كتب - حجاج إبراهيم وقف تحت قبة البرلمان شامخًا مدافعًا عن القضايا العمالية طوال حياته البرلمانية، وكان شغله الشاغل هموم العمال والفلاحين والبسطاء من أبناء الشعب، إنه المناضل الراحل أبو العز الحريري، الذي رحل عن دنيانا في مثل هذا اليوم، ليصبح من بعده كرسي النائب البرلماني خاليًا من "النائب المشاغب"، ذلك اللقب الذي صاحب الحريري طوال حياته البرلمانية. أصغر برلماني أبو العز الحريري دخل تاريخ البرلمان المصري من اوسع أبوابه، حيث كان أصغر نائب برلماني، على هذا اللقب بعد خوضه انتخابات مجلس الشعب عام 1976 عن دائرة كرموز بالإسكندرية، حيث لم يتعد وقتها عمره 32 عاما، ثم خاض بعد ذلك انتخابات تكميلية فى عام 1984 دائرة محرم بك بالإسكندرية، وبعدها خاض المعارك الانتخابية فى انتخابات أعوام 90 – 95 – 2000 -2005 -2011. النائب المشاغب اعتزل ابو العز الحريري الحياة البرلمانية، ليتفرغ للحياة العمالية التي عاش فيها مناضلاً مدافعا عن حقوق العمال، إلا مل لبث وأن عاد مجددا عام 2000 نائبا عن دائرته كرموز بالإسكندرية، لانتقاد النظام مجددا، ليواجه سيلا من الهجوم والانتقادات من كبار الشخصيات والمسؤولين سواء في الحكومة أو الحزب الوطني المنحل، وفي عام 2003 أصبح صاحب أشهر استجوابات خاصة بالاحتكار، تقدم بعدها باستجواب لأحمد عز يتهمه بالاستيلاء علي شركة الدخيلة للحديد بالتواطؤ مع الحكومة في عامي 2004 و2005، منتقدًا دور رئيس الحكومة حينئذ الدكتور عاطف عبيد في أثناء عملية بيع القطاع العام. حل مجلس الإخوان بعد اندلاع ثورة 25 يناير، ومع انعقاد أول مجلس شعب، الذي تحكم الإخوان في كل ركن من أركانه، أقام أبو العز الحريري، وكان نائبا في البرلمان حينئذ، دعوى قضائية لحل مجلس الشعب، وقد نجح في ذلك، ثم أقام دعوى أخرى أمام مجلس الدولة لحل مجلس الشورى، وقال الحريرى فى دعواه: "إن المحكمة الدستورية العليا أصدرت فى 14 يونيو الحالى حكمًا قضائيًا بعدم دستورية بعض نصوص قانون مباشرة الحقوق السياسية التى تم بناء عليه انتخاب اعضاء مجلس الشعب وذلك لمزاحمة المرشحين على الأحزاب مرشحى ثلث مقاعد مجلس الشعب. وأكد الحريرى أنه بصدور هذا الحكم تكون انتخابات مجلس الشعب باطلة وأيضا مجلس الشورى طبقا لقانون مجلس الشعب وكان يجب على المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يصدر قرارًا بحل مجلس الشورى مثلما أصدر قرارًا بحل مجلس الشعب. ابنه يدفع الثمن بعد وفاة أبو العز الحريري، تقدم نجله هيثم للترشح في الانتخابات البرلمانية، إلا أنه تم رفضه، بسبب الخدمة العسكرية وأقام بعدها دعوى أمام محكمة القضاء الإداري، طالب فيها بإصدار حكما قضائيا بأحقيته في الترشيح لعضوية مجلس الشعب، وإلغاء القرار الضمني الصادر بحرمانه، وتساءل: هل السبب لاعتبارات المصلحة العامة أو أمن الدولة، أم أنه بسبب الموقف السياسي لوالده المعارض للأنظمة. الساحق المسحوق قال عنه الكاتب الصحفي الراحل، سعد هجرس، عندما أطلق مبادرة فحص أرصدة أعضاء مجلس الشعب الإخواني المنحل: النائب المحترم أبوالعز الحريري واحد من الأغلبية المصرية الساحقة المسحوقة التي لا تملك من متاع الدنيا شيئا يعتد به.. فليس لديه من الثروات شيء سوي تاريخ نضالي مشرف وأسرة جميلة، ورغم ضيق ذات اليد فإن أبوالعز لم يقبل أن يحصل علي مكافأة مالية دون مقابل من عمل يقوم به، فما بالك وان هذا المال الهابط عليه من حيث لا يحتسب "مال عام". أي مال الشعب المصري المفتري عليه، وبداية هذا اللغز أن الحريري فوجيء باشعارات إضافة مبالغ مالية في رصيد حسابه الهزيل بالبنك، وعندما سأل عن مصدر هذه المبالغ قيل له أنها مكافآت وبدلات مالية خاصة بحضور جلسات مجلس الشعب. والمشكلة هي أن مجلس الشعب الذي يقدم هذه المكافآت وتلك البدلات المالية ليس له وجود أصلا بعد أن تم حله تنفيذاً لأحكام القضاء إثر الحكم بعدم دستورية القانون الذي جري انتخابه بناء عليه، ورغم ذلك فإن المجلس النيابي المنعدم، والذي لا يقوم بأي عمل برلماني، استمر في القيام بوظيفة واحدة هي صرف المنح والبدلات والمكافآت المالية لأعضائه السابقين، فما كان من أبوالعز الحريري سوي أن تقدم ببلاغ للنائب العام مطالبا بفحص أرصدة جميع أعضاء مجلس الشعب وموجها اتهامه لهم بالاستيلاء علي المال العام بدون وجه حق حيث إن مجلس الشعب منحل بحكم قضائي ولا يجوز صرف تلك المبالغ المالية لهم.