الجميع كان ينتظر مجلس النواب، ليعيد الزخم للحياة السياسية مجددا، غير أن ما حدث كان العكس وفقا لعدد كبير من المتابعين والسياسين، فالمجلس غابت عنه السياسة في دور انعقاده الأول، بل وأغلب المشادات التي شهدها المجلس كانت لاعتراض النواب على الحصول على الكلمة، رغم أن ألف باء سياسة تقول إن الحوار هو أصل السياسة. يقول الدكتور وحيد عبد المجيد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتجية، إن مجلس النواب لم يُقدم أى شيء للحياة السياسية وليس له أي طابع سياسي، باستثناء عدد قليل جدًا من أعضائه، لافتًا إلى أن الانتخابات التي جاءت بهذا البرلمان تهدف إلى أن يكون خاضع للسلطة التنفيذية. وأضاف عبد المجيد، في تصريح ل«التحرير»، أن مجلس النواب الحالي أشبه ببرلمان 1952، 1964، ليس له لون أو طعم أو رائحة، لافتًا إلى أن برلمان الحزب الوطني والإخوان كان لهما طابع سياسي. وأوضح نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتجية، أن الدول تتقدم بمؤسستها الفاعلة السياسية والاجتماعية، ولا يوجد دول تقوى بمؤسستها الأمنية فقط، مشيرًا إلى أن ضعف البرلمان يُضعف الدولة بشكل عام. بينما قال رامي محسن، مدير المركز الوطني للاستشارات البرلمانية، إن علاقة رئيس مجلس النواب الدكتور على عبد العال، بأعضاء البرلمان أثرت على عمل المجلس بشكل كبير خلال دور الانعقاد الأول، مشيرًا إلى أن قاعة المجلس أصبحت طاردة للنواب، وأغلب الجلسات تنتظر أوقات طويلة حتى تتمكن من إتمام النصاب القانوني لها. وأضاف محسن، ل«التحرير»، أن البرلمان الحالي حدث به إسقاط عضوية، و6 حالات طرد، إضافةً إلى تهديد نواب كُثر، وتحويلهم إلى لجنة القيم، ومنهم «سمير غطاس، محمد أنور السادات، أحمد طنطاوي، أسامة شرشر، وغيرهم»، واصفًا علاقة رئيس البرلمان بالنواب ب«غير السوية». وأوضح مدير المركز الوطني للاستشارات البرلمانية، أن مجلس النواب الحالي أصدر 3 قوانين فقط، وصدق عليهم رئيس الجمهورية، وهم: «التوقيت الصيفي، ومعاشات الجيش والشرطة، ومد العمل بالنقابات العمالية»، رغم انتهاء دور الانعقاد الأول لمجلس النواب. وأشار محسن، إلى أن ما يحدث من رئيس البرلمان تجاه النواب من مشادات وتهديدات وغيرها أثر على إصدار قوانين مهمة مثل الهيئة الوطنية للانتخابات، وبناء الكنائس، العدالة الانتقالية، والإعلام ، والمحليات، وغيرها، وكل هذه القوانين ستسقط إلى شهر أكتوبر المقبل بسبب ما يحدث. فى حين قال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن التهديدات المستمرة للنواب في الفترة الأخيرة من رئيسهم تشبه تصرفات ناظر المدرسة، لافتًا إلى أنه لا يمتلك أي نوع من أنواع الحس السياسي، وجاء بالبرشوت إلى الهيئة التشريعية ويعتبر نفسه موظفا لدى رئيس الدولة. وأشار نافعة، في تصريح ل«التحرير»، إلى ضرورة أن يفهم ويدرك رئيس البرلمان أين يقف من مشاعر البسطاء من أبناء هذا الشعب، لافتًا إلى أن منع التصويت الإليكتروني يشبه منع بث جلسات البرلمان على الهواء، كلها تصرفات غير مقبولة. وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن انسحاب بعض النواب المعارضين من الجلسات العامة للبرلمان، والتي تُعد شريحة قليلة محدودة العدد والتأثير، ويعتبر أول تحرك من البرلمان يتجاوب مع نبض الشعب، ويؤكد أنه مازال عدد من أعضائه يشعرون بنبض الجماهير، لافتًا إلى أن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة.