كتب: إبراهيم منصور على عكس كثيرين أرى ما يحدث الآن فى حزب الوفد إيجابيًّا.. وسخونة حزبية، لكسر حالة الجمود التى سيطرت على حزب له تاريخ من النضال «من أجل الديمقراطية»، كما شهد كثيرًا من الانشقاقات. وما فعله السيد البدوى رئيس الحزب الحالى، مع سابقه محمود أباظة، يكاد يتكرر الآن.. وسبقته أيضا أحداث جرت بين مجموعة نعمان جمعة -وريث الحزب من فؤاد سراج الدين، الذى استطاع أن يعيد الحزب بعد سنوات طويلة من المصادرة والحرمان، لدرجة أزعجت وقتها الرئيس أنور السادات، فجمد الحزب فى إطار أحداث سبتمبر 1981- ومجموعة محمود أباظة، التى وصل فيها الخلاف إلى حد الاقتتال الداخلى واستخدام الأسلحة النارية. وقد شهدت فترة نعمان جمعة كثيرًا من الاستقالات وابتعاد شخصيات هامة من قيادات الحزب، بعد أن أصبح جمعة ديكتاتورًا يتحكم فى الحزب، ويخرج عن مبادئ «الوفد»، وتنجح مجموعة أخرى من الحزب فى سحب البساط لصالح محمود أباظة فى انتخابات لم يعترف بها جمعة وقتها، وذلك فى عام 2006، ولكن انتقلت الأمور بشكل أفضل، وعاد «الوفد» من جديد بأزماته. وهنا يعود السيد البدوى الذى كان قد اختفى فى تلك الفترة الأزمة «بعد صناعة مشروعه المالى» ليطرح نفسه كحل لأزمات «الوفد»، التى استمرت مع محمود أباظة، الذى لم يكن يفرق عن الحزب الوطنى وقتها كثيرًا.. فانفرط عن العقد الوفدى مرة أخرى.. وأصبح لزامًا على «الوفد» البحث عن جديد.. فكان البدوى. وأصبح المرشح الجديد والأكثر شبابًا له حضور فى الواقع السياسى.. وفى المحافظات، وكان معه حليفه وقتها فؤاد بدراوى، الذى فضل أن يكون البدوى هو المرشح الجديد، وانسحب مبكرًا من سباق الترشح لتخلو الساحة للبدوى فى مواجهة أباظة. واعتبر السياسيون والحزبيون قبل الوفديين أن حالة السيد البدوى قد تكون مؤشرًا على مطالب التغيير التى رافقت حركات التغيير فى المجتمع وقتها، وعلى رأسها حركة «كفاية»، التى وقفت ضد التجديد لمبارك فى حكمه.. أو توريث ابنه. وبالفعل نجح البدوى فى رئاسة حزب الوفد.. واستبشر الجميع خيرًا به، باعتباره كان رمزًا للتغيير. لكن ما إن استقل بكرسى رئاسة الوفد حتى ظلت الأوضاع كما هى. وأصبح الوفد أكثر قربًا من الحزب الوطنى الحاكم.. وساندًا له. وحتى فى ثورة 25 يناير كان موقف الحزب مترددًا. ولعله كان مطلوبًا بعد ثورة 25 يناير أن تنسحب كل الأحزاب القديمة من الساحة كما جرى مع الحزب الوطنى الفاسد الذى جرى حله.. فأحزاب ما كانت تسمى بالمعارضة لم يكن لها أى دور فى التغيير.. وقد ذهب الحزب الحاكم.. ومن بعده ذهب حزب الجماعة الحاكم أيضا إلى غير رجعة.. وكان يجب على تلك الأحزاب أن تنظر إلى ما يحدث على الساحة من مطالب التغيير. ولكن السيد البدوى لم يتعظ. واستمر فى قيادة الحزب. واعتقد أنه الحزب.. والحزب هو. ليأتى اليوم الذى ينقلب فيه حلفاؤه عليه. لو كنت مكان السيد البدوى لتركتُ الحزب، وأعلنتُ ذلك صراحة للوفديين، والشعب، وأشرفتُ على انتخابات جديدة، ومنحتُ جيلًا جديدًا حقه فى استعادة حزب الوفد. لكن هل يسمع السيد البدوى؟!