اُثار قرار المستشار أحمد الزند، وزير العدل، بشأن تعديل بعض أحكام قانون التوثيق الخاص بزواج أجنبي من مصرية، عاصفة غضب من عدد من السياسيين، مؤكدين أن القرار بمثابة تقليل من مكانة المرأة، وتحويلها إلى سلعة تباع وتشترى. وقال الكاتب الصحفي جمال الجمل، إن القضية تتعلق بكرامة المصريين، فالأمر وصل إلى تقنين الاتجار بالبشر، موضحًا أن مصر مصنفة ضمن الدول التى تساعد على تهريب الفتيات إلى إسرائيل، والاتجار في الفتيات، رغم محاولة نفي ذلك طوال الوقت. وتابع الجمل، في حديثه ل"التحرير"،"نحن ندين سلوك الفقراء والغلابة في الصعيد أو القرى الصغيرة، حين يبيع الرجل ابنته في زواج غير متكافئ؛ فما بالنا بالدولة عندما تقر أن رجل عجوز لديه 70 عامًا، يمكنه التزوج من بنت عمرها 20 عامًا ولكن يدفع أولًا، الأمر هنا يتعلق بالإنسانية وكرامة المصري وصورته أمام الآخرين، وهو أمر يسيء إلينا في الخارج". وأوضح، أن بعض المسئولين يرون أن الكرامة بمثابة شعار سياسي فى الميدان، يتعلق بالعلم وصورة الرئيس فقط، وليس كرامة الإنسان، حسب تعبيره. وأكمل الجمل، "لو صح هذا الخبر، فليس أقل من أن يوصف من أصدره بالديوث وتحقيره أينما حل، فالخبر المنشور في الجريدة الرسمية ويعمل به من أول نوفمبر، والمبلغ عبارة عن شهادة استثمار لصالح الجارية وليس رسومًا خالصة لخزانة الدولة، هي فقط تنتفع بتوفير سيولة بنكية تقر بكل فخر بتوفير بنات مصر كجواري لمن يدفع فى سوق نخاسة عصري طراز 2015 طبقا لشعار مسافة السكة، وقريبا توصيل البنات لمنازل الأثرياء". وفيما وصف الأديب والروائي يوسف القعيد، القرار بأنه أمر غريب وغير مفهوم، متسائلًا: "هل من حق وزير العدل سن قوانين أو تعديل قوانين تتعلق بالزواج وتستند إلى الشريعة الإسلامية"، معربًا عن تشككه في إمكانية أن يكون للوزير الحق في إصدار قوانين أو إجراء تعديلات على بعض قوانين الزواج. وأضاف القعيد، ل"التحرير"، أن ما يحدث عبث؛ لأن الجريدة الرسمية لا تنشر إلا القوانين، مستطردًا: "مستغرب أن يكون هناك وزير يملك إمكانية إصدار قوانين أو تعديل بعضها"، مشيرًا إلى أن ما يحكم الزواج والطلاق قوانين يضعها البرلمان، وأن زواج الأجنبي من مصرية تحكمه قوانين تستند للشريعة الإسلامية، وعقب: "أخشى أن تكون زوبعة بلا أي أساس". وقالت الدكتورة أحلام الأسمر، عضو المجلس القومي للمرأة، أن القرار سلبي وخطير، مؤكدة أنه يفتح أبوابًا خلفية لتشجيع سياحة الدعارة، وأردفت: "لا أستطيع أن أتفهم حتى الآن الدوافع وراء القرار، وما إذا كان هذا الأمر يعد بمثابة استثمار للدولة في بناتها"، وأكملت: "هذا الأمر بمثابة شكل غير مهذب لاستغلال المرأة المصرية". واستطردت أحلام، ل"التحرير"، أن هناك أمورًا عديدة يمكن أن تُدر دخلًا كبيرًا على مصر، أكثر من هذا القرار السلبي الذى يؤثر على سمعة مصر، قائلة: "هذا القرار وصمة عار لمصر والسياحة، ويجب مراجعة وزير العدل فيه"، وأضافت أن هناك وسائل أكثر احترامًا في التعامل مع المرأة، وليس بيعها وشرائها بالأموال. وتابعت: "هذا الأمر يُسيء للمرأة المصرية، والقومي للمرأة يرفض أي وسيلة تهدد أو تسيء لسمعتها"، مشددة على ضرورة أن يتراجع الزند عن القرار، وأوضحت أن الحكومة يجب أن تراجع الزند فيه، لأنه سيضر بسمعة المرأة المصرية في العالم برمته، قائلة: "اللي بيقوله المستشار الزند يجب أن يحصل على براءة اختراع عليه"، مؤكدة أنه يجب التراجع عن تلك التصريحات وأن تتدخل الحكومة لمنع تعريض المرأة المصرية للإهانة. وذكرت الكاتبة الصحفية فاطمة ناعوت، أن القرار يصب في صالح المرأة المصرية، ولايقلل من شأنها مثلما يقول البعض، لافتة إلى أنه أشبه بخطوة إيجابية لردع زيجات المصريات من أجانب، وبيّنت أنه في ظل غياب دور الأب والأم في بعض الأوقات عن حماية أبنائهم، على الدولة أن تتدخل وتقوم بدور الأب والأم، مشيرة إلى أن المرأة المصرية لا تقدر بثمن، ولكن القرار إيجابي، وسيمنع قليلًا من انتشار تلك الظاهرة. وأضافت، ل"التحرير": "كنت أتمني أن يضع المجلس القومي للمرأة آليات لمنع تلك الزيجات، لكن طالما لاتوجد وسائل لمنع هذه الظاهرة جذريًا، فمن الأجدى أن تتدخل الدولة، وأعلم أن هذا القرار سيواجه من شيوخ الظلام الذين سيعارضونه، ولكن أرى أنه خطوة إيجابية لتعجيز الزوج الأجنبي، الذي سيأخذ الأمة للخارج، ويستمتع بها ثم يتركها دون ثمن". وأكدت أن الخطر والكارثة موجودين، ومثل تلك القرارات ستقلل قليلًا من نسبة الخطورة، وشددت على أن هذا القرار بمثابة تأمين ولو بسيط للفتاة من جشع البعض، موضحة أن من يعارضون هذا القرار لا يملكون آليات حقيقية لمواجهته، وسبل منع تلك الزيجات، قائلة "هذا القرار بمثابة تأمين قليل على المرأة المصرية وليس بيع لها". وذكرت سكينة فؤاد، مستشار رئيس الجمهورية السابق لشئون المرأة، أنها مع قضية تأمين الزواج على المرأة بكافة الأشكال، ولكنها ضد تحويل المرأة إلى سلعة تباع وتُشترى بالمال، حسب وصفها. وأضافت، ل"التحرير"، أن المرأة المصرية أعز وأغلى من هذا المبلغ الذي حدده القرار، منوهة بأن القضية شائكة لأن الصدام في النهاية يثع، بعد تزويج بنات صغار في السن، وتركهن يضيعن بأطفالهن الصغار، وأوضحت أنه لايمكن لأي إنسان رفض أن يتم تأمين مستقبل المرأة، ولكن الاتجار بها وتحويلها إلى سلعة أمر مرفوض، ولفتت إلى أنه يجب البحث في كيف يتم التأمين على الفتاة دون أن تتحول لسلعة، مكملة: "المشكلة الكبرى تكمن في أن أسرنا الطيبة تلجأ إلى هذا الأمر لحاجتها، وهناك قرى كاملة تعيش على تزويج الفتيات"، وطالبت بأن يتم مناقشة القضية بشكل أكبر وأعمق. وكانت الجريدة الرسمية قد نشرت قرار "الزند"، الذي حمل رقم 9200 لسنة 2015، والخاص بتعديل بعض أحكام قانون التوثيق الخاص بزواج أجنبي من مصرية، وجاء القرار بأنه يكلف طالب الزواج الأجنبى من طالبة الزواج المصرية بتقديم شهادات استثمار ذات عائد دورى بالبنك الأهلى المصرى بمبلغ 50 ألف جنيه باسم طالبة الزواج المصرية، واستيفاء المستندات المطلوبة لدى مكتب التوثيق، وذلك إذا ما جاوز السن بينهما 25 سنة عند توثيق العقد.