عزيزي المشاهد للتلفاز عندما تمسك بالريموت كنترول، وتقوم بتغيير القنوات، فتجد قناة مغمورة يُحدثك فيها رجل يبدو عليه ملامح، الروشنة، أو فتاة تتراقص أمامك، ويقولون لك، "أنت على موعد مع الفوز بمليون جنيه"، مقابل تقديم حل للفزورة أو اكتشاف الاختلاف الجوهري بين صورتين متشابهتين، وليس عليك سوى الاتصال بالأرقام الموضوعة أمامك لتخبرهم بالحل، فأعلم "إنهم يخدعونك" لأنهم قنوات تعتمد على النصب والاحتيال بطريقه غير مباشرة. محاولات استفزاز المصريين.. والمتاجرة بالغباء انتشرت في الآونة الأخيرة، ما يُسمى بقنوات مجهولة تُصنف نفسها، قنوات مسابقات، تُحاول استفزاز مشاعر المصريين بكل الوسائل، لإهدار طاقات المشاهدين وتسطيح تفكيرهم، وهي قنوات لا تحمل أي أجندة إعلامية، وتهدف في المقام الأول إلى الربح المادي. تطرح ألغازًا، تافهة، وفوازير يعرضها شاب أو فتاة، بأسلوب تشويقي ممل، قد يُصاحبه بعض الأغاني، التي يتراقصون عليها، منتظرين الاتصالات والإجابات من المشاهدين، للحصول على جائزة، لا تقل بأي حال من الأحوال عن 30 ألف دولار. المثير فى الأمر أننا لم نسمع بفوز أحد بمثل هذه الجوائز، أو قام متصل من المشاهدين بتقديم الحل الصحيح للغز المطروح، تطل علينا القناة باتصالات من مشاهدين، وهميين، يطرحون إجابات لا يطرحها طفل صغير، وذلك حسبما يذكر لنا "محمد" أحد المتابعين لهذه البرامج. ويقول محمد، إن هذه القنوات، تُتاجر بالغباء، حيث تؤجر مجموعة تتصل لطرح إجابات، سخيفة، لاستفزاز المشاهدين حتى ينهضوا من أماكنهم ويقوموا بالاتصال، أملًا فى الحصول على الجائزة. ويذكر المتابع، أنه سمع مرة عدة اتصالات على إحدى الألغاز المطروحة وهي، ما الشىء الذي شكله بيضاوي ومن الداخل لونه أصفر ومن الخارج لونه أبيض، إلا أنه فوجىء بسيل من اتصالات المشاهدين بأن الحل هو، البرتقال أو اليوسفي، ولم يذكر أحدًا منهم "البيضة"، وكأنهم من كوكب آخر. عاوز تكون مذيع في هذه القنوات.. لازم يكون معاك العيلة والجيران " حضرتك تقدم وهما يتصلوا".. لخداع المشاهدين وكشفت إحدى المذيعات، التي عملن بإحدى قنوات المسابقات، ل"التحرير" عن المخطط، الذي تسير عليه القناة، لتحقيق الربح المادي من خداع المصريين. وقالت المذيعة، إنها قامت بإجراء مقابلة وتم قبولها، إلا إنهم اشترطوا عليها أن يتصل عدد كبير من أهلها وأقاربها بالبرنامج، وطرح إجابات "هبلة"، حسبما ذكرت المذيعة، وذلك حتى يتحرك المشاهدين الذين يعرفون الإجابة للاتصال، بعد إيصال رسالة وهمية لهم بأن الجائزة تقترب منهم. فى نفس الوقت، قام أحد الأشخاص، المحاربين لفكرة قنوات المسابقات، بعمل تسجيل لعدد كبير من اتصالات المشاهدين، وكشف تكرار المتصلين لعدة مرات خلال نفس اليوم، وكأنها، عمل يومي، للمتصل، يتصل يوميًا خلال ساعات محددة بطرح أجوبة "ساذجة"، لإيهام المشاهدين بأن هناك قبول على المسابقة، ويبدأ المذيع وقتها بالصراخ بأن المسابقة على صفيح ساخن وأن الجائزة قد اقتربت لمن يتصل الآن. استغلال الجنس لزيادة الاتصالات ذكر عدد من الناقدين لهذه القنوات، أنهم رصدوا من خلال متابعتم لهذه القنوات، أنها تبث مواد إعلامية مثيرة للجنس بشكل مقنن، من خلال وضع صورتين لمطربة أو ممثلة، وهي ترتدي فستان مثير أو ما شابه ذلك، ويطرح على المشاهدين سؤالًا، أين الاختلاف في الصورتين؟، ويترك للمشاهد الإجابة بما يحلو له. وطالبوا بضرورة غلق مثل هذه القنوات لأنها لا تحترم عقلية المشاهد، مطالبين الجهة المسؤولة عن منح التراخيص لمثل هذه القنوات بمنع إعطاء تراخيص لمثل هذه القنوات "الرخيصة" حسبما وصفوها. وقالوا، إن بعض المراهقين يميلون لمثل هذه القنوات، ليس بحثًا عن المكسب، وإنما للحديث مع "البنت الدلوعة"، التي تقدم المسابقة، ووصل الأمر ببعض الشباب إلى أن تحولت مشاركاتهم إلى درجة الهوس، فبعضهم يمكن أن يتصل عشرات المرات، ويمكن أن ينتظر على الخط لمدة ساعة، حتى يتم توصيله بالمذيعة. قصة متصل حاول شراء الوهم يروي أيمن، قصته مع مثل هذه القنوات، قائلًا، كنت أحد ضحايا قناة تدعي أنها قناة للتسلية والمسابقات، ولكنها في الحقيقة هي للنصب والاحتيال على الناس، حيث قمت بالاتصال بالرقم الذي وجدته على الشاشة، لحل اللغز، وجدت أغنية استمرت لمدة دقيقتين، وبعدها وجد رسالة صوتية مسجلة مدتها 3 دقائق، للاشتراك اضغط 1 وهكذا، وبعد 5 دقائق أعطوني رقم هاتف آخر، للمشاركة في المسابقة، وانتهت المكالمة ولم أحصد شيئًا، سوى خسارتي 10 دقائق، علمًا بأن تكلفة الدقيقة جنيه ونصف. وحول سبب تقليدنا الأعمى لكل ما هب ودب من الغرب دون أي اهتمام إذا كان الموضوع يتناسب مع مجتمعنا أو لا، يشرح الدكتورعيسى، أن السبب في القائمين على مثل هذه القنوات ينشدون الربح، ومتى ما وجدوا فكرة ناجحة ومضمونة المكسب قلدوها. وأيضا بسبب إفلاس عقولنا واقتصارها على ثقافة التقليد وفقط. قنوات تلعب على وتر أحلام الفقراء وغرائز الشباب يقول خبير إعلامى، إن فكرة برامج المسابقات ليست جديدة، وإنما فكرة إنشاء قناة خاصة بها هو الجديد في عالمنا العربي، يلعب من خلالها أصحاب هذه القنوات على وتر أحلام الفقراء من جانب، وإثارة الغرائز من جانب آخر. وقال إن هذه القنوات لا تفعل شيئًا سوى أن تحمل أسئلة ساذجة وسطحية ومملة إلى الجمهور، ليشارك المشاهد بالاتصال، وتحصد القناة مكاسب كبيرة جدًا من هذه الاتصالات، التي تُشكل مكسبها الأساسي، وتحاول الاستخفاف بعقول المصريين.