تمكن مجموعة من الباحثين من ابتكار آلية جديدة يمكن أن تكون مفيدة لتخليص الناس من ذكرياتهم العاطفية المؤلمة، أو ذكرى بعينها عن طريق استخدام "الصدمات الكهربائية". وأظهرت الدراسة، التي نشرت في الدورية الأمريكية لعلوم الأعصاب، وأعدها باحثون من معهد "دوندرز" للوظائف الدماغية، أنه يمكن لأول مرة في العالم التلاعب بذكريات الإنسان عن طريق تدخلات مادية معينة مثل "الصدمات الكهربائية". وأشار البروفيسور "مارجين كروس" كبير المشاركين في تلك الدراسة، إلى أنها قد تساهم بصورة كبيرة في علاج أمراض "الاكتئاب"، و"اضطراب ما بعد الصدمة"، أو حتى "الإدمان" بكل أنواعه، وكل الأمراض التي يكون سببها ذكريات سلبية معينة تساهم في تدمير الجهاز العصبي للشخص. وشملت تلك الدراسة نحو 42 شخصا كانوا يعانون من حالات للاكتئاب الحادة، والذين وافقوا على الخضوع للعلاج عن طريق الصدمات الكهربائية؛ كملاذ أخير، بعدما فشلت كافة العقاقير المهدئة الأخرى في علاج حالاتهم. وطلب الباحثون من المشاركين مشاهدة شريحتي عرض، أحدها تحكي قصة صبي صدمته سيارة ومات بينما كان يسير مع والدته، والثانية لشقيقتين واحدة منهن تم الاعتداء عليها والتحرش بها جنسيا من قبل أحد الخارجين على القانون. وبعد أسبوع تقريبا، يعرض على المشاركين نسخة مجتزئة من الشريحة الأولى، ويطلب منهم تذكر إحدى القصتين، ثم يتم تقسيم المرضى لثلاث مجموعات، اثنين منهم تم إخضاعها للعلاج بالصدمات الكهربائية المباشرة، بعد مرحلة التذكر والاختبار، والثالثة لم تخضع للعلاج بالصدمات الكهربائية. وتم اختبار قدرة إحدى المجموعات على تذكر القصتين مباشرة بعد العلاج بالصدمات الكهربائية، فيما انتظرت المجموعة الأخرى 24 ساعة كاملة ليتم اختبارها. وبالفعل المجموعة التي انتظرت 24 ساعة لم تتذكر القصة المؤلمة بطريقة متساوية، بل بعضهم تذكر الأجزاء الإيجابية فقط في القصة ولم يتذكر أي من الأحداث السلبية بها. ولكن ما يطرح السؤال في تلك الدراسة، هو هل ستعطل "الصدمات الكهربائية" كافة الذكريات السلبية بشكل عام، أم ستكون انتقائية لذكريات بعينها أو التي تشكلت حديثا، وهو ما قد يتسبب في خلل آخر للإنسان إذا ما تم محو كافة الذكريات السلبية من حياته، وبدلا من أن يعالج حالات الاكتئاب التي يشعر بها، يجد أن حياته وذكرياته معظمها أصبحت غير متاحة ولا يمكنه التحكم بها أو استدعائها وقتما يشاء.