إذا كنت مريضا بضغط الدم لا تقرأ هذا الموضوع واذا لم تكن من مرضى الضغط ننصحك بتناول «قرص مهدئ» قبل قراءة المعلومة الآتية: مصر بها 12 مليون مريض بالتهاب الكبد الوبائى والطاقة الاستيعابية لمعهد الكبد المتخصص فى علاج هذا المرض لا تزيد على مائة سرير! ولو قسمنا عدد المرضى على عدد الأسرة يكون لدينا سرير واحد لكل 120 ألف مريض! هذا هو الواقع المأساوى الذى خلفته دولة حسنى مبارك التى جرفت كل شىء وقضت على كل مقومات التقدم: التعليم والصحة! المسئولون عن المعهد القومى للكبد يشحتون من أجل استكمال مبنى جديد لزيادة الطاقة الاستيعابية إلى 300 سرير فى المعهد المحاصر بمئات المرضى الذين يفترشون الأرصفة المحيطة بالمعهد ويفترش أهل المرضى الشوارع المحيطة! «صوت الأمة» قامت بزيارة للمعهد القومى للكبد ورصدت تفاصيل المأساة! كان لقاؤنا الأول مع بعض الأهالى الذين يفترشون الرصيف أمام مدخل المعهد الرئيسى ويظهر من ملابسهم انهم يجلسون منذ عدة أيام ودليل ذلك شنط الأطعمة والبطاطين التى يتكئون عليها، وبالسؤال .. قال شوقى فهمى «37 عاما» من منطقة القناطر الخيرية إنه جاء للمعهد منذ عدة أيام مع والدة زوجته ومنذ تلك اللحظة وهو يفترش الرصيف هو وزوجته، لأن المستشفى ترفض مرافقة المريض ولا يوفرون لهم مكانا بديلا، واضاف انه تم تحويلهم من مستشفى بنها العام وعندما جاءوا إلى المعهد طلب منهم اشعة وتحاليل جديدة على الرغم من عملهم لتلك الاشعة بمستشفى بنها، ورفض الاطباء قبولها . ويقول الحاج «حسنين مصطفى» من مركز قويسنا وأحد أهالى المرضى بمعهد الكبد والمتواجد حاليا بعائلته أمام باب المعهد، انهم يجلسون منذ عدة أيام لأن المستشفى ترفض دخولهم لمرافقة المريض ولا يوفرون لهم مكانا بديلا، رغم انهم سمعوا عن استراحة للانتظار ولكن لم يخبرهم أحد بالذهاب اليها، واضاف حسنين ان معاملة المريض جيدة ولكن التعامل مع الاقارب هو الذى يضايق الكثيرين . حول تلك المشكلة يقول الدكتور توفيق محمد عبدالمطلب استاذ مساعد قسم الميكروبولوجى والمناعة ومدير العيادات الخارجية بالمعهد انه لا يوجد فى مصر وحدة كبد تتعامل مع الجمهور بطريقة لائقة مثل التى يتم التعامل بها بالمعهد القومى للكبد بالمنوفية مؤكدا ان المعهد الذى أنشىء كوحدة بحثية والذى يسع ل 100 سرير لا يكفى لاستيعاب المرضى من انحاء الجمهورية وبعض الدول العربية واضاف انهم يستقبلون فى العيادات الخارجية ما يقرب من 300 حالة ما بين حالات مترددة وحالات جديدة، بينما قسم الاستقبال يتردد عليه يوميا ما لا يقل عن 50 حالة ومعظمها حالات طارئة مثل القىء الدموى وحالات الغيبوبة الكبدية، وهذه الحالات فى بعض الاحيان لا يوجد لها أماكن خالية ويتم تحويلها إلى المستشفى الجامعى، وحتى يستوعب الاستقبال 11 حالة وبعض الحالات ترفض المستشفيات المحول اليها استقبالها وحينها يقومون بالتشاجر معنا، ونحن نرفضهم حيث لا توجد اماكن لهم ولا نقبل ان يجلسوا على الارض. ومن يتحدث عن