التعليم تعلن مسابقة لشغل وظيفة معلم مساعد    السلطات الأردنية: سقوط جسم متفجر في مدينة العقبة دون وقوع إصابات    بعد إنذار السكان بالإخلاء.. إسرائيل تقصف الضاحية الجنوبية في بيروت    سقوط صاروخ آخر على الضاحية الجنوبية في بيروت    ميسي يهرب من "إعصار ميلتون" قبل مواجهة فنزويلا    وقعوا في الترعة.. مصرع طفلين شقيقين غرقا ببني سويف- صور    ما هي القرارات الجديدة لسيارات المعاقين؟.. تعرف عليها    الولايات المتحدة محبطة من عدم مشاركة إسرائيل للبيت الأبيض بخطة الرد على الهجوم الإيراني    جيش الاحتلال يعلن اعتراض هدف جوى فوق البحر الأحمر    ذكرى نصر أكتوبر| اللواء شمس الدين: «الرادارات كانت عين كل الأسلحة»    مهاجم الزمالك يكشف كواليس عدم إتمام انتقاله للأهلي.. الوقت    كرة سلة - الاتحاد يهزم الوحدة الإماراتي ويصعد لنصف نهائي البطولة العربية    عضو إدارة الجبلاية يتراجع: تصريحاتي عن أكبر قلعة رياضية في مصر اتفهمت غلط    هل طلب ليفربول عدم مشاركة محمد صلاح أمام موريتانيا.. اتحاد الكرة يوضح    هشام نصر: الزمالك أكبر قلعة رياضية في مصر أمر مُسلم به.. وموقف إيجاريا    تصفيات أمم أفريقيا.. بعثة موريتانيا تصل القاهرة استعدادا لمواجهة منتخب مصر    طلاب الجامعة الأميركية بالقاهرةيتظاهرون رفضا للعدوان الصهيونى على غزة وبيروت    «ضربوه ب النار».. محاكمة جنائية ل عاطلين سرقوا سيارة بالإكراه من قائدها بالشروق    38 كيلو مخدرات.. محاكمة 3 أشخاص ضبطوا قبل ترويج الكيف في الشروق وبدر    تفاصيل مداهمة أكاديمية تعليمية غير مرخصة تديرها سيدة في الدقهلية    ميتا تطلق منصة محادثة الذكاء الاصطناعي في 21 دولة جديدة    11 جائزة لطلاب معهد الفنون المسرحية بمهرجان ظفار الدولي بسلطنة عمان    أحمد الشريف: الشعر سيد الكلام وحب الكتابة يبدأ دائما بحب قراءته    علي جمعة يكشف عن شرط قبول الصلاة على النبي وأفضل صيغة ترددها    حدث ليلًا| بيان حكومي مهم بشأن موسم الحج 2025 وموعد إصدار قانون العمل الجديد    هيئة الإسعاف تكشف عن لائحة أسعار جديدة لخدماتها غير الطارئة    أسعار السمك والكابوريا بالأسواق اليوم الخميس 10 أكتوبر 2024    تراجع 280 جنيهًا.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 10 أكتوبر 2024 تفاجئ المصريين في الصاغة    محافظ الدقهلية يتجول بشوارع المنصورة منفردا ويستمع لمطالب المواطنين    8 سيارات إطفاء وخسائر مادية.. التفاصيل الكاملة لحريق مصنع «تنر» في المنوفية    أجواء معتدلة والشبورة مسيطرة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 10 أكتوبر 2024    الصحة اللبنانية: ارتفاع حصيلة ضحايا الغارة الإسرائيلية على بلدة الوردانية ل 5 شهداء و12جريحا    بوتين: البطالة في روسيا عمليا عند مستوى الصفر في الوقت الراهن    انشغالك الذهني قد يؤدي إلى كوارث.. حظ برج الجدي اليوم 10 أكتوبر    خبير: "حياة كريمة" تعكس اهتمام الدولة بالمواطن وتوسيع أنماط الحماية الاجتماعية    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 10 أكتوبر.. «يوما للعلاقات الرومانسية»    حظك اليوم| برج الأسد 10 أكتوبر.. «تعامل بشجاعة وتفاؤل»    اليوم.. انطلاق منافسات مجموعتي القاهرة بدوري القسم الثاني    أيمن بدرة يكتب: نور انتصار أكتوبر    هانئ مباشر يكتب: أبطال في سماء العلا    وصفة سحرية.. 