هناك فرق كبير بين الجيش والمجلس العسكرى.. .. الجيش هو الذى يضم فئات الشعب كلها، وينتمى إلى الشعب.. والأغلبية من الشعب المصرى شاركت فى خدمة وتكوين الجيش.. فما زالت الخدمة إجبارية.. وأغلبية شباب الثورة شاركت فى خدمة الجيش.. بل هناك الكثير من الثوار سيتم تجنيدهم أيضا، أو هم مجندون الآن.. هذا هو الجيش الذى يشارك فيه أبناء هذا الشعب بدمائهم، من أجل حماية الأمن القومى والحدود، والوقوف ضد الاعتداءات على التراب الوطنى.. وسيظل كذلك. أما المجلس العسكرى فهم مجموعة القيادات العسكرية من الجنرالات التى أحيلت إليهم إدارة شؤون البلاد، بعد تنحى الرئيس المخلوع حسنى مبارك عن السلطة. فهم الذين يديرون الشؤون السياسية للبلاد، وأصبحوا هم المسؤولين -وفقا للإعلان الدستورى- عن جميع السلطات بعد التخلص من مبارك، ووقف العمل بالدستور، وإلغاء برلمان حسنى مبارك، إلا أن السلطة التشريعية ستعود إلى مجلس الشعب الجديد مع بداية انعقاده الإثنين المقبل. .. فهؤلاء وإن كانوا قادة الجيش، فإن عملهم بالسياسة الآن وضع فاصلا كبيرا ومميزا وواضحا بينهم وبين الجيش. فيظل الجيش مصونا.. مصونا.. أما المجلس العسكرى ما دام عمل فى السياسة، ويدير شؤون البلاد، ووصل الأمر بجنرالاته المعاشات إلى الطمع فى السلطة، والوصول إلى اتفاقات معلنة -وغير معلنة- مع قوى سياسية.. فلا بد من مراقبته وانتقاده أشد انتقاد، حتى المطالبة برحيله، ما دام قد ظل فى أعلى السلطة السياسية وإدارة شؤون البلاد، خصوصا بالطريقة التى يدير بها الآن من لف ودوران فى جميع الأمور ودون شفافية، فى ظل ثورة قامت ضد الاستبداد والطغيان والفساد. .. وحاول البعض من قبل -وحتى الآن- عدم التفرقة بين الجيش وجنرالات معاشات المجلس العسكرى.. ويضع خطا أحمر على انتقادات المجلس العسكرى، كما يفعل أعضاء الاستشارى العسكرى، الذى جاء به جنرالاته لتجميل وجهه، وبعد فوات الأوان، باعتبار أن المجلس العسكرى والجيش واحد!! ويدعم ذلك أيضا بعض من كانوا بوقا للنظام السابق الفاسد الساقط، والذين ينافقون ويوالسون أيا من يكون على السلطة.. خصوصا أن جنرالات المجلس العسكرى استعانوا بنفس الطاقم الموالس فى تأييده لطريقة النظام السابق. .. ووصل الأمر بأحد هؤلاء الذى كان يفرض نفسه متحدثا أحيانا باسم صفوت الشريف، ومرات أخرى باسم الرئيس المخلوع حسنى مبارك، فى الدفاع عن المجلس العسكرى، الذى لا يمر يوم إلا ويمارس انتهاكات فى حق الشعب الذى قام بثورة عظيمة ضد الفساد والاستبداد والطغيان.. وكان أحد هؤلاء يصرخ فى برنامج تليفزيونى ليلة تنحى حسنى مبارك، طالبا من الثوار العودة إلى بيوتهم مخاطبهم: حرام عليكم دعوا الجيش يعود إلى ثكناته لحماية حدود مصر، التى تتعرض إلى اعتداءات، خصوصا أن مصر مستهدفة.. وذلك بعد ما زعمه من أن مبارك استجاب لمطالبهم.. وهو نفسه الذى كان يحاول أن يجمع شبابا من التحرير لتقديمهم «قربانا إلى نائب رئيس الجمهورية المخلوع عمر سليمان» تحت وهم الحوار مع شباب ميدان التحرير.. وهو ما فعله بعد ذلك، بعد أن استطاع تقديم نفسه لجنرالات المعاشات، وقدم لهم شخصيات أخرى من المجتمع، بينهم فلول كانوا يعملون بتعليمات من أحمد عز، ولجنة سياسات جمال مبارك.. وشاء القدر أن هذا الصارخ يعمل تحت رئاسة «الفل الصغير» بإحدى الفضائيات، التى يصرخ فيها حتى الآن لصالح المجلس العسكرى. .. وهو أول من باع من كان يتحدث باسمهم ويدعى علاقاته القوية بهم.. إنه الآن يدعى نفسه متحدثا باسم جنرالات المجلس العسكرى. .. ما زالوا يسيرون على طريقة النظام المخلوع، سواء فى السياسات التى ينتهجها المجلس العسكرى أو ممن يستدعونه لتجميل وجوههم التى لم تعد مطلوبة أو مقبولة لدى الشعب والثوار الأصليين، الذين أصروا على الثورة والإطاحة بمبارك. فالثورة والثوار الأصليون هم الذين حموا جنرالات المجلس العسكرى من طغيان مبارك إذا ظل فى السلطة، وأجهضت الثورة، وليس عكس ما حدث. .. ولعله لم يصل إلى مسامع جنرالات المجلس العسكرى ما يفعله أقرانهم فى تونس.. فقد وجدوا هناك السلطة على الرصيف، لكنهم لم يأخذوها.. وتركوها للقوى السياسية وللشعب يقرر فى النهاية.. وحموا ذلك بشكل واضح. أما جنرالات المجلس العسكرى فقد أساؤوا إلى الثورة بسياساتهم والتفافهم حول أهداف الثورة، ومحاولاتهم اصطفاف المستفيدين من حولهم، ومساعدة من ركبوا الثورة للحصول على مكاسب على حساب الشعب والثوار من أجل اتفاقات واهية لن تدوم. فهؤلاء جنرالات معاشات المجلس العسكرى، وليس الجيش، إنما وجب عليهم الرحيل. ومن ثم عليهم أن يفهموا ويستوعبوا ما يطالب به الثوار والشعب: «يسقط يسقط حكم العسكر» ولا يستمعوا إلى المنافقين والموالسين، وعليهم احترام أنفسهم.. وكفى انتهاكات فى حق هذا الشعب العظيم.