سرير يستوعب أكثر من مريض لا يعرف طبيعة مريض الكبد وكيفية علاجه، مؤكدا أنه لا توجد فى مصر عيادة خارجية تعمل للثانية ظهرا، بل العيادات تستمر للثانية عشر فقط، وحيث يوجد بالمعهد 11 عيادة منها 5 عيادات باطنة و2 علاج فيروسات وعيادة للطبيب الاستشارى وعيادة للجراحة و2 للاطفال وصيدليتان ومركز للاشعة بالاضافة إلى معمل وقسم ادارى خاص بالعلاج على نفقة الدولة، واشار إلى ان قرار العلاج على نفقة الدولة يستغرق مالايقل عن 20 يوما حتى يتم انجازه فى المستشفيات الأخرى، ولكن فى المعهد تم الحصول على قرار من وزير الصحة باعتبار المعهد مستشفى طوارئ لا يتجاوز القرار ال10 أيام . ويضيف ان المريض يتكلف 25 % من مصاريف العلاج، فعلى سبيل المثال الصين تجرى بها عملية زراعة الكبد بمليون جنيه، بينما يتكلف المريض بالمعهد 100 ألف جنيه فقط، والباقى يتم تدبيره من التأمين الصحى أو على نفقة الدولة، وما على المريض إلا توفير المتبرع وعن عدم قدرة البعض على تدبير مبلغ ال100 الف اشار «عبد المطلب» إلى ان المريض يجب ان يكون قادرا ماديا، ولأنه مقارنة بالمستشفيات الأخرى اذ تتكلف الزراعة اضعاف هذا المبلغ حتى المستشفيات الحكومية ايضا، حيث تبلغ تكلفة العملية بمستشفى عين شمس 340 الفا أو 350 الفا، وهناك حالات تسافر للخارج. وقال إن الأهالى الذين يفترشون رصيف المعهد يرفضون الجلوس باستراحة المعهد . وقال إن الطاقة الاستيعابية المحدودة للمعهد والتى لا تتجاوز ال100 سرير سوف ترتفع إلى 300 سرير وهذا يعتبر نجاح عظيم . وعن «الأسرة» التى يعالج عليها أكثر من شخص قال إن هناك قوائم انتظار ولكن الحالات كثيرة مما يضطر معها لعمل اسعافات أولية لبعض الحالات على ان تستكمل علاجها بالمنزل مثل حالات البروكوما . وعن دواء الانترفيون أشار إلى أن هناك سمة مميزة للمعهد ان حقنة الانترفيون الاجنبى يبلغ ثمنها بالخارج 1080 جنيها، المعهد استطاع توفيرها ب540 جنيها. الدكتور «توفيق» لم يكتف بحواره معنا، بل قمنا بجولة ميدانية بالمعهد، اشار فيها إلى انهم يحاولون ارضاء الجميع، لكن هناك من لا يرضيه التعامل . وحاورنا الدكتور «مجدى خليل» عميد المعهد القومى للكبد الذى فاجأنا بأنه يعترف بأن هناك أكثر من مريض يجلسون على سرير وانه لا ينكر ذلك، والسبب أن المعهد يحتاج لأكثر من 200 مليون جنيه حتى يستكمل بنيته التحتية. واشار إلى انهم منذ عام 2003 وبعد اكتمال الخطوة الأولى من البنية التحتية، تجمعت خبرات بالمعهد وهى خبرات مصرية درست بفرنسا وامريكا واسبانيا وهى الخبرات التى ساعدت على تحسين اداء المعهد، وسمعته في المنطقة العربية حيث يعالج حاليا مرضى من الاردن وسوريا واليمن وليبيا بالاضافة إلى محافظات مصر عموما. ويقول خليل إن الاقبال كبير جدا علي المعهد بينما الامكانات قليلة والأسرة محدودة. وهي مائة سرير فقط.. ولهذا فكرنا في انشاء مبني جديد وقال: نحن نلهث ونشحت وتدلدل لساننا من أجل 200 مليون جنيه لاستكمال البناء