4 فناجين من القهوة لإطالة العمر ومحاربة الاكتئاب    اضطراب الوسواس القهري «OCD».. تعرف على الأعراض والأسباب    الثوم والفلفل الأحمر.. أطعمة مناسبة لمرضى الكلى    أشرف عبد الباقي يهنئ الفنان علاء مرسي بزواج ابنته    حدث بالفن| وفاة منظم حفلات شهير وبكاء فنانة ومشهد لم يعرض بفيلم "إبراهيم الأبيض"    سعر الدولار الآن مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الخميس 10 أكتوبر 2024    قرارات عاجلة من وكيل تموين الغربية بسبب مولد السيد البدوي (تفاصيل)    "معلومات الوزراء" ينشر إنفوجرافا عن وظائف قطاعات الطاقة المتجددة    محافظ قنا ومساعد وزير التنمية المحلية يبحثان الموقف التنفيذي لمشروعات برنامج تنمية صعيد مصر    رويترز: حملة هاريس جمعت مليار دولار منذ ترشحها للرئاسة    قرار جديد ضد المتهمين بسرقة فيلا موظف بالمعاش في الشروق    الأوقاف تعقد دورات لعمال المساجد في التعامل اللائق مع ضيوف الرحمن    البابا تواضروس الثاني يتأمل في طِلبة "قبولاً للأيتام"    الدعاء يوم الجمعة: بركات واستجابة في اليوم المبارك    خالد الجندي: القرآن تحدث عن الرجولة بفخر.. والشذوذ مهانة وخروج عن طاعة الله    اتفاق تعاون بين مصر ونيوزيلندا لتعزيز سلامة الغذاء وتسهيل التبادل التجاري    معركة المنصورة.. أطول المعارك الجوية فى التاريخ    الأزهر يعلن فتح باب التقدم لمسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واشنطن وطهران وبكين على كف عفريت.. هل يصطدم قطار الطاقة بحائط البيت الأبيض؟
نشر في صوت الأمة يوم 06 - 07 - 2018

ركب دونالد ترامب قطاره ومضى، لا يبدو أن أحدا بوسعه إيقافه، أو إلزامه بالمحطات والإشارات وضوابط السير على القضبان، بينما تتأهب قطارات أخرى للإقلاع من محطاتها، ولا تُقر حق واشنطن في الهيمنة على الطريق وحدها.
الغبار الذي تثيره الإدارة الأمريكية يهدد عيون الجميع، ولا ضمانة لأنه لن يرتد ليصيب عيني الولايات المتحدة نفسها، حتى لو كان بإمكانها حتى الآن الإمساك بمفاتيح اللعب، والتحكم في حركة الخصم.. فدائما هناك خيارات أخرى لم تظهر بعد.
في تداولات سوق الطاقة العالمية الأربعاء الماضي، ارتفعت أسعار النفط بشكل غير متوقع، مطيحة بكل المؤشرات التي استشرفت الاقتراب من منطقة تعادل دافئة بين العرض والطلب، وبدء سريان الأسعار في مسار هابط، مع زيادة تدفقات "أوبك" مطلع الشهر الجاري.
الارتفاع الذي فاجأ الأسواق أول من أمس، ما لبث أن تحول إلى اللون الأحمر، لم يحافظ النفط على استقراره فقط، بل هبط بنسبة ملحوظة، والغريب أن الهبوط لم يأت مدفوعا بزيادة التدفقات أو هدوء التوترات في جبهات الإنتاج الساخنة، وإنما كان سببه المباشر تغريدة عادية للرئيس الأمريكي.
في تغريدته عبر "تويتر" طالب دونالد ترامب منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" بالعمل على تقليص أسعار البترول عالميا، كان الطلب بلهجة حادة، لكن المؤكد أن حدة اللهجة ليست سببا كافيا لدفع الأسعار خطوة للخلف.
الأثر السريع لرسالة ترامب ل"أوبك" ربما يشير في جانب كبير منه إلى قدرة المنظمة على التحكم في الأسعار بشكل لحظي، ربما في ضوء قدرتها على توفير مزيد من التدفقات السريعة، بمعنى أنها لا تضخ كامل إنتاجها مباشرة للأسواق، أو أن هناك فقاعة مصنوعة في الطلب، يمكن أن تتدخل المنظمة أو غيرها من الأطراف لنكزها بدبوس خفي، ليستعيد العرض قوته في مقابلة طلبات الشراء، وتتوازن الأسعار.
إذا تجاوزنا قدرة "أوبك" على الاستجابة للطلبات بشكل عاجل، فإن تدخل ترامب وما تبعه من تراجع في أسعار النفط، لا يمكن فصله عن موجة الحرب التجارية المتصاعدة بين واشنطن وبكين، خاصة مع الاقتراب من سريان الرسوم الجمركية المتبادلة بين البلدين، والمقرر أن تبدأ الولايات المتحدة تطبيقها خلال ساعات.
