ستنتصر مصر.. رغم كل ما يحيط بنا من أجواء خانقة، فإن مصر لا يمكن أن تستسلم لهذا الجهل والتخلف والاستبداد الذى يريد أن يعيدها إلى ظلام القرون الوسطى. لا ينبغى أن نستهين بالتحديات التى تواجهنا، ولكن لا بد أن نقاتل ونحن متأكدون من أن هذا الشعب العظيم سيهزم الفاشيين الجدد، وأنه قادر على استعادة الثورة التى اختطفت، وحماية الدولة التى بناها بأعظم التضحيات، وانتزاع حقوقه فى الحرية والكرامة والعيش الكريم. ستنتصر مصر.. لا ينبغى مطلقا أن يتراجع إيماننا بذلك، رغم كل ما نشاهده من محاولات اختطاف الوطن من جانب هذه الجماعات الجاهلة المتخلفة، التى تريد ترويع المصريين وإسكات كل الأصوات الحرة ومحاصرة القضاء وممارسته البلطجة حتى يتم لها اغتصاب السلطة وإقامة دولتها الفاشية المستبدة. ستنتصر مصر لأنها الأقوى.. هل رأيتم الملايين وهى تتحدى الاستبداد، وتهتف للحرية، وتستقبل الشهداء فى مذبحة الأربعاء على أسوار قصر الرئاسة؟! هل رأيتم طوابير النساء والشباب وكبار السن تتحدى التزوير، وتقف بالساعات لتقول «لا» فى الاستفتاء. وهى تعرف أنه ليس فقط استفتاء على دستور باطل، بل هو استفتاء على حكم مستبد، وعلى سياسات اقتصادية تسحق الفقراء، وعلى عدالة اجتماعية يتم إقصاؤها من يمين فاشىّ يستخدم الدين لكى يسرق عرق العاملين وحرية المواطنين. ستنتصر مصر لأنها لا تستطيع أن تخون نفسها، أو تتخلى عن تاريخها، أو تبيع مستقبلها للجهل والتخلف. تعرف مصر أنها تخوض معركة حياة أو موت، وتعرف أنها لا تملك خيارا إلا أن تنتصر على هذه الفاشية التى تريد أن تستخدم الدين الحنيف لتقيم دولة الاستبداد، ولتقودنا إلى الديمقراطية والرفاهية والتقدم التى تتمتع بها أفغانستان والصومال على أيدى نفس العصابات، ونفس الأفكار، ونفس الطريق الذى تقوده خفافيش الظلام!! ستنتصر مصر التى لا يمكن أن نتخلى عنها.. مصر التى أضاءت سماؤها بالمعرفة والاستنارة والإبداع والحرية مع الأئمة الكبار محمد عبده وشلتوت والطهطاوى، ومع طه حسين والعقاد، ومع شوقى وحافظ وبيرم وفؤاد حداد وجاهين، ومع سيد درويش ومختار وأم كلثوم، ومع نجيب محفوظ ويوسف إدريس والآلاف من المبدعين والمفكرين الذين قادوا مصر من ظلام القرون الوسطى إلى قلب العصر، وفتحوا أبواب التقدم التى يراد لها الآن أن تغلق بالضبة والمفتاح. ستنتصر مصر التى حلم بها شبابنا وهو يفجر الثورة التى يختطفها خفافيش الظلام. لم يقم الشباب بثورته لأن مصر كان ينقصها الدين، بل لأنها كانت تشتاق للعدل والحرية. لم يقم الشباب بثورته لكى تقهر المرأة، ولا لكى تسلب حقوق العمال والفلاحين، ولا لكى تخضع مصر لشروط صندوق النقد ويتم سحق الفقراء، ولا لكى تنهار الدولة وتعربد الميليشيات تفرض الجهل وتقتل الحرية وتحاصر القضاء. الجهلة فقط، والذين لا يعرفون مصر هم الذين يتصورون أنهم قادرون على اختطاف الوطن وإخضاعه للفاشية الجديدة. أما الملايين من المصريين فيعرفون جيدا أن وطنهم لن يقهر. ستنتصر مصر على الفاشية الجديدة. سيسقط الدستور الباطل، وسوف تستعيد مصر ثورتها من الذين اختطفوها وتبنى دولة الحرية والكرامة. لست متفائلا بأكثر من اللازم، ولكنى أعرف أن مصر قوية، وأن الفاشيين أغبياء، وأنهم -مهما فعلوا- لا مكان لهم إلا فى مزبلة التاريخ.