كتبت - سمر عبد الرحمن تحتفل مصر بالذكرى ال42 لحرب أكتوبر المجيدة، التي خاضها جيل عظيم من أبناء المحروسة، واستعادوا الأرض والكرامة.. بطولات كثيرة لم تسرد عن تلك الحرب، ومنها ما رواه المقاتل "أحمد فضل" ل"التحرير". جندي مقاتل أحمد عطية فضل، من أبناء مركز دسوق بمحافظة كفرالشيخ، من أفراد الكتيبة 26 مشاة، اللواء الثامن، الفرقة ال7 بالجيش الثالث الميداني، ومكان عمليات وحدته جنوب البحيرات المرة. يتحدث لنا "فضل" عن أيام المجد قائلًا: "كنت أحمل سلاح آر بي جي، المضاد للدروع، وكنا متمركزين في الكيلو 85 السويس، وقبل الحرب بفترة قليلة، شاركنا في مشروع بالذخيرة الحية، حضره المشير أحمد إسماعيل، (القائد العام للقوات المسلحة وقت إذ)، وتم اختياري لتناول طعام الغذاء معه لعلم قياداتي بكفائتي، وحينما حل يوم السادس من أكتوبر عام 1973، كنا سرية احتياط تم الدفع بها لعبور القناة بعد غروب اليوم". وعن أول اشتباك مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، قال: "فور عبورنا الساتر الترابي، احتميت داخل خندق خاص بتمركز الدبابات، ولستر الله اعتقد العدو أني خارج هذا الموقع، وأطلقت دباباته من حولي النيران بشكل عشوائي، بما يعادل ما تحتويه 3 صناديق ذخيرة"، مكملًا: "لما اشتد الضرب صاح ضابط برتبة ملازم أول، عايزين نجيب الولاد دول، فرديت تمام يا فندم، وهجمنا عليهم وبالفعل نجحنا في أسر دبابتين ".
وتابع حديثه: "نمنا في حفر برميلية، ومع أول ضوء ليوم 7 أكتوبر، وجدت دبابة إسرائيلية تتقدم باتجاهي، وتبعد عني نحو 20 مترًا، ولم نشرع بتحركها طوال الليل، وكانت ذخيرة قائف الآر بي جي الذي أحمله قد نفدت، بعد المعارك التي خضناها أمس، وكان لدينا جندي مسئول عن ضرب قاذف نابلم ولكنه مصاب، فصاح القائد متسائلًا عن أن كان أحد منا يعلم كيفية استخدام السلاح، فأجبت، تمام يا فندم، أحد زملائي علمني كيفية تشغيله، وممكن أتعامل مع الدبابة به، فقالي نفذ". ويذكر "فضل" أنه خرج من مكان اختبائه ووقذف الدبابة بالنابلم، مردفًا: "الدبابة ولعت، ولما اشتدت النار، نزل منها 4 جنود، فرميت القاذف ومسكت بندقية من على الأرض، فرفعوا أيديهم مستسلمين". وأضاف: "من ستر الله أن أحد زملائي ركض باتجاهي لتأميني، خاصة أن البندقية التي كنت أحملها لم تكن مذخرة"، معقبًا: "إحنا حاربنا بستر ربنا". وعاد ليتابع حديثه: "مسكت في واحد من الأسرى وما كنتش عاوز أسيبه، والقائد قالي سيبه يا فضل، فرديت أني نادرها يا فندم، لازم أشرب من دمهم، قالى سيبه بالأمر إحنا عايزينه"، مكملًا: "بعد ما جبنا ال 4 اليهود، وزمايلى جايين بيجروا عليا وفرحانين وبيقولوا الله أكبر، كنا جنب نقطة حصينة للعدو اسمها التبة المسحورة، وضربوا علينا منها نار من المزاغل فرقدنا كلنا على الأرض، واستشهد زميل إلى جانبي اسمه دياب، وانسحبنا لمكان تمركزنا". واسترسل: "خلينا واحد من الأسرى يروح يتفاوض مع زمايله اللي في التبة المسحورة عشان يستسلموا، وبعد ما منحناهم ضمانات بتأمينهم على حياتهم، وأكدنا أن ما فيش تعزيزات هتجيلهم، ربنا أكرمنا وغادروا موقعهم، وأسرنا منهم 25 واحد، غير الزخيرة بتاعتهم، والأهم