حالة الترقب المحيطة بملف الصراع التجاري كان لها تأثير اقتصادي آخر، لا يقل ضغطا وإزعاجا عمّا يحدث في سوق الطاقة، إذ شهدت الأسواق المالية الآسيوية موجة هبوط كبيرة خلال تعاملات الخميس، وفي ظل علاقة طردية بين الطاقة وسوق الأسهم، فإن التراجع المتزامن يشير إلى آثار سياسية ومخاوف مباشرة أكثر من إشارته لضغوط اقتصادية حقيقية.
الأسعار التي سجلها النفط في تعاملات الخميس، شهدت قفزة في سعر الخام القياسي "مزيج برنت" في العقود الآجلة بنسبة 0.7% منخفضا 56 سنتا عن سعر إغلاقه في تعاملات الأربعاء الذي سجل 77.68 دولار للبرميل، كما تراجع الخام الوسيط الأمريكي "غرب تكساس" 0.6% بواقع 45 سنتا عن سعر الإغلاق السابق البالغ 73.69 دولار للبرميل.
في تغريدته الحادة التي دفعت سوق النفط للخلف بقوة، اتهم الرئيس الأمريكي منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" بدفع أسعار الوقود للصعود، وواصل حدته بالقول: "على أوبك المحتكرة تذكر أن أسعار البنزين مرتفعة، وأنهم لا يفعلون شيئا للمساعدة. هم يدفعون الأسعار للارتفاع، بينما الولايات المتحدة تدافع عن كثير من أعضائها مقابل قليل جدا من الدولارات.. هذا يجب أن يكون طريقا في اتجاهين، خفضوا الأسعار الآن".
الملفت أن ترامب لم يوجه هذا الخطاب الحاد خلال الشهور الماضية، التي شهدت تقليصا حادا لإنتاج "أوبك"، بواقع 1.8 مليون برميل يوميا، بدأ سريانه في الشهور الأخيرة من 2017، واستمر حتى أقرت المنظمة في اجتماعها بالعاصمة النمساوية فيينا أواخر يونيو الماضي، إعادة ضخ مليون برميل من هذه الكمية مرة أخرى اعتبارا من يوليو.
الصبر الطويل للإدارة الأمريكية، والضيق الذي بدا في تغريدة "ترامب" الأخيرة، ربما يشيران إلى أن الهدف من هذه اللهجة الحادة ليس التراجع بأسعار النفط، وإنما تحقيق غاية أخرى، لعلها ترتبط بالملف الإيراني، خاصة أن واشنطن طالبت "أوبك" وبعض أعضائها في وقت سابق بدراسة آليات تعويض التدفقات الإيرانية المنتظر توقفها مع بدء سريان حزمة عقوبات أمريكية جديدة عليها في نوفمبر المقبل.
إيران من جانبها لم تتعامل مع الأمر بإذعان أو انتظار لمحطة إقرار العقوبات، فهددت بالتحرك والرد على قرار أمريكي بحقها، وهدد مندوبها في "أوبك" بالانسحاب من المنظمة حال توزيع حصتها أو تدخل أي من الأعضاء لتعويض إنتاجها المنتظر غيابه مع سريان العقوبات، ودخل الرئيس الإيراني على خط الأزمة منتقدا سياسات واشنطن ومعبرا عن استهتاره بها.
في مؤتمر صحفي مع رئيس الاتحاد السويسري آلان برسيه، استضافته مدينة "برن" التي تُعد العاصمة السياسية لسويسرا، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن تهديدات واشنطن "مُبالغ فيها ولا يمكن أن تتحقق على الإطلاق. فسيناريو من هذا النوع يعني أن واشنطن تفرض سياسة إمبريالية وتنتهك القواعد والقوانين الدولية بشكل فاضح" مشددا على أن منع إيران من تصدير النفط جائر ولا أساس له و"محض خيال".
وربط "روحاني" في تسفيهه للتهديدات الأمريكية بين خروج واشنطن من التفاق النووي وبقاء إيران وباقي الدول الكبرى فيه، مؤكدا أن طهران ستبقى في الاتفاق "طالما ظلت مصالحها مُحترمة في إطاره ويمكنها الاستفادة من الامتيازات المُدرجة به" وهو ما أكده الرئيس السويسري بيرسيه بقوله: "ندرك أن انسحاب واشنطن يمكن أن يُعرقل التقدم. ومن وجهة نظر سويسرا نرى أن الاتفاق حقق نجاحا غير مسبوق".
الصورة التي تشهدها سوق النفط بتذبذباتها المتواصلة، ربما تؤكد صعوبة التخلي عن التدفقات الإيرانية، لكن الولايات المتحدة تحاول التقليل من أثر العقوبات وحظر صادرات النفط الإيراني، وهو ما أكده براين هوك، مدير التخطيط السياسي بالخارجية الأمريكية، المعني بإدارة التفاوض مع حلفاء واشنطن بشأن الاستراتيجية المرتقبة تجاه إيران، والذي أكد قبل عدة أيام أن البيت الأبيض يثق في توفر احتياطات نفطية عالمية تكفي للاستغناء عن تدفقات طهران.
الخطير في الأمر أن الولايات المتحدة أحد أكبر المتضررين من التدفقات الشحيحة التي شهدتها الأسواق خلال شهور تقليص الإنتاج، وأن احتياطياتها من الخام فقدت ملايين البراميل، والمؤكد أنها ستسعى لتعويض هذه الفواقد، ما يعني أنها سترفع نسبة الطلب المباشر على النفط، وفي ضوء مركزها المعنوي وسطوتها السياسية والاقتصادية فإنها ستحظة بتلبية مباشرة لطلباتها، وبالتبعية فإن أطرافا أخرى ستعاني من تقليص الإمدادات، غالبا ما ستكون الأطراف الأضعف.
بحسب خريطة العقوبات الأمريكية المرتقبة، فمن المقرر أن تعيد واشنطن فرض حزمة العقوبات السابقة على شركات السيارات والمعادن المتعاملة مع إيران اعتبارا من 6 أغسطس المقبل، بينما يبدأ سريان الحزمة الجديدة في 4 نوفمبر، ومن المنتظر أن تشمل التعاملات المالية والنفطية، ما يعني أن تأثيرا كبيرا في انتظار البنوك وشركات النفط الكبرى عالميا.
على الجانب المقابل تتصاعد حدّة الصراع بين الولايات المتحدة والصين، ظاهر الأمر أن هناك حربا تجارية ومناوشات على خلفية ملف الرسوم الجمركية التي فرضتها واشنطن وهددت بكين بالرد عليها بالمثل، لكن في خلفية المشهد تحضر تفاصيل أخرى عديدة ربما ترتبط بشبه الجزيرة الكورية، والموقف الأمريكي من تايوان التي تعتبرها بكين إقليميا صينيا وتتعامل معها واشنطن كبلد مستقل، وربما يرتبط أيضا بإيران.
العلاقات الاقتصادية بين الصين وإيران جيدة، والتبادل التجاري بينهما متصاعد، وأي عقوبات بحث طهران ستترك تأثيرا مباشرا على الاقتصاد الصيني، إضافة إلى أن بكين قد تُحب بالتأكيد أن تماس ضغوط على واشنطن، أو تكون مصدر إزعاج لها في إحدى ساحاتها الساخنة، كما تفعل الإدارة الأمريكية معها الآن، وكما اعتادت كل الإدارات السابقة.
هذه الحالة من التوتر يؤكدها سياق التصعيد الآخذ في التنامي على خلفية معركة الرسوم الجمركية، التي قالت عنها وزارة التجارة الصينية مؤخرا إنه خطوة مباشرة باتجاه "فتح النار على العالم بأسره"، موجهة رسالة تحذيرية حاسمة مفادها أن الرسوم الأمريكية المرتقبة على السلع الصينية، ستشكل ضغطا مباشرا على الجميع وسلاسل الإمداد العالمية، وفي خطوة عملية للرد قالت الجمارك الصينية عبر موقعها الإلكتروني، إن رسوما جمركية صينية على سلة من السلع الأمريكية جاهزة للتطبيق الفوري ردا على موقف واشنطن.
وسط هذا التداخل الشديد في الخيوط ومسارات الصراع، يبدو أن المعارك الصغيرة قد تتقارب وتتجاذب، بقوة المصالح أو العداء، لتصنع سياقا عاما من الصراع، أو معركة كبيرة، ربما تحضر فيها روسيا لاحقا على خلفية دعمها لإيران، أو مناوشتها للبيت الأبيض، خاصة أنها المنتج الأكبر عالميا للنفط وربما لا تحب أن تُقاد السوق بقرارات أمريكية، وحال تطور هذه المسارات بشكل دراماتيكي لا تحكمه إرادة الولايات المتحدة، فإن مزيدا من الحرائق في انتظار آبار البترول، ومخازن التجارة أيضا.. فالجميع تقريبا "على كف عفريت".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.