وقال إن السرير لا يوجد عليه مريضين فقط بل العشرات خاصة قسم المناظير. واكد «خليل» أنه يلتزم بالحديث النبوى «من غشنا فليس منا» لذا فهو يصارح بكل الاخطاء حتى يصل لحل، اذ كيف يستوعب سرير واحد 50 مريضا؟! فاذا كنت تريد نظافة وشياكة وخدمة فائقة ستأخذ مرضى فقط وتقول لبقية المرضى ارجعوا إلي بيوتكم ولذا نحاول استيعاب أكبر عدد ممكن، ونحن نريد خدمة المرضى بطريقة أوربية حديثة، ولكن لابد للحكومة ان تساعدنا، ولكنها بدلا من ذلك تأخذ منا فلوس، عن طريق الصناديق الخاصة، حيث تأخذ 20 % وكأنها تكتفنا، مشيرا إلى انه لا توجد حملة قوية يمكنها ان توفر للمعهد 200 مليون جنيه . نحن فى المعهد وفرنا غرفة للمجانى بها 4 سراير، ونسعى لأن يكون 2 سرير لأننا نتعامل مع مواطن ذو طبيعة ريفية، ولنا انا نعرف انه لا يوجد «أحن » على المريض أكثر من طبيبه، لابد من الاقرار بأننا مخطئون حتى نصل للحل. تركنا معهد الكبد لنسأل ما هو مصير مرضى الكبد فى بلد كبدها يحترق . يؤكد الدكتور عادل الركيب استاذ الجهاز الهضمى بكلية الطب جامعة الازهر ان هناك 150 الف مصاب جديد بالفيروس “ سى “ سنويا، لأن الخدمات التى تقدم مازالت كما هى بعد الثورة، ووزارة الصحة لم تقدم جديدا فى مجال الطب الوقائى، ولأنه مازلنا فى انتظار انواع العلاج الجديد الذى ظهر بدول أوربا وامريكا والذى يبلغ تكلفته ما بين 20 إلى 40 الف دولار، والدواء المصرى مازالت تجرى عليه التجارب حتى الآن، مؤكدا ان الفيروس الذى يوجد فى مصر من النوع الرابع وهو الاخطر على الرغم من وجود أكثر من 26 وحدة كبد على مستوى الجمهورية، والاحصائية التى اصدرتها منظمة الصحة العالمية ذكرت ان مصر بها حوالى 12 مليون مريض بالكبد وهى منتشرة فى الصعيد والفيوم وهو ما يبلغ نسبة 8: 12 % من تعداد السكان، وارجع سبب ذلك إلى مرض البلهارسيا والذى كان يستخدم فيه ابر غير معقمة، وانتقلت بسببها المرض، بالاضافة إلى الاجراءات الصحية الضعيفة والعدوى تنتقل عن طريق اليد وربما عن طريق الطبيب المعالج، بالاضافة إلى غياب الوعى الصحى عند المصريين ولأن عدد المستشفيات اقل من عدد المرضى، فعلى سبيل المثال منطقة باب الشعرية يجاوز عددها ال 1.5 مليون ويخدمها مستشفى واحد فقط، وهذا يؤدى إلى قصور فى الاداء وعدم اداء الخدمة بطريقة سليمة، معتبرا ان مشكلة اى دولة تقع على عاتق الحكومة، ولأن القطاع الخاص مكلف نظرا لارتفاع نسبة الفقر ومشاكل التأمين الصحى فلا يعقل ان طبيبا استشاريا يذهب للتأمين الصحى مقابل 40 جنيها يوميا لذا اختفت الكفاءات من التأمين وذهب الاطباء الكبار للمستشفيات الخاصة حيث يتوفر المال وبالاضافة إلى غياب الوعى لدى هيئة التمريض فى المستشفيات، حيث توجد ممرضات يأكلن «محشى » فى غرفة العمليات. بينما يؤكد الدكتور احمد عبدالمعطى النجار استاذ الكبد بالقصر العينى ان المستشفيات عموما تعانى من مشكلة الازدحام وتراص المواطنين على الأسرة وذلك ونظرا لقلة الامكانيات والتبرعات