إننا سيطرنا على الموقع الاستراتيجي بتاعهم". وتابع: "بعدها تقدمنا في سينا نحو 15 كيلومتر، وكنا بنعمل دورية اقتناص للدبابات، ونعود لموقعنا ونحسب المسافة بالحصى على كل خطوة، إلا أن العدو اكتشف موقعنا، واتقدمت الدبابات باتجاهنا، والله كان بيني وبينهم 10 متر، وهم بيضربوا لكن مش علينا، لأنهم مفكرنا في مكان أبعد، ولما توقفوا عن الضرب، ضابط الإشارة بلغ المدفعية عشان تقصف الدبابات، وبالفعل حصل، وانسحبوا". وأكمل: "تاني يوم جاء فوج دبابات على آثار أقدامنا، ومن كتر ما هم مش عافين يوصلوللنا، قذفوا بالطيران بقنابل بلي محرمة دوليًا، نزلت على أحد زملائي فمات في مكانه، وواحدة نزلت على الخوزه بتاعتي اتدحرجت ووقعت، ومحصليش حاجه، وأطلق الشاويش النار عليها فجرها، عشان متموتش حد مننا". واستطرد "فضل": "في اليوم ال 21 من القتال، جالي تعليمات أن في 7 دبابات جايين من الغرب من السويس، تعالى اتعامل معاهم، مشيت باجري وأنا بقول من السويس، طب إزاي بس، الواحد كان مش في وعيه، مشيت روحت للموقع مع رئيس عمليات الكتيبة، وواحد اسمه طلعت حرب، قعدت فوق تبة عالية، وجهزولي 20 طلقة في وضع الضرب، و3 خزن طبنجة، وفعلًا مع الغروب لقيت الدبابات جاية، بس مش 7 دول 52 دبابة سنتريوم". وأوضح أنه بعد الاختراق الذي تم في ثغرة الدرفسوار، تم قطع الإمدادات من مياه ووقود عن سيناء، معقبًا: "تم دعمنا بذخيرة وأفراد، وعملنا مجموعة قنص دبابات، وفي مرة تقدموا لعبور جسر استخدمناه نحن في العبورة يوم 6 أكتوبر، لكن كان اتشال، ففجئوا بأنه مش موجود، وحاصرناهم وقال القائد لأطقم الدبابات استسلموا، لكنهم ضربوا عليه، فأمرنا بالاشتباك مع الدبابة الأولى، والكل ضرب عليها، ثم توالى الضرب على التانية والتالتة، ومن رعبهم جريوا وسابوا 17 دبابة سليمة وشغالة، وخدوا ما تبقى وهربوا، وسعيت لمطاردة فلولهم، لكن القائد قال كفاية، وتعالى يا فضل وتانى يوم جه قائد الجيش الثالث، وشاف آثار المعركة والدبابات اللي تم أسرها، وقائد الكتيبة رقاني رتبة، وبقيت عريف". وأضاف: "يوم 22 أكتوبر لقينا اليهود محاصرنا بدبابات وطيران، وعايزيون يدخلوا على موقعنا لاسترداد ال17 اللي أسرناها، فولعنا فيها، وأثناء الاشتباك مع القوات الإسرائيلية المتقدمة، وكنت لسه هاضرب دبابة، لقيت الطيران ضربنا بقنابل 2000 رتل تقريبًا، وحينها أصيبت في فخذي وكتفي وقدمي". وعن تلك اللحظة يقول: "ساعتها قعدت في الخندق والمعارك مستمرة، وحتى يوم 26 أكتوبر، لا أكل ولا شرب، وكل اللي في دماغي أنه يا رب أموت شهيد، ويشاء الله تعالى أن يمر عليا ظابط إشارة، وساعدني وربط فخذي، وقالي تعدي القناة، قولتله مقدرش، فرد، لو ليك عمر هاتعيش، ولو ملكش هاتموت شهيد، ولك رب اسمه الكريم.. كل أفراد الوحدة بتاعتي ماتوا، ومعدش حي غيري وزميل من الشرقية". واختتم قائلًا: أن كتيبته استطاعت خلال العبور أن تسيطر على نقطة حصينة، وتأسر 17 إسرائيليًا، وفي معارك الثغرة استطاعت ان تدمر نحو 20 دبابة، بل وأسرت أفراد كتيبة كاملة للعدو عدا فرد واحد، قيل بعدها أنه الرئيس الإسرائيلي السابق ووزير دفاعها الأسبق أيضًا، آرييل شارون.