسائط الإعلام عن زيارة وفد حقوقي يضم في عضويته الأستاذ الكبير محمد فائق, والأستاذ ناصر أمين, إلي مكان احتجاز الرئيس السابق خارج القاهرة, ولفتني أن مرسي رفض لقاء الوفد, بينما قام رفاعة الطهطاوي رئيس ديوانه بلقاء الزائرين والحديث إليهم. وفي غضون ذلك, رفع الرئيس السابق عقيرته بقوله:( أنا الرئيس الشرعي.. أنا الرئيس الشرعي).. وهنا في الواقع أحسست, ربما للمرة الأولي بالرثاء لمرسي, فالرجل يبدو مستمرا في السباحة خارج التاريخ, أو في مجال افتراضي لا يشعر فيه بأن عشرات الملايين أقصته مرة واثنتين وثلاثا من30 يونيو إلي26 يوليو, لا بل ربما استدعي إلي ذهني صورة الممثل الكبير الراحل زكي طليمات في المشهد الختامي لفيلم الناصر صلاح الدين, حين خرج في قفص مع الجيوش الصليبية المنسحبة, وهو يصرخ:( أنا آرثر ملك أورشليم.. أنا ملك أورشليم), أي أن زكي طليمات كان يعيش نفس حالة محمد مرسي في مخاصمة الواقع وعدم التعامل مع التاريخ.. والحقيقة أن تلك الحالة ليست مستجدة علي الرئيس السابق لكنها تجلت قبل عزله, لا بل واستمرت طوال عام رئاسته, إذ خاصم الواقع فعلا, ولم يدرك أن الناس لا تريده, واكتفي بتهليلات أهله وعشيرته في الصالة المغطاة باستاد القاهرة, أو حين احتشدوا أمام الأماكن التي ارتادها مثل قاعة المؤتمرات( في ليلة خطابه الأخير).. ولم يدرك أبدا أن الشعب لا يبغاه, ومن آيات ذلك الموقف أنه تعود التلويح بيده سعيدا حين كان الناس يهتفون ضده بعد صلاة الجمعة. ومن غياب هذا الإحساس بالناس وبالتاريخ يجيء التفسير الواضح لصياحه المستمر في أثناء زيارة الوفد الحقوقي:( أنا الرئيس الشرعي.. أنا الرئيس الشرعي). لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع