«على القدس رايحين.. شهداء بالملايين» كلمات رددها الدكتور محمد مرسى، عندما كان مرشحا لرئاسة الجمهورية، رددها بمفرده ورردها أيضا وراء صفوت حجازى. كان خطاب الجماعة يتعامل مع إسرائيل باعتبارها العدو الصهيونى مغتصب أرض فلسطين، لا مجال لأى نوع من العلاقة معه، هذا الكيان الغريب الذى زرعه الغرب الإمبريالى فى قلب الوطن العربى، أخذوا على السادات أنه أبرم معاهدة صلح مع إسرائيل، وعابوا على مبارك أنه واصل الحفاظ على هذه المعاهدة وأبقى على سفير إسرائيل فى القاهرة، طالبوا بفتح أبواب الجهاد كى يقوم الشباب بمقاتلة إسرائيل وتحرير أرض فلسطين. أول كلمات نطق بها مرسى بعد إعلان فوزه بمنصب رئيس الجمهورية كانت احترامه لكل الاتفاقيات والمعاهدات الإقليمية والدولية. تولى الدكتور مرسى رئاسة الجمهورية، فتوقفت عمليات تفجير خط أنابيب الغاز الطبيعى إلى إسرائيل، ذلك الخط الذى تم تفجيره سبع عشرة مرة خلال حكم المجلس العسكرى الذى دام سبعة عشر شهرا. أسابيع قليلة من وجود مرسى على كرسى الرئاسة وتبادل خطابات الود الحميمة مع الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز، وتنمى فى رسائله إلى بيريز تطوير علاقات البلدين. توقف الحديث عن الجهاد وعن الرغبة فى الاستشهاد لتحرير القدس، تدخل الدكتور مرسى ومارس دور الوساطة بين إسرائيل وحركة حماس، تعهد بلجم الحركة ومنعها من مواصلة قصف الأراضى الإسرائيلية، وقبلَ بما لم يقبل به مبارك فى العلاقة مع إسرائيل، وافق مرسى لإسرائيل على تركيب «حساسات» على حدودنا تتمكن من خلالها من متابعة ما يجرى على أراضينا. مع مرسى وحكم الجماعة عاد الهدوء إلى العلاقات المصرية الإسرائيلية، لم يعد أحد فى مصر يسمع فى نشرات الأخبار انتقادا حادا لإسرائيل ولا عاد أحد يتابع عمليات الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى العربية المحتلة، أكثر من ذلك أدى تبنى الجماعة لحركة حماس، وترك الأنفاق تعمل لتهريب المواد المصرية المدعومة، بالإضافة إلى استباحة ميليشيات حماس والتنظيمات الجهادية للأراضى المصرية، إلى تصاعد الغضب فى الشارع المصرى تجاه حماس بصفة خاصة، والقضية فلسطينية بصفة عامة. بالأمس أشادت مصادر عسكرية إسرائيلية بدرجة التعاون الأمنى مع مصر فى عهد الدكتور محمد مرسى، قالت هذه المصادر إن التعاون الأمنى بين مصر وإسرائيل اليوم أفضل مما كان سابقا، وإن الأجهزة الأمنية من الجانبين تتعاون على نحو أفضل، وأن مصر قامت بزيادة عدد قواتها على الحدود بتنسيق كامل مع إسرائيل، وأن الجانب المصرى يتعاون مع إسرائيل فى كل ما له علاقة بالأمن فى شبه جزيرة سيناء. باختصار مع الجماعة باتت العلاقات مع إسرائيل أكثر استقرارا، عكس ما قاله مبارك عندما حذر من أن سقوط نظامه سيؤدى إلى قفز جماعة الإخوان على السلطة، الأمر الذى يمثل خطرا على مصالح الغرب وعلى أمن إسرائيل. فالحقيقة أن الإدارة الأمريكية أبرمت الصفقة مع الجماعة وباتت الأخيرة حارس المصالح الأمريكية فى المنطقة والمتعهد بالحفاظ على أمن إسرائيل مقابل دعم الإدارة الأمريكية للجماعة فى حكم مصر، تمت الصفقة وكل منهما نفذ ما يخصه فيها، فاليوم تقف الجماعة يدا بيد مع المصالح الغربية فى المنطقة، وفى ظل حكم الجماعة باتت الأوضاع مع إسرائيل أكثر استقرارا، فلا هجوم على إسرائيل فى وسائل الإعلام الحكومية المصرية، والوفود الأمنية الإسرائيلية تأتى وتعود دون ضجة، والتعاون الأمنى يسير على قدم وساق، وحماس ملتزمة بعدم إطلاق صواريخ على الأراضى الإسرائيلية، وإسرائيل تواصل عمليات مصادرة الأراضى الفلسطينية وبناء المستوطنات عليها ومن ثم تهويدها، باختصار العلاقات المصرية الإسرائيلية فى زمن الإخوان باتت هادئة مستقرة وهجرت الجماعة كلمات كثيرة من قاموسها ومنها «على القدس رايحين.. شهداء بالملايين» ومعها الكيان الصهيونى، والعدو الغاصب، ففى زمن الإخوان باتت إسرائيل محطة مهمة فى طريق الجماعة إلى واشنطن.