في خطوة تبدو متفائلة، وافقت الولاياتالمتحدة على مقترح روسي بعقد مباحثات عسكرية لدعم التحالف الدولي في حربه ضد تنظيم داعش وصرح المتحدث باسم البيت الأبيض "جوش إرنست": أن "واشنطن مستعدة لعقد محادثات عسكرية مع روسيا لدعم التحالف"، مشيرًا: إلى "أن الولاياتالمتحدة لاتزال منفتحة على مناقشات تكتيكية وعملية مع الروس بهدف تعزيز أهداف التحالف ضد تنظيم داعش وضمان سلامة عمليات التحالف”. وأوضح: أن "واشنطن ستركز على تحقيق الأهداف المرجوة في الحرب ضد داعش وضمان أمن العملية التي يقوم بها التحالف ضد التنظيم”. من جهة أخرى، فسَر مراقبون هذه التصريحات بأنها بعيدة تمامًا عن التفاؤل، معللين: بأن "المقصود منها إيجاد سبل لتأمين قصف التحالف لمواقع داعش في سوريا، وتفاديًا لوقوع أي أخطاء أو احتكاكات عسكرية، سواء مع قوات الأسد أو المستشارين العسكريين الروس المتواجدين على الأراضي السورية”. وفي نفس السياق، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "جون كيربي": إن "واشنطن تدرس المقترح الروسي بشأن إجراء مناقشات عسكرية تكتيكية وعملية بخصوص الأزمة السورية ومحاربة تنظيم داعش”. وأشار: إلى "أن المناقشات العسكرية بين روسياوالولاياتالمتحدة توقفت منذ بداية الأزمة الأوكرانية، ولكن ذلك ليس محظورًا، إذ تجري مناقشة هذه الأمور مع روسيا حاليًا على مستوى وزراتي خارجية البلدين”. وكانت وزارة الدفاع الأمريكية قد أعلنت في وقت سابق: "أن وزير الدفاع آشتون كارتر لم يتحدث مع نظيره الروسي منذ أن تولى منصبه على رأس البنتاجون قبل سبعة أشهر، وليس لديه أي خطط لأن يفعل هذا على الرغم من قلق واشنطن من وجود عسكري لروسيا داخل سوريا”. أفاد مكتب رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي الجنرال مارتن ديمبسي: أنه "أيضًا لم يجر أي مناقشات مع نظيره الروسي منذ يوليو 2014”. وأوضح د٫ بيتر كوك المتحدث باسم البنتاجون: أن "وزير الخارجية جون كيري يقوم حاليًا بالدور القيادي فيما يتعلق بالمناقشات مع روسيا"، مضيفًا: أنه" توجد صعوبات في العلاقات مع روسيا، وفي حال رأى وزير الدفاع لسبب ما أنه من المفيد التواصل مع نظيره الروسي فإنه سيفعل”. وأضافت "واشنطن": أن "تركيزها مع موسكو حاليًا ينصب على التواصل الدبلوماسي أكثر من المحادثات بين المسؤولين العسكريين"، حيث قال مسؤول كبير بإدارة أوباما: (إذا اعتقدنا أن المحادثات بين العسكريين ستكون مفيدة فأننا لن نتردد، لكن في الوقت الحالي القنوات الدبلوماسية تتيح الفرصة الأفضل لتواصل بناء). وفيما يتعلق بالمقترح الروسي، قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري: إن "روسيا اقترحت إجراء مناقشات عسكرية بين الجانبين"، مشيرًا: إلى "أن البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاجون يبحثون سبل دفع ذلك”. وأضاف "كيري": أن "الهدف من هذه المحادثات هو بحث ما سيتم القيام به على وجه التحديد لنزع فتيل الصراع فيما يتعلق بأي أخطار محتملة قد تنشأ وللتوصل إلى تفاهم كامل وواضح بخصوص الطريق الذي سنسلكه قدما وبشأن النوايا"، معربًا: "عن اعتقاده بأن هذه المحادثات مع موسكو قد تساهم في تجنب الفهم الخاطئ”. وكانت هيئة الأركان العامة للجيش الروسي قد أكدت على "أن موسكو لا تخطط في الوقت الراهن لنشر قاعدة جوية في أراضي سوريا”، وقال نيقولاي بوجدانوفسكي نائب رئيس هيئة الأركان الروسية: إننا "في الوقت الراهن، ليس لدينا مثل هذه الخطط. لكن كل شيء ممكن"، وأمام هذا الاحتمال، أو التهديد المبطن، أعلن البيت الأبيض "أن الولاياتالمتحدة تريد من روسيا المزيد من "المشاركة البناءة" مع التحالف الدولي الذي يقاتل تنظيم داعش في سوريا بدلًا من أن تزيد وجودها العسكري هناك. وعلى الفور ردَت موسكو بالإعراب عن استعدادها لتقديم أية معلومات تطلبها واشنطن بشأن التعاون العسكري التقني بين روسياوسوريا عبر القنوات المخصصة لذلك، لكي يتمكن الخبراء العسكريون من كلا الطرفين من بحث جميع القضايا ذات الاهتمام المشترك، ولكن الخارجية الروسية شددت على: "أنه من المستحيل التوصل إلى ذلك بدون مشاركة الحكومة السورية الشرعية"، مشيرة: إلى "أن الهدف الرئيسي الذي تسعى روسيا لتحقيقه في سوريا يكمن ليس في دعم الرئيس بشار الأسد بل في دعم سوريا في حربها ضد تنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى التي تهدد الأمن القومي للاتحاد الأوروبي”. والتقط البيت الأبيض رد موسكو ليعلن ترحيبه بأي دعم روسي للتحالف في محاربة داعش، مشيرًا: إلى "أن الجهود التي تبذلها موسكو لدعم الرئيس السوري لن تكون مثمرة، وأن دعم روسيا للرئيس السوري بشار الأسد قد يفاقم الصراع في سوريا”. وفي إشارة أخرى توضح وصول الأمور إلى مستوى الخطر، هدد وزير الخارجية السوري وليد المعلم بأن بلاده ستطلب قوات روسية لتقاتل إلى جانب قواتها عند الضرورة، نافيًا في الوقت نفسه أي وجود لقوات روسية مقاتلة هناك في الوقت الحالي. وأكد "المعلم": أن "التعاون بين القوات المسلحة السورية والقوات الروسية تعاون استراتيجي وعميق”. تصريحات الولاياتالمتحدة تكشف عن استجابة واشنطن للتعاون مع روسيا في مكافحة داعش، وهو ما دعت إليه واشنطن أصلًا، ولكن بدون نظام بشار الأسد، بينما تسعى موسكو لأي شكل من أشكال التنسيق مع الولاياتالمتحدة حتى على مستوى المحادثات ليتسنى لها بعد ذلك إقحام الأسد في عملية تنسيق غير مباشرة من أجل تجنب إمكانية إسقاطه، ومع ذلك، فالولاياتالمتحدة لا تزال تواصل عمليات تدريب المعارضة السورية للقيام بمهامها في وقت لاحق وبدعم من قوات التحالف الموجودة في المنطقة، كما تعمل أيضًا مع تركيا على قصف مواقع داعش في شمال سوريا.