قبل أيام من ذكرى ثورة 25 يناير العظيمة التى خرج فيها الشعب ضد الفساد والاستبداد والطغيان.. وهى الثورة التى ألهمت وبهرت كثيرا من الشعوب فى العالم العربى أو الغربى على السواء. كان يعتقد الشعب أن هذه الثورة قد خلعت النظام الفاسد إلى الأبد.. إلا أنه فوجئ أن من تم خلعه هو رأس النظام فقط حسنى مبارك وبعض من مساعديه.. وظل النظام موجودا فى كل مؤسسات الدولة. كان يعتقد أنه تم القضاء على الفساد أو على الأقل ستبدأ خطوات القضاء عليه.. وسيجرى تشكيل هيئة مستقلة لمحاربة الفساد.. إلا أنه فوجئ بأن الفساد ما زال منتشرا وساكنا فى كل المؤسسات.. وكأن شيئا لم يتغير! كان يعتقد أنه سيتم عزل المسؤولين الذين أفسدوا الحياة السياسية خلال سنوات حسنى مبارك الثلاثين.. وبينهم ترزية قوانينه الفاسدة ومحاكمتهم على إفسادهم إلا أنه فوجئ أنهم موجودون.. بل وبعضهم يتبوأ المناصب الرسمية ويستهزئ بالثورة. كان يعتقد أنه سيتم تطهير الإعلام من المنافقين والموالسين لنظام حسنى مبارك، الذين غيبوا الشعب وشغلوه عن قضاياه الأساسية وزيفوا وعيه من أجل فرد واحد وعصابته.. إلا أنه فوجئ بأن كل شىء كما هوم بل تم ترقية من وقف ضد الثورة.. وفرضه على الإعلام.. واستمرت إدارة شؤون الإعلام كما هى.. وتحول النفاق والموالسة إلى المجلس العسكرى «الحاكم».. بل وصل الأمر بالمنافقين إلى موالسة جماعة الإخوان الآن بعد أن تبين لهم أنهم سيحصلون على الأغلبية فى الانتخابات البرلمانية.. ولم يحدث أى شىء أو حتى مخطط لاستقلال الإعلام كمقدمة لدولة ديمقراطية حديثة. كان يعتقد أنه ستُفعل مطالب الثورة باستقلال القضاء.. لكن ظلت الأمور على ما هى.. وظل النائب العام الذى عينه حسنى مبارك كما هو. كان يعتقد أن الشهداء ومصابى الثورة سيحصلون على حقوقهم.. إلا أنه تم إهانتهم وضربهم وسحلهم واتهام البعض منهم بالتخريب. كان يعتقد أنه سيتم تطهير الداخلية من ضباطها الفاسدين والمسؤولين عن الانفلات الأمنى الذى حدث أيام الثورة ولا يزال مستمرا.. وأنه سيتم إعادة هيكلة وزارة الداخلية بشكل يليق بثورة قامت ضد الظلم وعصابة الداخلية التى كانت تشارك فى حكم البلاد وتمارس التعذيب المنهجى.. إلا أنه فوجئ بالإبقاء على الداخلية كما هى بل وتكريمها وزيادة ميزانيتها وتزويدها بأحدث أنواع السيارات التى لم تكن تستخدم أيام العادلى.. وعاد ضباط الشرطة إلى الشارع بنفس العقلية القديمة من الغطرسة والغرور.. ويعيد وزير الداخلية صاحب مذبحة اللاجئين السودانيين فى ميدان مصطفى محمود نفس كلام أسلافه فى التعامل مع الثوار.. وعادت نفس الأوصاف التى كان يطلقها زبانية مبارك والعادلى من عينة التخريب والتحريض على الهدم والحرق ونجد ثوارا حقيقيين يتهمون بالتحريض على التخريب ويستدعون للتحقيق لتشويههم، فى وقت نجد فيه المخربين الحقيقيين والبلطجية ومسجلى الخطر مطلقى السراح.. ويتمتعون بالحماية ليمارسوا الترويع.. كان يعتقد أنه سيتم احترام الثوار وتقديرهم.. لكنه فوجئ بأن الذين يحكمون يشوهون الثوار الأصليين ويطلقون ثوارا مزيفين ينافقون الذين يحكمون فى وسائل الإعلام المسيطَر عليها الآن.. ويتهمونهم فى أحداث السفارة الإسرائيلية وماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء.. ويسقط العشرات من الشهداء الجدد بأيدى الذين يحكمون الآن. كان يعتقد أنه سيتم تشكيل حكومة إنقاذ وطنى يشارك فيها الثوار للخروج من أزمة المرحلة الانتقالية وفشل جنرالات معاشات المجلس العسكرى فى إدارة شؤون البلاد.. إلا أنه فوجئ بطمع الجنرالات فى السلطة وإتيانهم بحكومة تابعة ما زال بها عناصر من نظام الرئيس المخلوع. كان يعتقد أن زمن التعامل مع حقوق الإنسان بالعجرفة والعنجهية والانتهاكات قد ولّى.. إلا أنه فوجئ بأن الانتهاكات تجرى على قدم وساق وبشكل أفظع مما كان يجرى على يد عصابة مبارك. كان يعتقد أن الحالة العامة ستتحسن خلال المرحلة الانتقالية حتى ولو بوضع خطط.. إلا أنه لم يجد إلا الفشل الذريع.. والإحباط واليأس من الذين يحكمون البلاد الآن.. ويطمعون فى الاستمرار حتى ولو بصفقات مع الذين لا يريدون تحمل المسؤولية الآن بعد أن منحهم الشعب الثقة. من أجل هذا وغيره.. سيخرج الشعب يوم 25 يناير من أجل استمرار ثورته. لا يهمه فى ذلك دعوات التحريض والتخريب والترويع التى يمارسها الآن المجلس العسكرى والأجهزة الأمنية والمنافقون والموالسون فى إعلام العسكرى، لثنيه عن مطالبه بتحقيق أهداف الثورة. ولا يهمه فى ذلك المهرجان الذى يقيمه المجلس العسكرى للإلهاء عن المطالب الحقيقية.