نظرا لغياب الأمن، ولأن الأهالي لا يتفهمون سبب المشكلة تحدث مشاجرات وشتائم للاطباء والادارة. واضاف النجار ان معاهد الكبد تحاول استيعاب المرضى ولكن ارتفاع عددهم يحول دون ذلك، معتبرا ان مريض الكبد فى مصر يعانى من عدة مشاكل منها قلة الامكانيات المتاحة وقلة عدد المتخصصين، والمستشفيات ليست بالجاهزية الكافية لتستوعبهم . ويرى الدكتور «جمال عصمت» رئيس الاتحاد الدولى لاطباء الكبد ونائب رئيس جامعة القاهرة، ان هناك تجارب يجب ان تجرى حتى يتم معرفة الاسباب الحقيقية لمرض الكبد وهناك من يتاجرون بالمرضى، معتبرا ان المشكلة ليس فى سرير يتوفر وان كان ضروريا ولكن المشكلة تتمثل فى تقديم خدمة مثالية وتلك مشكلة مجتمعية، فالمجتمع الضعيف فى المرور والطاقة وغيرها لا ينتظر تقدمه فى مجال اخر، مؤكدا ان غرف العناية المركزة هى التى ربما تشهد عجزا، وعن وجود عدد كبير من مرضى الكبد فى مصر اشار إلى ان العالم به 180 مليون مريض بالتهاب الكبد الوبائى، ومصر بها 10 : 12 مليونا ونظرا لاختفاء التخصص يصعب التشخيص، كما ان هناك اطباء يستغلون المرضى فى الدواء وذلك من خلال تعاملهم مع شركات ادوية معينة . ويرى الدكتور خالد الخطيب مساعد وزير الصحة للرعاية العاجلة ان استقبال المرضى وجلوسهم فى المعهد القومى للكبد يمكن مراجعته من خلال هيئة المستشفيات التعليمية، وان اختصاصه فقط بالمستشفيات الحكومية، والتى تستقبل المرضى بالمجان وفى الحالات الحرجة يعمل لهم علاج على نفقة الدولة . بينما يرى الدكتور عصام الدين سليمان استاذ جراحة الكبد بالمعهد القومى ان مصر بها مالا يقل عن 15 مليون مريض بالتهاب الكبد الوبائى، نظرا لاسباب كثيرة منها نقل الدم واسباب اخرى مازال يبحث عن طبيعتها، مضيفا ان هناك انواع ادوية على المستوى العالمى لمقاومة المرض منها ما هو مناسب للنوع الجينى الرابع فى مصر، وهذه الادوية منها ما هو محلى الصنع ومنها ما هو مستورد. يذكر ان المعهد القومى للكبد أسسه الدكتور «ياسين عبد الغفار» عام 1985 وتعاقب على عمادته عدد من الاطباء المشهورين مثل الدكتور عمرو حلمى وزير الصحة الاسبق، ويرأس عمادته حاليا الدكتور مجدى خليل، ويتكون مجلس ادارته مما يقرب من 24 عضوا، استقبل فى عام 2011، ما يقرب من 7179 حالة منها 4930 حالة داخلية للكبد، و696 حالة عيادة داخلية، و644 حالة رعاية مركزة للكبد، و1798 حالة منظار واستقبلت العيادات الخارجية 53857 حالة كبد والمعامل 828540، وشهدت عمليات زرع كبد وصلت إلى 43 حالة، وبلغ عدد المترددين عليه 58999 وتعتبر مدة اقامة المريض بالعناية “ 5" أيام وبعدها يظل فى جناح العناية “ من 10 أيام إلى ثلاث اسابيع، وتشمل وحدة الزراعة 6 غرف وجناحا به 5 اسرة ويجب مع الحالة وجود خبير يابانى يحضر كل شهرين إلى ثلاث شهور، بينما يشمل المعهد على عدة اقسام منها طب الكبد وجراحة الكبد والباثولوجى والتحاليل الطبية والصحة العامة والكيمياء الحيوية نشر بتاريخ 11/2/2013 العدد 635