لا للطوارئ.. لا أحد يستطيع أن يقول نعم للطوارئ.. اللهم إلا فئة قليلة.. ليس هناك قوى سياسية تريد استمرار العمل بقانون الطوارئ .. ولا يستخدم الطوارئ إلا من كان ضعيفا .. والنظام السابق كان ضعيفا وهشا.. وبسياساته جعل الدولة تصنيفها «فاشلة».. ولم يستطع أن يعيش يوما دون طوارئ.. كان يستخدم الطوارئ ضد معارضيه.. وفى تزوير الانتخابات فقد كانت انتخاباته كلها مزورة بما فيها انتخاباته هو كرئيس بإشراف المستشار ممدوح مرعى الذى منحه بعد ذلك منصب وزير العدل ليؤدب تيار الاستقلال فى القضاء الذى فضحه داخليا وخارجيا.. .. وعندما زادت على النظام السابق الضغوط الداخلية والخارجية لإلغاء العمل بقانون الطوارئ لم يستطع أن يستغنى عنه هو وعصابته ومد العمل به تحت حجة أنه سيُستخدم ضد تجار المخدرات والإرهاب فقط.. وأنه سيتم وقف العمل به بعد إصدار قانون مكافحة الإرهاب الذى لم يصدر، ولكن يأتى اليوم وبعد الثورة لمن يفرض الطوارئ مرة أخرى ويفعلها وهو الذى وعد بأن قانون الطوارئ فى وضع مجمد وسيتم إلغاؤه مع الانتخابات البرلمانية. هكذا قال الذين يديرون البلاد بعد أن وثق بهم الشعب الذى سلّمهم السلطة بعد خلع مبارك.. ولكن ها هم أولاء يخالفون وعودهم.. ولم يبقَ سوى أيام على بدء معركة الانتخابات البرلمانية.. ويجرى تفعيل الطوارئ تحت حجة أن البلد فى وضع حرج بعد أحداث جمعة «تصحيح المسار» التى نجحت نجاحا باهرا.. وأوصلت رسالة مهمة إلى الجميع عن مطالب الثورة والثوار التى لم تتحقق وأعادت الكرامة إلى المصريين.. لكن هناك من يقفون دائما ضد إنجازات الثورة ويحاربون كل نجاح لها فأرادوها انحرافا.. ويزجّون بأطراف فى أحداث السفارة ومديرية أمن الجيزة ليشعلوها نارا.. ويتهمون الثوار بالانحراف عن الثورة.. وليخرج علينا اللاطمون للحديث عن جمعة انحراف المسار وبكل فجاجة ودون أى معلومات.. وهم أنفسهم الذين كانوا يقذفون الثوار بالباطل أيام الثورة وبالخروج عن الحاكم وأن مبارك استجاب لمطالب الشباب وعلى الثوار أن يتركوا ميدان التحرير ويعودوا إلى بيوتهم.. فقد حقق مبارك ما يطلبونه.. حدث ذلك منذ اليوم الأول للثورة وبعد المليونية الأولى فى الثورة الثلاثاء 1 فبراير وبعد خطاب مبارك «العاطفى» الذى بدأت بعده معركة الجمل والحمير التى كانت تحاول إجهاض الثورة بأى شكل حتى لو تقبله المتظاهرون الثوار المعتصمون فى ميدان التحرير. .. وبالطبع كان هناك تواطؤ كبير فيها.. وتخيلوا أن الثوار سيسلمون بالأمر.. وتعود الحياة مرة أخرى كما كانت باستبداد وطغيان مبارك وعصابته.. لكن تم فضحهم جميعا وأصرّ الثوار على ثورتهم.. ولم يسمعوا لمن طلب منهم الخروج الآمن من الميدان.. وهم أنفسهم الآن يجلسون مع الذين يديرون شؤون البلاد ويتحدثون كأنهم من صنعوا هذه الثورة. .. وحتى بعد أن دعا عمر سليمان إلى الحوار بين القوى السياسية بعد أحداث موقعة الجمل وفضحهم.. ذهب هؤلاء الذين يتحدثون عن «انحراف المسار» إلى هذا الحوار، بل هناك من قدّم خدماته وسعى إلى توريد أنفار إلى عمر سليمان.. كما فعلوا فى السابق.. وكما يفعلون الآن.. لكن هذا الحوار وسعيهم فشل فشلا ذريعا، فقد رفع الثوار الحقيقيون شعارا رائعا تحقق بالإخلاص والتفانى، أنه «لا حوار إلا بعد الرحيل». ولعلّى أذكر هنا المطالب الرئيسية للثورة، التى كانت معلقة على يافطة كبيرة على العمارة الأولى فى مدخل شارع طلعت حرب وهى: - إسقاط الرئيس. - حل مجلسى الشعب والشورى المزورين. - إنهاء حالة الطوارئ فورا. - تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية. - برلمان منتخَب يقوم بعمل التعديلات الدستورية لإجراء انتخابات رئاسية. - محاكمة فورية للمسؤولين عن قتل شهداء الثورة. - محاكمة عاجلة للفاسدين وسارقى ثروات الوطن. ها هى ذى مطالب الثورة، وعلى الرغم من تبديل القائمين على إدارة البلاد من بعضها فإن إنهاء حالة الطوارئ كان فى المقدمة. ومن هنا أقدم تحية لكل الذين خرجوا يوم الجمعة الماضية حتى إن كان عددهم قليلا.. ولعلنا نذكر أن مخاض الثورة قام على تظاهرات لأعداد قليلة فى البداية. ويا أيها الذين تديرون شؤون البلاد.. ويا أيها الذين تريدون جنى ثمار الثورة مبكرا.. التاريخ لن يرحمكم.