بعد أن أراد الله أن يفضحهم ويكشف حقيقة جرائمهم، عادت أجهزة الحكم (الرئاسة والحكومة والداخلية) لترديد الأسطوانة المشروخة والفاسدة بأن الجريمة البشعة التى ارتكبتها هذه الأجهزة هى مجرد حادثة فردية، وسوف يتم التحقيق فيها (كما حدث فى عشرات الجرائم التى لم نصل فيها إلى شىء).. ثم تبلغ الصفاقة بعد ذلك مداها، حين يتم تخدير الشعب كله من استغلال ما حدث أو المزايدة فيه!! بداية.. الحادثة ليست فردية، والذين تم تصويرهم بالصدفة وهم يرتكبون الجريمة هم الطرف الأضعف، والمسؤولية الكبرى تقع على من أعطى الأوامر من القيادات، وعلى إطلاق يد أجهزة الأمن فى التعامل مع كل صوت معارض. ألم تصدر رئاسة الجمهورية بيانا بهذا الصدد قبل الجريمة بساعات؟.. ألم يهدد رئيس الجمهورية فى «خطبة الأصبع» التى أعلن فيها الطوارئ وحظر التجول بمدن القناة، أن هذه هى مجرد الخطوة الأولى على طريق استخدام العنف ضد المدنيين؟ ألم يطلق صيحته الشهيرة «ها أنا أفعل» وهو يدشن العهد الجديد من سياسة القمع؟! إننا أمام سياسة حكم وليس خطأ أفراد من الشرطة يا سادة!! وإذا كانت الكاميرات قد سجلت حادثة سحل وتعرية المواطن صابر، فإن ما لم تستطع تسجيله يفوق ذلك بكثير، ليس فقط من حوادث الضرب والسحل وهتك الأعراض، بل ما هو أسوأ بكثير. لقد رحل بالأمس الشاب محمد الجندى ضحية «ها أنا أفعل» التى أطلقها الأخ مرسى، والتى ترجمتها أجهزته إلى اختطاف شباب الثورة وتعذيبهم بوحشية وإلى حد القتل كما حدث مع الجندى. وقبل الجندى كان رحيل الشاب محمد كريستى بعد استهدافه المتعمد بسبب ما كتبه فى موقعه «إخوان كاذبون»، ومعه رحل أكثر من ضحية سقطوا فى التحرير أو الاتحادية، وقبلهم كانت المذابح فى السويس وبورسعيد وأكثر من 50 ضحية، بينما رئيس الجمهورية يهدد بأصبعه ويصرخ أمام الكاميرات «ها أنا أفعل»!! ليست أخطاء فردية يا سادة، بل سياسة حكم قرر أن يسفر عن وجهه الدموى، إنها خبرات الحرس الثورى الإيرانى التى خطفت ثورة شعب إيران لتحولها من طريق الديمقراطية إلى الإرهاب، يبدو أنها تنتقل إلى مصر بسرعة، ويبدو أنها فوجئت بحجم مقاومة شعب مصر لهذا المخطط، فقررت أن تسرع بالعمل، وأن تجر البلاد إلى هاوية العنف، وتحيل السلطة إلى قبضة حديدية وتسحل وتنتهك الأعراض، وتتصور أن هذا هو طريقها إلى التمكين وحكم الفاشية الجديدة. ليست أخطاء فردية، بل هى سياسة حكم قرر أن يكون الحوار بالدم، وأن يتم التمكين على جثث المصريين، وأن يكون القمع الوحشى هو السياسة الرسمية!!، لهذا استقبل الحكم بأعصاب باردة، سقوط عشرات الشهداء فى أيام قليلة، ووقف يتفرج على اختطاف للشباب الثوار وتعذيبهم، ويتابع سحل المواطنين وهتك أعراضهم.. ثم وقف الرئيس -بعد ذلك كله- يحيى من قاموا بتنفيذ سياسته، ويشد من أزرهم ويطالبهم بالمزيد!! إنها سياسة حكم قرر أن يتعامل مع الثوار على أنهم بلطجية!! وأن يصف المعارضين الوطنيين بأنهم عملاء وخونة!! وأن يعتبر التظاهر السلمى جريمة، والمطالبة بالحقوق المشروعة خروجا على الدين والوطنية!! لقد قال الرئيس مرسى «ها أنا أفعل»!! وكان على الشعب أن يودع الشهداء ويضمد الجراح، ثم يعلن أنه سيقاوم حتى النهاية هذا الحكم الذى يقود الوطن نحو الهاوية!! لم يعد هناك خيار. حين يختار الحكم طريق الدم، ويمارس القتل والسحل والقمع الوحشى كسياسة رسمية، فلا بديل عن المقاومة حتى إسقاط الفاشية ومحاسبتها على جرائمها. قد يكون البعض سعيدا اليوم لأنه فعل!! لن يكون كذلك حين تأتى ساعة القصاص التى يظنون أنها بعيدة، ونثق فى أنها أقرب مما يتصور أكثر المتفائلين!!